رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لتجديد الخطاب الدينى.. دُوس نجمة


مؤمن المحمدى

كل ما أسمع تعبير «تجديد الخطاب الدينى»، أحس غصب عنى إننا عندنا خطاب دينى قديم شوية، فعايزين نجيب حد يعمل له صيانة، ويصلح البايظ منه، ويجيب له قطع غيار، ويدى له وش بوية فى الآخر، علشان يرجع خطاب دينى جديد بيبرق.

علشان كده، دايما بأسأل نفسى: هو إيه الخطاب الدينى ده اللى عايزين يجددوه؟ ويجددوه ليه؟ أو يجددوا فيه إيه بالظبط؟ ولما كل الناس كده عايزين يجددوه، مش بيجددوه ليه؟ إيه المعضلة يعنى اللى واقف عليها الموضوع؟

فى كل مرة بأفكر فيها، بألاقى المشكلة هى الإصرار على وجود «خطاب ديني» من أساسه، اللى هو مين يخاطب مين؟ ويخاطبه ليه؟

الدين، أى دين، كما أفهمه، هو عقيدة، والعقيدة دى بتملى عليك سلوكيات ما فى حياتك، والسلوكيات دى بتتوزع ما بين طقوس خاصة بالديانة، وما بين معاملات مع الناس، فهل الدين محتاج «خطاب» معين؟

فى تقديرى، ما أظنش، إن الخطاب بيفترض إن فيه طرفين: مرسل للخطاب ده، ومستقبل، يعنى باختصار بتفترض إن فيه نقطة مركزية عندها «صحيح الدين»، وإن أتباع الدين ده لازم يكونوا مرتبطين بالنقطة دى، بيسمعوا كلامها على أى نحو.

التفكير ده هو اللى عامل الخناقة على مين عنده النسخة النهائية الحقيقية الوحيدة من الدين، وكلمة «تجديد» فيها اتهام ضمنى لأصحاب النسخة دى الحاليين بإنهم قدام ورجعيين، فى حين إننا محتاجين نعمل «أبديت» ونعمل نسخة أحدث، متماشية مع العصر.

كله ده مع إن الحل بسيط جداً، حتى وإن كان صعب آخر حاجة، بس بقى ضرورة ملحة، ويتلخص فى كلمتين اتنين: «حرية العقيدة»، ودى معناها إنه من حق كل إنسان إنه يشكل عقيدته على أى شكل هو شايفه، من غير ما يحتاج تدخل من حد يقول له لازم تعمل كده، أو ما ينفعش تعمل كده.

بس الحل البسيط ده فيه عقبات كتير قدامه، مخلياه مش بسيط بالمرة.

أولاً: إذا كان من حق كل حد يشكل عقيدته بالصورة اللى يناسبها، نعمل إيه لو فيه حد عقيدته بتقول له إنه واجب عليه يتحكم فى عقائد الناس التانية وسلوكياتهم؟

ثانياً: نعمل إيه فى المؤسسات الدينية القائمة بالفعل، واللى بعضها راسخ من قرون القرون، وبعضها جايز ما يكونش قديم بذاته، لكنه بيعتبر نفسه امتداد لأصل الدين نفسه، وبالتالى اللى بيخالف المؤسسة دى بيخالف الذات الإلهية نفسها؟

ثالثاً: مش جايز لو سيبنا كل واحد يشكل عقيدته بنفسه، تتحول الحياة لفوضى، وده يؤدى لنزاعات وفتن طائفية ما يؤديش لحرية زى ما هو مطلوب.

رابعاً، نضمن منين إنه ما يجيش حد يستغل المنابر المفتوحة دى، ويروج لمذاهب وأفكار خارجية مدمرة؟ أو على الأقل غريبة عن المجتمع، فنلاقى نفسنا بدال ما نهاجم وحش واحد، ولا وحشين، بنواجه وحوش من كل مكان، ومن كل مستوى، وعلى كل لون يا باتيستا؟

الأسئلة دى، وغيرها، أسئلة مشروعة جداً، وكفاية بس تطرح أى واحد منها، علشان الواحد يتراجع، ويقرر إنه الأسهل تشكيل نسخة محدثة من الدين، تبقى هى النسخة الحقيقية والصحيحة، بس تبقى حنينة ع البشر، وتراعى حقوق الإنسان، ومتماشية مع روح العصر، وكل الكلام الحلو ده.

تمام، بس يا سادة إحنا بقالنا تلاتين سنة بنحاول نشغل خدمة تجديد الخطاب الدينى، وما بتشتغلش، فليه مصممين على المقاوحة، وليه محدش بيحاول يجاوب ع الأسئلة المذكورة أعلاه؟

ما تيجى نجرب نجاوب

يمكن

عن نفسى هأبدأ أفكر معاك

من المرة الجاية إن شاء الله