رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نذير شؤم


لم نر حسمًا فى الحركة، وكفاءة فى الحشد، ومهارة فى التجييش، وسرعةً فى اتخاذ القرار، مثلما رأينا فى موضوع قرار فصل الأستاذ «محمد أنور السادات»، عضو البرلمان، وطرده من جنة «سيد قراره»، باعتباره «عدو الشعب»، الذى ينبغى القضاء على صوته، والتنكيل به، وحرمانه من نعيم الحياة، وإدانته إدانة لا رد لها، ووصمه بكل النقائص، و«تجريسه» على الملأ، لكى يكون عبرة لمن يعتبر، ودرسًا لمن تسول له نفسه أن «يكح» فى أروقة البرلمان الهمام!.


ولا اعتراض على هذه الهمّة التى تَبَدّت على أقوى ما يكون، فى قضية النائب «السادات» بالطبع، لكن ألا يحق لنا، أى للشعب الذى يُفترض فى البرلمان تمثيله، والقيام على رعاية حقوقه وصيانة مصالحه، أن نتساءل: ما هى الجريمة الحقيقية التى ارتكبها العضو السابق، بالفعل، والتى تجيز اتخاذ مثل هذه العقوبة الباترة فى حقه؟!، وما هو الفعل الشائن الذى يستحق خوض هذه المعركة البائسة ضده، والتىانتهت بنصر «مؤزرٍ»، لـ«الأغلبية» الكاسحة، هو نصرٌ للهزيمة أقرب؟!.

ثم وما دام برلماننا الهمام، وأعضاؤه الموقرون، لديهم كل هذه الطاقة والحيوية، والقدرة على الاجتماع والقرار، والحسم والبتر، فهل لهم أن يُجيبونا على مئات الأسئلة، التى تطرح نفسها، بالمناسبة، ومنها، على سبيل المثال:

- أين كانت كل هذه المظاهر فى قضية النائب الدكتور «عمرو الشوبكى»، الذى قضت المحاكم بأحقيته فى عضوية البرلمان، والجلوس على المقعد الذى ناله، دون استحقاق، السيد «أحمد مرتضى منصور»، وتم ضرب عرض الحائط بأحكام القضاء، ولايزال «عمرو الشوبكى»، وبعد أشهر من الحكم، فى الانتظار؟!، بل أين البرلمان من حكم القضاء برفع الحصانة عن السيد «مرتضى منصور» نفسه، لصالح لاعب الكرة «أحمد حسن»، الذى تعرّض للسب والإهانة، وفى انتطار ما يبدو أنه لن يأتى أبداً؟!.

- وإذا تركنا هذه القضايا الفردية، رغم دلالتها، وانتقلنا إلى الأشمل والأهم، فدعونا نوجه تساؤلنا المباشر لأغلبية النواب، «الذين احتشدوا وتنادوا، على هذه السرعة، للتنكيل بزميل لهم»، ما موقفكم الفعلى، الذى لم نسمع به، من القضايا والمشكلات الحقيقية، التى تشغل بال الشعب، ومن الهموم التى تقض مضاجعه، وتؤرق باله، وتنكد عليه عيشته، وتدفعه للاحتقان والغضب، وتضعه على حافة الغليان والانفجار، من نوع: تفاقم الفقر، واستفحال الأسعار، وانهيار الخدمات الصحيّة، وتَغَوُّل شبكات الفساد، وتَعَذُّر سد احتياجات المعيشة الأساسية لعشرات الملايين، والفوضى المجتمعية، والتردى البيئى.. إلخ .. إلخ؟!.

- بل ما رأيكم، الذى لم نعلمه، فى القضايا الخطيرة والحاسمة، التى شغلت، وتشغل بال المواطنين جميعاً، وتُشَكِّلُ تهديدًا بالغًا لمستقبل مصر، وعلى الأمن الوطنى والقومى، من نوع تدهور أوضاع التعليم، فى جميع مستوياته، والارتفاع الفلكى فى أسعاره، حتى لا نتحدث عن مخاطر، مثل سد النهضة، على مستقبل مصر والمصريين، ومصير الجزيرتين اللتين قضى القضاء بأحقية مصر فيهما، ودعوة الرئيس الأمريكى الجديد، «دونالد ترامب»، إلى تكوين «حلف سُنّى أمريكى صهيونى»، تلعب مصر و«إسرائيل» دورًا مهمًا فيه؟!.

- وإزاء ما تقدم، فمن حق المرء أن يتساءل: ألا يكون التربص للانتقام من نائب فى البرلمان، على نحو ما شاهدناه، لأنه فَجَّرَ قضية شراء ثلاث سيارات مُحصّنة فاخرة، لقيادات المجلس، فى وقت يئن المجتمع فيه من الجوع والفقر والفاقة؟!.

أيها السادة الساكنون فى مقر «سيد قراره»: أشم فى الجو رائحة كريهة. وأرى فى غيوم الأفق نذير شؤم قادم. واسترجعوا درس التاريخ القريب، حينما قال قائلٌ، فى عهد برلمان سابق: «خليهم يتسلوا»؟!.