رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سعد الدين إبراهيم.. حواجب العفريت تتكلم!


لا أظن أن صديقى «سيد خلف» صادق فى المعلومة التى قالها لى عن وجود «حواجب عفاريت» يستطيع الإنسان أن يضعها فوق عينيه وتساعده على الظهور فى أماكن متفرقة وبوجوه مختلفة، وأن شعرة واحدة من حواجب العفاريت تجعل صاحبها يعيش ويتواجد وينمو ويترعرع مهما ارتكب من أخطاء وخطايا، فلا أحد يتذكر ما فعل ولا أحد يستطيع أن يحاسبه لأنه ساعتها سيكون شخصًا آخر بملامح أخرى وإن بقيت حواجب العفريت مكانها!!



شىء عجيب!، ولا شك أن «سيد» كان يسرح بخيالى وهو يؤكد أن الإنترنت مليان بعروض لحواجب ضخمة منفوشة وخشنة جدًا تُباع فى بلاد الأفيال وتستحوذ على تجارتها قبائل الفولاذ التى تمتد جذورها إلى مملكة السحر الكبرى!

تركتُ صديقى «سيد» ولم يتركنى التفكير فيما قال، حواجب عفريت!!، ولا أعرف لماذا قفز اسم الدكتور «سعد الدين إبراهيم» فى تلك اللحظة؟، انشغلت به قبل ثلاث سنوات تقريبًا، وكتبتُ عن علاقاته بسيدات المجتمع الراقى وزوجات الرؤساء والأمراء، لكننى نسيته تمامًا بعدها، لماذا ظهر وتجسد أمامى الآن؟!، معقولة؟! هل حصل الدكتور على شعرة أو شعرتين من حواجب العفريت التى تباع فى بلاد الأفيال؟! لماذ ظهرت صورته الآن فى رأسى يا رب العالمين؟! لماذا أنت يا دكتور سعد بالذات؟ شُغل عفاريت ده ولا إيه؟، صحيح أن الرجل تنطبق عليه مواصفات كثيرة من الظهور المتكرر بأشكال وآراء متناقضة، وصحيح أن أحدًا من أبناء جيلى لم يره مرة تشبه الأخرى، وصحيح أننا لا نعرف له شكلًا أو لونًا أو طعمًا ثابتًا، لكن هل وصل الأمر إلى شراء «حواجب العفريت» واستخدامها فى عمليات متعددة ومتغيرة ومتناقضة!

قبل أن تظهر العفاريت نفسها، كان الدكتور سعد الدين إبراهيم يعيش فى عصر السادات ونجح بالفعل فى الوصول إلى قصر الرئيس المؤمن عبر بوابة السيدة جيهان، ويروى الدكتور أنه عاد إلى مصر عام 1974، وأنه كان بعيدًا عن السلطة تمامًا حتى حدث المراد من رب العباد: «سمعتنى السيدة جيهان السادات أحاضر فى الجامعة ثم سمعتنى أحاضر فى أمريكا وأخبرت زوجها بأهمية أن يسمع إلىّ.. وفى يوم 30 أغسطس 1981 التقيت الرئيس السادات فى استراحته بالإسكندرية وقد استمرت المقابلة 3 ساعات ثار على فيها عدة مرات لكنه كان يستمع لما أقوله، وفى نهاية اللقاء طلب منى أن أعد لمؤتمر أدعو فيه 500 مثقف عربى ليتحاور معهم إما لإقناعهم بأن ما فعله فى كامب ديفيد كان صوابا وإما أن يقنعوه بأنه على خطأ، ووعدته أننى سأفعل ذلك وذهبت فى جولة فى العالم العربى كى أدعو هؤلاء الـ500 وقبل أن تنتهى الجولة كان قد اغتيل».

نستطيع هنا أن نرى وجهًا لشخص كاد أن يقترب من الرئيس بتدشين مؤتمرات لتجميل كامب ديفيد وتحميل المثقفين العرب فى ميكروباص لفنادق القاهرة للقيام بمهمة الغسيل والتجميل.. أقول: نستطيع أن نرى أستاذًا جامعيًا مثقفًا ساعد السيدة جيهان فى حصولها على الدكتوراه وكافأه زوجها بالاستماع إليه واستخدامه فى مهمة ثقافية كبيرة، لكن هل هو سعد الدين إبراهيم بشحمه ولحمه؟ أم شخص وضع حاجب العفريت؟

الحقيقة أن الذى رأيته منذ قليل فى بيت السادات قبل اغتياله كان شخصًا يحمل نفس حواجب الدكتور، لأن الدكتور الحقيقى كان يجلس فى نفس الوقت مع «محمد حسنى مبارك»، نائب السادات! وكان يرعى أيضًا المستقبل العلمى والثقافى للسيدة «سوزان» زوجة النائب والمرشحة بقوة للقب السيدة الأولى!.

ولستُ أنا من يدعى على الرجل تلك القدرات، لكنه هو الذى كتب بنفسه: «.. كان أول لقاء لى مع حسنى مبارك نائب رئيس الجمهورية خلال حفل تخرج (سوزان ثابت) من الجامعة حيث وجهت سوزان لىَ الدعوة بالحضور وقبلتها.. ووقتها علمت أن الطالبة (سوزان) تنقل كل ما أقوله أثناء محاضراتى من انتقادات عن الرئيس السادات ونظامه لنائب الرئيس.. ولكن منذ هذا الحفل توالت الاتصالات بينى وبين مبارك وكان يطلب منى أن أضع له محاور وخطباً ليلقيها فى الزيارات والمناسبات المختلفة».. بصرف النظر عن الحقيقة والكذب فى قصة وضع الخطب والمحاور للسادات، إلا أننا أمام شخص من لحم وشحم، وها هو قد اختلط بالرئيس القادم وصعد مع العائلة المباركية من اللحظة الأولى لصعودهم العرش، وعبر سنوات ظل الوضع هادئًا ومريحًا للمثقف الذى أصبح «الناصح» الأمين للزوجة التلميذة، وزوجها الرئيس، ونجلهما الشاب، لكن العلاقة بدأت تتوتر فجأة خلال السنوات الأخيرة من الحكم المباركى وتحديدًا منذ 2004، وظهرت أعراض جديدة لحواجب العفريت كما سنرى.

