رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى قيامة المسيح «2-2»


بمناسبة عيد القيامة ذكرنا فى المقال الماضى أن السيد المسيح كان شخصاً ثورياً فى كل حياته، فهو ثار على الظلم والفساد، وثار على استغلال الإنسان لأخيه الإنسان باسم الدين، وثار ثورة عارمة على العبادة الشكلية والتدين المزيف، ودعا السيد المسيح إلى حياة الحرية من قيود الجهل والتعصب والمرض، وقلنا إن قيامة السيد المسيح هى دعوة لنا لأن ننهض من قبور الكسل والتراخى لنقوم ونعمل معاً بجد واجتهاد من أجل بناء بلدنا الحبيب مصر، وقيامة السيد المسيح هى دعوة لنا لأن ننهض ونقوم من قبور التعصب والظلامية، وفى مقال اليوم نستكمل الحديث حول القيامة.

إن قيامة السيد المسيح هى دعوة لنا لأن نقوم وننهض من قبور قمع الحريات وتكميم الأفواه، إننا ما زلنا فى منطقتنا العربية نرفض الاستماع للرأى الآخر ونرفض الحوار والمناقشة مع من يقولون آراء مخالفة، إن القيامة حرية، لذا فإننا نحتاج فى مجتمعاتنا لتعزيز حرية الفكر وحرية الرأى والتعبير، إن للأفكار أجنحة تحلق بها، وواهم من يظن أنه يمكنه أن يصادر فكراً أو يمنع رأياً أو يقصف قلماً فى عصر السماوات المفتوحة والفضاء النتى، لذا فإننا فى مسيس الحاجة لقيامة حقيقية من قبور قمع الحريات وتكميم الأفواه.

وقيامة السيد المسيح هى دعوة لنا لأن نقوم وننهض من قبور الخرافات والخزعبلات، فلا يختلف اثنان على أن الفكر الخرافى أحكم سيطرته على عدد غير قليل من المصريين، ومن ثم انتشرت بكثرة فضائيات تفسير الأحلام، وفضائيات تغييب العقل، الأمر الذى أدى إلى زيادة رقعة الدجل والشعوذة، لقد غاب المنهج العلمى فى التفكير عند الكثيرين باستثناء أقلية قليلة، ألسنا فى حاجة إلى قيامة؟! ألسنا فى حاجة لأن نتحرر من عقلية الدجل وذهنية الخرافة فى عصر أصبح فيه العالم المتقدم لا يرتكن فى تقدمه إلا على الأساليب العلمية والتكنولوجية؟!

إن نهضة مصر تتطلب أن يتكاتف مثقفو مصر ومفكروها وعلماؤها ليقوموا بعملهم على أكمل وجه، وهذه النهضة قد تستغرق سنوات طوال، وهنا لا مجال للتباطؤ أو التسويف، فالوقت منذ الآن مقصر، ولا يجوز أبداً أن يقف العلماء والمثقفون موقف المتفرج أو المحايد، فالعقل المصرى اليوم أصبح فى أمس ما يكون إلى قيامة ونهضة وصحوة من أى وقت مضى. إن قيامة السيد المسيح تعطينا دائماً أملاً جديداً رغم ألم الواقع، فلكل جمعة حزينة، فجر أحد مشرق بالنور، ولكل أسبوع آلام، قيامة مجيدة تبدد الظلام وتملأنا السلام والوئام، فلنتمسك بالرجاء ولنعمل معاً كمصريين من أجل غد أكثر إشراقاً. إننا كأفراد نحتاج لصحوة وقيامة. ومصر تحتاج لصحوة وقيامة. ومنطقتنا العربية تحتاج لصحوة وقيامة. فهل من يلبى النداء، وكل عام وجميعكم بكل خير .