رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ومازال المواطن صامداً.. ولكن إلى متى!


تسعى مصر إلى تنفيذ حزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية لتلبية شرط الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى والذى يقدر بـنحو 12 مليار دولار بهدف استعادة الاستقرار المالى وتحقيق نمو قوى ومن المتوقع أن تشتمل الإصلاحات خلال السنوات الثلاث المقبلة على خفض الدين العام من 98% إلى 88% وخفض عجز الموازنة العامة ليصل إلى 5.5% من خلال زيادة الإيرادات بفرض ضريبة القيمة المضافة لتوسيع النطاق الضريبى وترشيد الإنفاق من خلال تخفيض الدعم والذى يشمل الطاقة والكهرباء كما ستشمل الإصلاحات تغيير سياسة تحديد سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكى باتباع سياسة أكثر مرونة وطرح العديد من الشركات والبنوك بالبورصة المصرية للاستفادة من عوائدها فى جدولة الديون وتنشيط حركة الاستثمار الأجنبى بالبورصة مما سيسمح بزيادة الاحتياطات النقدية.

وترى الحكومة من وجهة نظرها أن موافقة صندوق النقد الدولى على منح مصر هذا القرض فى حد ذاته انتصار وشهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى ولذلك فهى تبذل قصارى جهدها للحصول على القرض لكنها منذ أن بدأت فى تنفيذ بعض شروط الصندوق والتى دائماً ما تنفيها الحكومة ونفاجأ بأنها تنفذ على أرض الواقع لتصبح أمر واقعاً وقف المواطن المصرى يواجه شبح الأزمات الاقتصادية المتتالية من الارتفاعات المستمرة والمتتالية للعديد من السلع والخدمات وحدوث أزمات آخرى تمثلت فى اختفاء بعض السلع الحيوية من الأسواق مثل الزيت تارة والسكر والأرز ونقص بعض الأدوية تارة أخرى وسوء الخدمات الطبية والتى تشمل نقصاً فى الأطباء والمعدات والأجهزة وتدهور حالة المستشفيات بالإضافة إلى انخفاض المرتبات فعلى عكس ما يصرح به المسئولون بان مرتبات الموظفين قد زادت فى الميزانية الجديدة لكن الواقع يؤكد أن تلك الزيادات والتى تقدر بـ7% لم يحصل عليها الموظف منذ بداية السنة المالية الجديدة أى منذ يونيه 2016 فأصبح المواطن يعيش حياة فى غاية الصعوبة فكل شىء من حولة ويحتاج إليه ارتفعت أسعاره إلا هو مازال مرتبه كما هو بل إن قيمته تتضاءل فى ظل أزمة انخفاض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار.

ورغم كل تلك الأزمات فالمواطن المصرى مازل صامداً راضياً لديه يقين بأن حكومته فى يديها الحل وينتظر منها ومن مسئولى الدولة أن تخرج عليه بتعليقات أو تصريحات تحمل معها الحلول الشافية ليهدأ ويتحلى بالصبر لكن على عكس المتوقع يظهر المسئولون بتصريحات استفزازية فيخرج علينا المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، ونحن نعانى من أزمة سكر ليقول «يجرى ايه لو المواطن يرشد استهلاكه طالما فى أزمة وبدل مايحط سكر فى الشاى يحط معلقه عسل» ويؤكد وزير المالية وهو متواجد تحت قبة البرلمان أن هناك مطالبات من بعض المواطنين برفع الدعم عنهم، وجاء ذلك، خلال اجتماع اللجنة المشتركة من القوى العاملة والتضامن الاجتماعي، لمناقشة مشروع قانون زيادة المعاشات وكذلك تصرح الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، أن «المواطن المصرى الفقير، أكثر استعدادا للتحمل عن المصرى الغني، وده اللى لمسته من خلال زياراتى الميدانية من خلال مشروع كرامة وتكافل». على أساس أن المواطن الغلبان مبيحسش والغنى مرهف الإحساس ميستحملش الضغط عليه.... وإلى غير ذلك من التصريحات التى أثارت جدلاً واسعاً فى الشارع المصرى.... يا سادة إذا لم يكن لديكم من التصريحات التى تحمل الأمل فى غد أفضل وحلول شافية للازمات التى نواجهها فالأفضل أن تصمتوا ولا داعى أن تشعلوا نار الفتنة فى الشارع.

نعلم أن هذا القرض ربما يكون هو السبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد المصرى رغم تأثيراته السلبية الاجتماعية على المواطنين لكنه صامت وصابر وصمته ليس ضعفاً بل إدراك منه بما تعانيه البلاد ويحاول ألا يكون عبئاً عليها حتى تستطيع أن تقوى ولكن مع تعدد الأزمات واستمرار الضغط على محدودى الدخل الذين أصبحوا من معدومى الدخل بعد تنفيذ بعض الإجراءات والإصلاحاتالمالية ومنها فرض ضريبة القيمة المضافة وتعويم الجنيه ماذا تتوقعون؟؟؟ وإذا استطاع المواطن أن يصمد ويتحمل الأمواج العاتية ولم يغرق ما الذى يضمن له أن يستخدم هذا القرض لحل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد؟؟؟ وألا يذهب القرض فى مصروفات جارية كعجز الموازنة ومواجهة أزمة الدولار وهى بنود بلا عائد ولاتعطى الفرصة لسداد أقساط القرض وفوائده، فمن أين إذن سيتم سداد فائدة القرض؟؟؟ أم ستستمر البلاد فى دوامة من الاقتراض خوفاً من التعرض للإفلاس؟؟؟ لذا وجب على الحكومة أن تطمئن شعبها بإعلان خطط واضحة لاستغلال القرض ووضع خطة لحماية محدودى الدخل من تأثير شروط صندوق النقد الدولى.