رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مياه النيل.. أزمة تبحث عن حل «2-4»


فى الجزء الأول من مقالنا تحدثنا عن تصاعد أزمة مياه النيل فى صيف 2009 بين مصر والسودان من ناحية ودول منابع النيل من ناحية أخرى، وفى هذا الجزء نواصل تتبع الأزمة وتطورها مما قد يمكننا من التوصل إلى مايمكن أن نسميه «رؤية» لحل هذه الأزمة المتفاقمة.

قبل أن ينتصف عقد الستينيات من القرن الماضى، كانت كل دول المنابع قد حصلت على استقلالها، بعد استقلالها أكدت هذه الدول رفضها الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات التاريخية التى تعطى لمصر والسودان حقوقهما فى مياه النيل والموقعة بين الدول التى كانت تستعمرها وكيلاً من ناحية ومصر والسودان من ناحية أخرى.



ورغم رفض دول المنابع بعد استقلالها للاتفاقيات التاريخية لمياه النيل إلا أنها لم تتحرك لتغييرها لانشغالها بشئونها الداخلية، لكن مع موجة الجفاف التى ضربت دول منابع النيل فى أواخر ثمانينيات القرن الماضى عادت نغمة «تقاسم مياه النيل» مرة أخرى، ولكنها اختفت بعد انتهاء موجة الجفاف.

وبعد هدوء نسبى للخلافات حول تقاسم مياه النيل من جانب دول المنابع التى انشغلت بشئونها الداخلية، عادت الخلافات ونغمة ظلم مصر لدول المنابع ورفض الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل على يد إثيوبيا التى اتخذت مكانها فى قيادة دول المنابع للبحث عن الحق المزعوم فى مياه النيل، بدأها مندوب إثيوبيا فى المؤتمر السابع لدول حوض النيل والذى عقد فى القاهرة فى مارس من عام 1999 عندما قال «إن تحقيق الأمن الغذائى لبلاده وإنتاج الطاقة الكهرومائية يوجبان إعادة توزيع مياه النيل».

وفى عام 2003 استمرت لهجة رفض الاتفاقيات التاريخية المنظمة لمياه النيل، صدرت حينها تصريحات منسوبة لمسئولين فى دول منابع النيل تطالب بإعادة توزيع الحصص المائية بين دول الحوض وضرورة تسعير المياه.

ثم خفت حدة الخلافات بين مصر والسودان من ناحية ودول منابع النيل من ناحية أخرى، بعد دخول دول الحوض فى مفاوضات حول الاتفاقية الإطارية لمياه النيل بهدف صياغة اتفاقية ترضى جميع الأطراف، بالفعل تم الانتهاء من صياغة أغلب بنود هذه الاتفاقية بحلول عام 2009، لكن الخلافات عادت مجدداً فى ربيع عام 2009 مع تمسك دول منابع النيل بتوقيع الاتفاقية الإطارية لمياه النيل دون تضمينها بنود الأمن المائى والإخطار والإجماع، هى البنود التى تمسكت كل من مصر والسودان بإدراجها فى الاتفاقية الجديدة للمحافظة على حقوقهما الطبيعية والتاريخية فى مياه النيل، لأن توقيع مصر والسودان على الاتفاقية الإطارية لمياه النيل دون إقرار هذه البنود الثلاثة يعنى إقرارهما بأن الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل أصبحت باطلة .. ونستكمل فى الجزء المقبل من مقالنا موقف القانون الدولى من الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل ودور إسرائيل فى الأزمة وبداية سد النهضة.