رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قلاش وعبدالمحسن.. والمقاومة الصحفية


أكثر من سبعين مقالًا قرأتها خلال الساعات الماضية عن «سيناء»، وما يحدث للأقباط والمسلمين هناك من إحراق وذبح ومطاردة على أيدى تنظيم داعش المسلح والعميل، مقالات تفيض لوعة وحسرة وألمًا على ما يتعرض له المصريون فى سيناء، وتعبر عن روح مصرية افتقدناها طويلًا، فالنبرة التى يتحدث بها معظم الكتاب والصحفيين هذه المرة حزينة ومجروحة، ويكاد أصحابها يقفزون من بين الكلمات ليعلنوا الزحف إلى سيناء.

وسيتضاعف عدد هذه المقالات بعد دقائق من قراءة هذه الكلمات بالطبع، وكل هذا حسن وجميل ورائع، ويؤكد أن إعلام مصر مهما تراجع سيظل يقظًا فى اللحظات الحرجة من عمر الوطن، وأظن أن الجميع يتفق على أن اللحظة ليست لحظة كتابة مقالات وبكاء وعويل لا طائل من ورائه، وهناك طرق أخرى نستطيع من خلالها - كجماعة صحفية- أن نسلكها، لنعلن للعالم كله أن الإعلام المصرى بكافة أطيافه وتياراته على استعداد للزحف فورًا إلى سيناء ليس لكتابة شهادات حية ومقالات «طازة» من هناك ولكن لنكون دروعًا بشرية فى معركة حقيقية أعلنتها عصابات داعش على مصر وشعبها، لم تكن المقاومة فى بورسعيد 1956 سوى لحظة مماثلة اتفق فيها الضمير الجمعى المصرى على محاربة الصهاينة وأعوانهم، بصرف النظر عن جنسية هؤلاء الأعوان والخونة، ولا تحتاج منى استعراضًا لتاريخ المقاومة الشعبية وأشكالها وأساليبها فى مصر، وبما أن انتخابات نقابة الصحفيين ستعقد خلال ساعات من الآن «صباح الجمعة ٣ مارس» فاللحظة مواتية تمامًا لإعلان موقف عملى واحد، ولا نحتاج سوى الاتفاق على شكل أو أسلوب نقاوم به هذه العصابات التى أعلنت حربًا قذرة لمطاردة الأبرياء وانتهاك أعراضهم، وذبحهم والتنكيل بجثثهم.

الدم الذى سال هناك لن يتوقف بالمقالات وحدها، وإجبار العائلات على النزوح والنقل من أرضهم ووطنهم، ولن يتوقف بسب ولعن داعش وقطر وتركيا وذيول الإخوان فى مصر ومؤسساتها، الدولة المصرية بأقباطها ومسلميها ويسارها ويمينها ورجالها ونسائها وشبابها وبناتها تواجه غولًا متوحشًا من المرتزقة، والمقاومة تبدأ من الآن، فكل يوم يتم تصوير ما يجرى على أنه انتصار للعملاء والخونة على مصر وشعبها. لا أعرف طريقة محددة كى نكون فى أول الصفوف ويعرف العالم كله أن «القلم» المصرى سلاح على الورق والجبهة أيضًا.

أحلم وأتمنى أن تكون انتخابات النقابة عيدًا وطنيًا وليست صراعًا على مقعد نقيب أو عضو مجلس نقابة، خاصة أن الأحداث المؤلمة فى سيناء لم تسمح للمرشحين باستعراض وافٍ لبرامجهم وأفكارهم، وربما كانت جولات الزملاء المرشحين إلى الصحف هذه المرة هى الأقل فى تاريخ الانتخابات النقابية، فالحدث الأكبر جعل ما يجرى فى الداخل غير مهم أو على الهامش، وكان الحرج مرافقًا لكل الزملاء الذين التقيتهم فى جولاتهم، وكأنهم يقولون «إحنا عارفين إن مش وقته.. بس لازم»، ومن وجهة نظرى المتواضعة أن التصويت فى الصندوق سيكون غير عادل ويخلو من الموضوعية فى كثير من الاختيارات، كما أن تأجيل الحكم فى قضية النقيب الحالى «يحيى قلاش» سيؤثر بلا شك على التصويت وقد يظلمه، خاصة أن هناك من يراه عدوًا للدولة وليس معارضًا، ولن ينجو منافسه «عبدالمحسن سلامة» من هذا التأثير ربما بشكل سلبى أيضًا فيفقد مؤيدين لن يرتاح ضميرهم إذا صوتوا له ونقيبهم الحالى ينتظر حكمًا بالسجن!، وأظن أن الزميلة «جيهان الشعراوى»، المرشحة لمنصب النقيب، لم تأخذ حقها من الوقت لزيارة مقرات الصحف والمجلات لعرض برنامجها، وهناك «ذيول» للإخوان من المرشحين الذين سيحصدون أصواتًا بالعاطفة والغباء السياسى وليس لبرامج أو سمعة أو تاريخ، ما أريد قوله إن اتخاذ موقف وطنى تجاه ما يحدث فى سيناء منذ ثورة 30 يونيو حتى اليوم يعيد إلى الجماعة الصحفية تماسكها وهيبتها وصدقها أمام الرأى العام، وإن الاتفاق على خطوة عملية تقوم بها نقابة الصحفيين أفضل كثيرًا من صراعات صغيرة لن نحصد من ورائها سوى التشاحن والتباغض والتفرقة فى وقت عصيب على الأمة المصرية.