يزعم سعد الدين إبراهيم فى مذكراته وأحاديثه الصحفية أن «جمال» كان سبب الابتعاد والنفور، وأن محاولات والدته توريثه الحكم جعلت الدكتور يضحى من أجل مصر ويعلن التمرد على النعيم والسلطة، يقول الدكتور بشحمه ولحمه: «كانت سوزان ومنذ بداية الألفية الثانية دائمة الحديث معى عن ابنها جمال وكانت تقول ليَ دائما (ساعد جمال) وكنت أفهم هذه الجملة بأن أنصحه وأرشده وأعلمه ولكن ذات مرة تكررت هذه الجملة منها فتوقفت عندها، وبدأت ألمس أنه انتابها شعور بأنها (أم الملك) وشعرت وقتها أنها خائفة من اليوم الذى يخرج فيه حكم مصر من أيدى العائلة فلا تكتفى بلقب سيدة مصر الأولى» بل تريد أن تصبح مستقبلا أم الرئيس القادم.. وحين تفهمت هذا دار نقاش بيننا كان فحواه أنها تريد منى أن (أُلمع جمال) وأؤهله لحكم مصر..» (!!).

فى هذه الأثناء ـ كما يقول النحاة ـ كان هناك شخص آخر يضع «حواجب العفريت» ويذهب إلى العاصمة القطرية «الدوحة» ليشرف بنفسه على تثقيف وتجهيز الشيخة المودرن التى ظهرت بعد انقلاب زوجها على والده، وأصبحت «شيخة» يحج إليها المثقفون القدامى.

ظهرت الشيخة «موزة» بفساتين لامعة وأسوار ألماظ ورغبة جامحة فى الانفتاح التام وانطلقت بفوران شباب تقود زوجها المترهل، لكنها كانت تحتاج «مثقفًا» تم تجريبه من قبل ليرسم لها خطواتها نحو واشنطن ورجال البيت الأبيض لتقديم نجلها «تميم» إلى الدوائر الأمريكية.

وعلى الفور وضع شخص ما «حواجب العفريت» ودخل قصر «موزة» ووضع أول بذرة: «مؤسسة عربية للديمقراطية ترعاها الشيخة «موزة بنت ناصر المسند» وتترأس مجلس الأمناء كمان، وأعجبتها الفكرة فرصدت 10 ملايين دولار لتمويلها، وبدأ المشوار بينهما بمؤتمر عقد فى يونيو 2004 بفندق الريتز كارلتون حول الديمقراطية والإصلاح فى العالم العربى بالدوحة بمشاركة «شريف منصور» مسئول فريدوم هاوس فى الشرق الأوسط.. لا شك عندى أن هذا الشخص لا يمكن أن يكون الدكتور سعد الدين إبراهيم، فمن العبث الحديث عن مؤسسة عربية لنشر الديمقراطية تقودها الشيخة فى قطر!، عمومًا استهلت المؤسسة عملها بعدة مؤتمرات كان هدفها الهجوم على مصر ونظامها الديكتاتورى!، وخرج أنصار مبارك ليردوا الهجوم القادم من قطر، ويعلنوا الحرب ضد الدكتور سعد الدين إبراهيم الذى لم يتأثر مطلقًا لأنه لم يكن هو!!، وكانت حواجب العفريت تلعب لعبتها القذرة، والدليل تلك الواقعة التى ظهر فيها الدكتور سعد الدين إبراهيم بشحمه ولحمه وجلس أمام عدسات المصورين ليؤكد أنه هو وليس شخصًا آخر الذى يظهر فى الصورة، ففى يوم الأحد الموافق 29 أغسطس 2010 نشرت الصحف صورة الدكتور سعد وهو يلتقى بوفد من ائتلاف دعم «جمال مبارك»، برئاسة مجدى الكردى، وعضوية أحمد المنشاوى ووقع سعد الدين على إقرار دعم ترشيح جمال مبارك للرئاسة.

لا أعرف إن كان شراء حواجب العفريت متاحًا حاليًا فى بلاد الأفيال وبين قبائل الفولاذ أم انتقل لبلاد أخرى، لكننى أعرف أن الدكتور سعد الدين إبراهيم ظهر كثيرًا فى السنوات الثلاث الأخيرة لدرجة الشك فى أن أشخاصًا آخرين قد حصلوا على حواجب العفريت وتقمصوا شخصيته، فأحدهم ظهر مؤيدًا لثورة شباب يناير وضدها أيضًا، وثانيهم اختار الفريق شفيق، وثالثهم دعا إلى مصالحة مع الإخوان، ورابعهم هاجم مصر ورئيسها، وخامسهم لحس التراب وأقسم بالثلاثة وهز الأربعة كى يؤكد أنه مجرد «حواجب عفريت» وليس سعد، وليس «دكتور»!

وسامح الله صديقى سيد خلف الذى جعلنى أستعيد كل هؤلاء الذين وضعوا حواجب العفريت وكنّا نظنهم سعد الدين إبراهيم!