رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا لا يقابل السيسي عبدالمنعم أبو الفتوح؟


عندما تقرأ بعناية الحوار المطول الذى أجرته وكالة «الأناضول» التركية مع القيادى الإخوانى السابق عبدالمنعم أبوالفتوح «منشور فى ٢٧ يناير»، ستتأكد أنك أمام سياسى مأزوم، يعانى من عقدة رهيبة تجاه النظام السياسى المصرى، فهو يرى أن ما حدث فى مصر بعد ٣٠ يونيو انقلاب عسكرى، ويصف مصر الآن بأنها «جمهورية ذعر»، ويقدم نفسه على أنه معارض شرس، يعارض السيسى كما كان يعارض مبارك.



لكنه ورغم ذلك كله، لا يتردد فى أن يطلب بطريقة ملتوية مقابلة الرئيس السيسى، وهنا أنقل ما جاء نصًا فى الحوار: بالنسبة لرفضه «أبوالفتوح» حضور لقاءات السيسى عام ٢٠١٥ مع رؤساء الأحزاب السياسية، أجاب: لم يكن اعتذارى من باب العنترية أو الانتهازية، فأنا أمارس السياسة بشرف، قلت لهم إنه سيكون مجرد لقاء إعلامى، وأنا لا أشارك فى لقاءات إعلامية كى نلتقط صورًا، لن أتردد فى لقاء السيسى إذا طلب اللقاء بى، حتى أبلغه بالبلاء الذى حدث فى مصر، وهو أحد أسبابه، فهذا حقه علينا وواجبى تجاهه.

هذه الفقرة تحديدًا تشير إلى أن عبدالمنعم أبوالفتوح يمارس السياسة بلا شرف على الإطلاق، فهو فعليًا يراوغ، وهى عادته الإخوانية ولن يشتريها- لا أعرف على وجه التحديد هل تمت دعوته لأى لقاء رئاسى أم لا؟! ولا نعرف هؤلاء الذين قال لهم إن اللقاء سيكون مجرد لقاء إعلامى وهو لا يريد المشاركة فيه، لكن على فرض أن هذا حدث، فنحن أمام رجل كاذب تمامًا، إنه يطلب لقاء السيسى، وإن كان يغلف ذلك بأنه ينتظر الدعوة، فلماذا لم يُلبِّ الدعوة عندما جاءته؟ لماذا لم يذهب ويقُل للرئيس ما يريده فى لقاء الأحزاب؟ أم أنه يريد لقاءً فرديًا، حتى يظهر أمام الرأى العام أنه يحظى بوضع مميز؟

لو كان عنده ما يقوله بشكل حقيقى للرئيس لذهب عندما تمت دعوته، لكنه يسعى وراء صناعة شو إعلامى فارغ، إنه يرى أن ما حدث انقلاب عسكرى، فلماذا يلح فى مقابلة من يعتبره قائدًا للانقلاب، هل نحن إزاء صفقة يخطط لها عبدالمنعم أبوالفتوح، يعترف بالرئيس السيسى ونظامه مقابل أن يحظى بمكاسب يعرفها هو وحده، إذا كان يريد ذلك فعن أى شرف يتحدث؟!

إننى أقترح على الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يدعو عبدالمنعم أبوالفتوح لمقابلته، لا ليسمع منه فقط، ولكن ليطلعه على ما فعلته جماعته فى مصر، على الخراب الذى تركته وراءها، يحدثه عن التحديات التى تواجهها مصر، وتريد تضافر جهود الجميع، بدلًا من تناحرهم وصراعهم على اقتناص المصالح، يحدثه عما يقوم به من إنجاز، وما يبذله من جهد، حتى تقف مصر على قدميها، بعد أن حاول الجميع كسر إرادتها.

يحاول عبدالمنعم أبوالفتوح أن يصنع لنفسه أسطورة المعارض الشرس، الذى يمكن أن يواجه الرئيس، ويحدثه عن البلاء الذى تعانى منه مصر، فلا أقل يا سيادة الرئيس من أن تنهى هذه الأسطورة، وتضع صاحبها فى حجمه الطبيعى، حدثه عن البلاء الذى يقف هو وجماعته ومن يسيرون على طريقه وطريقته وراءه.

لن يصمت عبدالمنعم ومن يقفون وراءه إلا بعد أن يعرف حجمه فى الشارع وبين صفوف المعارضة، فافعل ذلك يا سيادة الرئيس، لأن أشباه السياسيين ومدعى البطولة أرهقونا جميعًا. قابله حتى يعرف الحقيقة، على الأقل حتى يصمت، وهى فضيلة لو تعلمون عظيمة.