رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثقافة الجماهيرية.. وملتقى الشباب


فى طريقى إلى أبى قير الأسبوع الماضى لم أكن أتصور كل هذا الإبداع، كل هذه الطاقات والقدرات لثمانين من شباب وشابات مصر، يعزفون بيدهم سيمفونية على الورق وعلى ألواح النحاس، وعلى النسيج. ينشدون بأصواتهم الرائعة الأغانى الوطنية والعاطفية والإنشاد الدينى. ينقشون زخارف الصدف على ألواح الخشب. يتحاورون، يتناقشون، يختلفون، يتفقون، ويبدعون فى مجالالشعر والأدب أيضاً على مدى أسبوع استضافت المدينة الشبابية بأبى قير بمحافظة الإسكندرية الملتقى الثقافى التاسع للشباب تحت عنوان «الثقافة والتراث»، والذى تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة بقيادة المبدع الدكتور سيد خطاب، وتحت إشراف وعمل الإدارة العامة لثقافة الشباب والعمال ومديرتها السيدة ميرفت إبراهيم التى واصلت الليل بالنهار طوال الأسبوع، دءوبة كالنحلة، تطير وتحط على الأزهار المتنوعة من الورش الفنية والأدبية، تنقل للشباب والشابات الحماس والمودة.

ما الذى يمنع يا سادة يا مسئولون إقامته فى نفس الوقت فى كل المدن الشبابية فى كل أنحاء مصر للتواصل واستيعاب طاقات الشباب وإعطائهم الفرصة لإبراز مهاراتهم من أجل نشر شمس الثقافة والتنوير والإبداع لمواجهة الأفكار المتشددة والظلامية والإرهابية. كانت هناك ورش وعروض فنية للاتحاد النوعى للصم بمصاحبة المشرف رامى يسرى، وكانت المفاجأة فى حفل الختام تقديمهم لمسرحية نالت إعجاب الحاضرين وأسهمت فى إلقاء الضوء على المشكلة الأساسية التى تواجههم فى الالتحاق بالوظائف والتعيين وفقاً للقانون الذى يلزم الدولة والمؤسسات بتعيين نسبة 5% من العاملين من متحدى الإعاقة.كما استطاعت نفس المجموعة من الصم التعلم والتدريب لعمل رسومات رائعة بالطرق على ألواح النحاس بقيادة الفنان العالمى جلال عبد الخالق. وكان إنتاج ورشتهم أجمل ما فى المعرض. وإذا انتقلنا إلى جانب آخر سنجد الأنامل الرقيقة للشابات فى ورشة نسيج الخرز بإشراف المهندسة الرائعة، الأم الحنون ناهد أمين، التى دربتهم فأبدعوا بتصميمات رائعة من المكرميات والعرائس الشهيرة وفانوس رمضان والحلى. وها هى المفارش والخداديات على شكل زهرة اللوتس وفانوس رمضان فى ورشة الخيامية بقيادة كريم خلف.

وننتقل معاً إلى حجرة من حجرات المعسكر تتصاعد منها أصوات جميلة، إنها ورشة الموسيقى بقيادة معتز عبد الخالق، والذى قام بتكوين وتدريب فريق من المشاركين ذوى الأصوات الرائعة والقوية والحساسة من البنين والبنات.

كان الشباب على لقاء مع الكاتب والأديب فؤاد مرسى فى ورشة الشعر والأدب للاستماع إلى ما يقوله عن الفروق بين شعر العامية وشعر الفصحى وفن الواو والزجل، وعن الأدوات التى على الشاعر امتلاكها حتى يتمكن من كتابة القصيدة. كما أدار معهم حواراً حول التراث الشعبى.

وننتقل معاً إلى شباب يهوى فنون التمثيل والإخراج والديكور يتدرب من أجل تقديم عمل مسرحى. شباب يقف لأول مرة على خشبة المسرح، يستمعون ويتعلمون من المخرج والمدرب المسرحى القدير أحمد السيد، والذى وضع معهم التصور، وناقشهم وحاورهم ليخرج أقصى ما عندهم من طاقات إبداعية. وفى ركن بعيد يجلس الفنان القائم على ورشة الصدف فرج الديب، يجلس بكل هدوء فى محرابه ومعه تلاميذه يتعلمون منه وأمامهم اللوح الخشبى، و الذى يمر بمراحل عديدة تتطلب كل الدقة والمهارة والصبر فى لصق الصدف بأشكاله وأنواعه المختلفة. ومن على بعد تستطيع أن تميز الألوان المبدعة فى ورشة الرسم بقيادة عمرو خالد، فن البورتريه والكاريكاتير واللوحات المختلفة.

وتناول الدكتور محمد عبد الجواد فى ورشة تنمية المهارات البشرية الفرق بين مفهوم الإدارة ومفهوم القيادة من خلال أمثلة لبعض الشخصيات، مع التركيز على ذوى القدرات الخاصة وتحديهم وتغلبهم على إعاقاتهم، والوصول إلى مراكز عالمية فى المهارات المختلفة.وفى حوار مفتوح معى تناول الشباب جميع القضايا حول تنمية سيناء اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، حول تحقيق أهداف ثورة يناير فى العيش والحرية. طالبوا بالشفافية وتوفير فرص العمل، مستعدين للمشاركة فى صنع القرار ولكن فى مناخ ديمقراطى وفى ظل عدالة ناجزة. إنهم شباب مصر الأمل والمستقبل.