رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

غباء أم استهتار


الدول الأوروبية، وبالتحديد فرنسا وألمانيا وبريطانيا، التى تعانى الآن من ويلات وضربات الإرهاب فى بلادها، الإرهابيون الذين نفذوا تلك الهجمات، ولدوا تقريباً فى نفس الفترة، فى مطلع الثمانينيات والتسعينيات، التى كانوا يستقبلون فيها موجات الإرهابيين الهاربين من مصر...

... والجزائر، وسوريا والأردن، والذين فتحوا لهم الأبواب تحت راية حقوق الإنسان، ومساعدة المضطهدين. هذا الجيل تربى على خطب ومواعظ مقالات وأحاديث، هؤلاء الإرهابيين فى المساجد التى تسمح بالأفكار المتطرفة، دون رقابة حقيقية لما يقال فيها. فالحض على قتل الآخر، المخالف للدين، كان يقال جنباً إلى جنب، مع تدريس وتعليم ونشر أصول الدين الإسلامى الحنيف. كانت خلاصة ما لقنوه لشبابهم، فى تلك الفترة والفترات التى تلتها، أن تعاليم الدين الإسلامى عندهم وحدهم، وأنهم الفئة الوحيدة التى تتحدث باسم الدين، وأن ما لدى المعتدلين من المشايخ هو مفتعل، وليس حقيقياً، وأخرجوا أحكاماً فقهية من بطون الكتب وراحوا يروجون لها، تتعلق بالحض على كراهية الآخر.

فى الثمانينيات والتسعينيات من هذا القرن، وحتى أوائل الألفية الثانية، كانت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وسويسرا والسويد ورومانيا، وبلغاريا تستقبل أعضاء الجماعات الإرهابية الهاربين من مصر، رغم تحذيرات الأمن المصرى بخطورة هؤلاء على الأمن القومى فى تلك البلاد، ولم تصدق تلك الدول إلا بعد حدوث عدة وقائع مهمة:- الأولى فى أمريكا.وأحداث تفجير مركزالتجارة العالمى فى أوكلاهوما بأمريكا فى 19 ابريل 1995، والذى اتهم فيه الشيخ عمر عبد الرحمن وتم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة. وأحداث سبتمبر 2001، وما تلاها من إجراءات أمريكية، ومن نتائجها إعادة تقييم دولة أفغانستان من جديد.

- والثانية، عندما تمت ترجمة خطبة للشيخ أبو حمزة المصرى فى 2003، استنزل فيها اللعنات على البريطانيين والتى قال فيها «اللهم عليك بالبريطانيين، اللهم رمّل نسادهم، اللهم يتّم أطفالهم، اللهم احرق رجالهم، اللهم شرّد رجالهم، ويتم أطفالهم». والثالثة، تفجير محطة مترو لندن فى السابع من يوليو 2005، وتعتبر من أسوأ الهجمات الإرهابية التى وقعت على الأراضى البريطانية. وقد أوقعت عشرات القتلى، ومئات الضحايا عندما قام أربعة شبان، يحملون على ظهورهم حقائب مملوءة بالمتفجرات، بتفجير أنفسهم فى ثلاث محطارت للمترو وباص للركاب، فى ذروة ساعة الزحمة خلال انتقال الموظفين إلى مقار عملهم. وبعد أيام من تلك التفجيرات، حاول أربعة شبان آخرون تنفيذ هجوم مماثل فى محطات الأنفاق، لكن صواعق قنابلهم، لم تنفجر بطريقة صحيحة، ما جنّب البريطانيين كارثة محققة.

وفى يناير 1995 أعلن عمر بكرى- أمير حزب التحرير الإسلامى فى بريطانيا - أننا نسعى ونخطط لسيطرة الإسلام، كنظام حياة فى المجتمع والاقتصاد والعلاقات السياسية، فى بريطانيا وغيرها، من دول المنظومتين الغربية والإسلامية، فالإسلام هو النظام العالمى الجديد، القديم، ونحن نسعى إلى أن يسود الإسلام من خلال مواصلة نشاطنا الفكرى.

بالطبع لا يقصد الأمير عمر بكرى الإسلام الحقيقى، بما يحمله من قيم تسامح ومودة، ولكنه يتحدث عن منطق إرهابى لا يقبل بالآخر. وكانت من أهداف حزب التحرير الإسلامى إقامة خلافة إسلامية، كنظام عالمى للحكم.

حتى الآن، لا تزال الدول الأوروبية تجنى ثمار ما زرعته من سنوات سابقة، متجنية على نفسها وأولادها.