رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل قمنا بثورة حتى نناهض أهدافها؟!


كأى مواطن مصرى، طرت فرحاً يوم 30 يونيه 2013 بمتابعة المشهد العبقرى الخالد فى تاريخنا المعاصر، عندما نزل ملايين المصريين فى كل شوارع مصر فى حالة إجماع شعبى لإسقاط نظام مستبد رجعى متخلف خائن عميل يحكم باسم ولصالح جماعة إرهابية ردد مرشدهم الأسبق صادقاً ومتماهياً مع فكر جماعته وتاريخها الأسود عبارة «طز فى مصر» فكان رد الناس فى كل ميادين الثورة «يسقط يسقط حكم المرشد» وكان أن انحاز جيشنا العظيم لثورة الشعب، وتم الاتفاق مع رموز بعض القوى السياسية والدينية لإعلان «خارطة الطريق» يوم 3 يوليو والتى بمقتضاها ووفق جدول زمنى محدد تم وضع دستور جديد، والدعوة لانتخابات رئاسية وأخرى برلمانية.. إذا كان الناس فى بلادى تنادوا خلال الــ 18 يوماً بداية من 25 يناير وحتى سقوط نظام مبارك بتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية و نيل الحرية والعيش، فقد هتفت الملايين لإسقاط حكم الجماعة بحقهم فى الحياة فى ظل دولة مدنية ديمقراطية معاصرة رفضا للدولة الدينية التى حاولت جماعة تتمسح فى الدين فرض آلياتها على الأرض خلال عامها الأسود.

ولكن للأسف الشديد لم يتحقق أى من أهداف الثورة الأولى أو الثانية ... لا ديمقراطية ولا عدالة اجتماعية ولا كرامة إنسانية، ولا إلغاء للأحزاب الدينية ولا مناهضة للتمييز بجميع أشكاله وفى المقدمة التمييز الدينى، ويسأل الناس فى الشارع إلى متى يظل شعورنا بالأسى والحسرة على دماء شهداء يتساقطون من 25 يناير وحتى تاريخه من أجل تحقيق أهداف ضحوا من أجلها مازلنا غير جادين فى القصاص لهم!! «لم ينجح أحد» هى لافتة كانت تُكتب على عجل وبخط ردىء فى معظم الأحوال، ويتم تعليقها على معظم أبواب المدارس الخاصة فى الستينيات، تذكرت تلك اللافتة المحبطة وأنا أتابع المشاهد التالية.

مشهد: الرئيس السادات، وبعد اعترافه بارتكاب جريمة تركه لأهل التطرف يعبثون بمستقبل ومقدرات البلد، وينفثون فكرهم المُكفر والخارج عن ثوابت صحيح الدين، يعلن فى خطاب شهير عن اعتقاله لرموز الدين المسيحى والإسلامى ويهاجمهم بأوصاف غير لائقة، وعند إعلان قرار عزل قداسة البابا شنودة الثالث، يُصفق النواب بشكل جماعى يكاد يكون هيسترياً من شدة الفرح والاغتباط، ومنهم من وقف تحية واحتراماً للقرار ... «لم ينجح أحد فى الفعل أو رد الفعل .. الرئيس ــ الحكومة ــ نواب الشعب ــ النخبة ــ الإعلام ــ المؤسسات الدينية»..

مشهد : الرئيس مبارك وبعد اغتيال السادات، وبعد عقد اتفاق غير معلن مع أهل التطرف على طريقة «سيب وأنا أسيب» .. والذى بمقتضاه يضمن لزعامات التطرف العمل فى النور وتعظيم دور مؤسساتهم التعليمية والخيرية والاقتصادية، بل و مشاركتهم فى العمل السياسى «88 كرسيا فى البرلمان»، ويطمئن بعد أربع سنوات من حكمه للبلاد أنه لا مشكلة فى عودة البابا شتودة ورجاله إلى مواقع عملهم، وعندما يعلن قراره بالبرلمان يكون رد فعل النواب التصفيق الحاد والهتاف بحياة «رئيس الاستقرار» ... هوه هوه بحلاوته وروعته نفس ذات البرلمان الذى صفق لقرار العزل بحرارة .. «لم ينجح أحد»..

مشهد : يسقط نظام مبارك بعد أربعين سنة مَرار ثمناً لافتكاسة «الاستقرار العبثى»، بعد مظاهرات ثورة 25 يناير التى شهد بروعتها وبعبقرية أداء الشباب المصرى فيها وانحياز الجيش للشعب معظم دول العالم، ويسمح المجلس العسكرى، وترحب نخبة العمل السياسى بدخول جماعات التطرف والركوب على المشهد الثورى النبيل بدعم مؤامراتى بشع من الداخل والخارج، ويُختار «طارق البشرى» لرئاسة لجنة تعديل الدستور فيشكلها بتركيبة إخوانية، وبداية «وكسة» فرض وجود الأحزاب الدينية، وبدعم إعلامى غبى وجاهل يتم الاحتفاء بالقتلة والإرهابيين واستضافتهم على شاشات خاصة وحكومية، وعبر صفحات الحوار والرأى، وعليه كان أن حكم الإخوان البلاد والعباد كمحصلة طبيعية لنمو وجودهم عبر عصور الملكية والجمهورية الناصرية والساداتية والمباركية، وليعيش الناس سنة هى الأسوأ فى تاريخ المصريين .. «لم ينجح أحد». مع مشاهد أخرى لا تنسى استكمل فى مقال قادم، ويبقى السؤال متى ننجح معاً فى تحقيق أهداف شعب ثار، ومع رئيس وطنى مخلص قاد البلاد والعباد فى أحلك الظروف وأصعبها؟!