رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا وراء فيلم الجزيرة؟


فهمت من الأسئلة أن من المثار ما يقوم به بعض الجنود فى خدمة الضابط وجاء بعضه ليوسع المجال ليكون خدمة عائلة الضابط، وهنا قلت، أقول إن الجيوش قد دأبت على تخصيص أحد الجنود لخدمة الضابط والعناية بشؤونه الشخصية بحيث يتولى متابعة إعداد ملابس الضابط ومكان مبيته وربما إحضار طعام الضابط من المطبخ شغلت وسائل الإعلام بما أسمته فيلم قناة «الجزيرة» والذى تناول القوات المسلحة، ولقد اتصل بى بعض الصحفيين يسألوننى عن رأيى فيه، وكانت إجابتى أنى لا أستطيع أن أعلق على ما لم أره، وأننى لا أشاهد قناة «الجزيرة»، لكننى تساءلت عن الهدف الذى تسعى إليه قطر والقوى التى خلفها من نشر هذا الفيلم، صحيح أن أعداءنا استهدفوا ويستهدفون العلاقة بين القوات المسلحةوالشعب، ولكنهم فى استهدافهم لهذه العلاقة يهدفون إلى هدف آخر وأعمق، فالواقع أن العداء ليس بينهم وبين القوات المسلحة، ولكن هدفهم هو مصر، ولذا فإن علينا أن نتنبه لما يهدفون إليه وأن نعترض محاولتهم.

كانت إجابتى للأسئلة التى وجهها الزملاء الصحفيون أننا بغض النظر عما جاء فى الفيلم المذكور فإن مجرد أن قناة الجزيرة هى مصدر الفيلم أو جهة نشره فهو كاف لأن نستبعد ما جاء به عن أذهاننا، ليس فقط لأنه كله كذب، ولكن لوضوح هدفه، وأن هذه القناة بوضعها الحالى لا ترجو لمصر خيراً، ولا هى حريصة على القوات المسلحة ولا جنودها، بل بالعكس هى تستهدف هدم هذهالقوة، بل وتستهدف مصر نفسها، ومجرد مشاهدة الفيلم، حتى ولو بهدف معرفة تفاصيله للرد عليها يحقق جزءاً من هدف أعدائنا.

تكرم بعض الإخوة بذكر بعض عناصر الفيلم المذكور حتى يمكن ذكر رأيى حياله، وكان رأيى العام أن الجيش المصرى والقوات المسلحة المصرية ليسوا من الملائكة ولا هم معصومون من الخطأ، وأنى لا أستبعد أن تكون هناك أخطاء فيهما، ولكنى أؤكد أن الأخطاء ليست هى القاعدة، وأن من يرتكب أخطاء يعرض نفسه للمحاسبة، وأن هناك أمثلة معروفة بمحاسبة ضباط بعضهم برتب عالية، وبالتالى فليس هناك فى القوات المسلحة من هو فوق القانون أو محصن ضد المحاسبة بمن فيهم كبار القادة والمسؤولين. لكننا، أقصد القوات المسلحة، فى نفس الوقت لسنا من الشياطين أى أن الخطأ لا يمثل القاعدة. بل إن مجرد تصوير فيلم كهذا وتوزيعه وبثه بواسطة قناة الجزيرة وربما غيرها هو دليل على أن هناك فى القوات المسلحة وفى مواقع المسئولية من أهمل بحيث مكن أعداء لمصر من أن يصوروا بعض الأخطاء وتقديمها بما يسيء للقوات المسلحة وبالتالى يحقق الهدف منه والإساءة إلى القوات المسلحة، بل والإساءة إلى مصر وباقى الأمة العربية بتشكيكها فى قدرة القوات المسلحة المصرية التى تشكل القوات المسلحة الدعامة الرئيسية للدفاع عنها حين التعرض للتهديد خاصة أن القوى الأجنبية التى اعتمد البعض عليها فى الدفاع عنه، هذه القوى لم تعد مستعدة للتضحية بجنودها لتأمين قوى فى المنطقة غير إسرائيل.

ذكر السائلون بعض ما جاء فى الفيلم وبعضه يتعلق بتدريب القوات فى محاولة لإقناعنا بأن القوات المسلحة لا تتدرب حتى يقنعونا بأن القوات غير قادرة على مواجهة التهديدات نتيجة لذلك، وجاء ذكر عدد الطلقات التى يطلقها الجندى خلال خدمته الإلزامية، وهم فى ذلك يذكرون جزءاً من الحقيقة بينما يعممونه ليكون موحياً بأن القوات المسلحة لا تتدرب، وهو فى ذلك يتجاهل أن مهام الأفراد تختلف بحيث يذكر فى بعض الدول أن الفرد المقاتل فى المقدمة يخدمه عدد من أفراد المهام الإدارية أذكر منها الطباخ والحلاق والميكانيكى والسائق والممرض وفرد الإصلاح والخراط، وهكذا لن أستطيع أن أسرد كل المهام الإدارية، ومن الطبيعى أن يكون التدريب مختلفاً لكل مهنة فهل نتصور أن يشتمل تدريب الفرد الطباخ كالفرد المشاة أو رامى الدبابة أو طاقم المدفع أو رامى المقذوفات الموجهة ضد الدبابات أو الطيار أو فرد الاستطلاع، لذا فإن عدد الطلقات التى تخصص لكل جندى يختلف تماماً عن غيره حسب مهمته.

فهمت من الأسئلة أن من المثار ما يقوم به بعض الجنود فى خدمة الضابط وجاء بعضه ليوسع المجال ليكون خدمة عائلة الضابط، وهنا قلت، أقول إن الجيوش قد دأبت على تخصيص أحد الجنود لخدمة الضابط والعناية بشؤونه الشخصية بحيث يتولى متابعة إعداد ملابس الضابط ومكان مبيته وربما إحضار طعام الضابط من المطبخ وأن هذا عادة ما كان يسمى فى القوات المسلحة المصرية قبل ثورة يوليو 1952 بـ «المراسلة» وفى القوات المسلحة السوفييتية بما يعنى «الملبس» وأن له ما يماثله فى باقى الجيوش فى بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، وأن هذا العمل قد ألغى بعد ثورة يوليو عدا فى الميدان حيث لا بد من تفرغ الضابط لمهام القتال وأن يقوم جندى بتوفير هذه المهام عن كاهل. أعود لأذكر أن هذا الفيلم له ما وراؤه ضد مصر والأمة، وأن من الضرورى محاسبة من سمح لهؤلاء بتصوير هذا التشويه.