رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نحو تغيير إيجابى


فى مقولة لألبرت أينشتاين «العالم من صنعنا ومن نتاج فكرنا، ولن يتغير ما لم تتغير أفكارنا»، أما بنجامين فرانكلن فكتب «إذا ما تصورت أنك انتهيت من عملية التغيير فاعلم أنك أنت الذى انتهيت»، أما الجنرال أرك شانكى فله مقولة تحتاج للتوقف أمامها بكل إمعان «إذا كنت لا ترضى بالتغيير وتسعى إليه فإنك حتماً سترضى بما هو أقل بكثير»، أما برنارد شو فله مقولة ارتبطت به « من لا يقبل تغيير فكره فلن يغير شيئا»...

... أما هارولد ولسن فله مقولة تستحق التوقف للتأمل والتذكر «من يرفض التغيير هو مصمم الخراب، كما أن المؤسسة التى ترفض التغيير والتقدم فهى مدافن الأموات»، أما مهاتما غاندى فكتب هذه المقولة التى اتخذها شعاره « كن فاعلا للتغيير كما تريد لعالمهم أن يكون»، أما مرجريت ميد فكتبت « لا تشك أبدا فى فريق صغير مفكر كرسوا حياتهم لكى يغيروا العالم فهذا هو الشىء الوحيد المؤكد لأنه تفكير عملى» .

أما مارك سان مورن فله مقولة تحتاج للتوقف والتأمل «إن نجاحك فى الحياة لا يتوقف على قدراتك فى إحداث التغيير المحدود بل فى التغيير الأسرع من منافسيك أو مريديك».

ومن المقولات بعبارة قوية تحتاج أن يتوقف أمامها كل إنسان لا سيما فى موقع المسئولية والمقولة للسيدة مايا أنجلو « إذا لم يعجبك أمر فغيره أما إذا لم تستطع فراجع نفسك وغير من أسلوبك ومسلكك».

لا شك أن العالم كله فى سباق محموم نحو التغيير إلى الأفضل، فكل العلوم قابلة للمراجعة، ولا حدود تقف أمام العقول المفكرة والمعامل التى تحاول أن تسبق الزمن للوصول إلى أحدث وأفضل ما يحل مشكلات الإنسان، فالمعامل والمختبرات تسير على قدم وساق للوصول إلى حل العوائق فى شتى العلوم التى تساعد الإنسان أن يعيش حياة أفضل، وما كان بالامس البعيد بل والقريب أيضا من الأمراض المستعصية لم تعد كذلك، وما كان يحتاج إلى الأيام وربما السنين للعلاج وصل العلم إلى اختصار الزمن وراحة المريض.

منذ أيام توجهت لأحد المستشفيات لزيارة صديق قيل إنه دخل لإجراء عملية جراحية لإزالة المرارة « قد يرى الكثيرون أن مرارتهم لم تعد تطيق الاحتمال» وكان الصديق قد دخل منذ ساعات إلى المستشفى ووفق لتفكيرنا أن الموضوع سيستغرق وقتا فى الاعداد والتجهيز، إلا أننا نكتشف أنه أجرى العملية منذ ساعة وأنه منتظر الخروج لأن الجراحة قد تطورت ولم يعد يفتح للمريض جرحا يحتاج إلى خياطة، بل هو ثقب ومن خلاله يتم التخلص من المرارة.

لا شك أن تغيرات كثيرة تحدث حولنا ونحن لسنا أقل ذكاء ولا فهمًا من غيرنا حتى إننا نعالج فى الكثير من التخصصات من أطباء عرب مصريين،أردنيين ولبنانيين وسوريين، وهم لا يقلون بحال من الأحوال عن نظرائهم من الأمريكيين حتى إننى فى مرحلة علاجية تحدثت مع طبيب أكثر من رائع،وإذ به مصرى من أسيوط ولى مع أسرته ذكريات ما أروعها وكانت من أجمل اللقاءات.

ومن عنوان هذا المقال ترون معى أن العالم كله يسعى للتغيير إلى الأفضل ولكن هناك خطوات لا بد منها .. أولا : الاتفاق الجمعى على ما هو أكثر أهمية وإلحاحاً نحو التغيير، ولا مكان لضياع الوقت فى الامور الأقل أهمية، ونظن اننا قادرون على تغيير كل شىء وتكون النتيجة أننا لم نغير شيئاً، فالزمن محدود وهو كالسيف إن لم تقطعه قطعك، كما أن الموارد والطاقة والزمن كلها عناصر التغيير ولكنها محدودة،فعلينا أن نفعل ما هو أفضل فى أقل زمن ولأكثر الناس احتياجا لعلمنا، إنه ليس ما هو أكثر جمالاً، بل هو الأكثر احتياجاً.

ثانياً: إبدأ بفعل ما هو أكثر احتياجاً للطبقات الفقيرة قبل الانبهار بأصحاب الصوت العالى والأقل احتياجا، مقدمين الخير للغير وهم المرضى والجياع والذين بلا مأوى، متذكرين أن مؤسسات العمل الطوعى قدمت لعالمنا الأكثر والأنفع مما قامت به الحكومات حيث كان دافعهم الأول والأخير هو العمل الإنسانى حتى وإن لاقوا من أساء إلى خدماتهم الإنسانية، بل واتهامهم بما ليس فيهم بنظرة ضيقة عنصرية طائفية، مع إنهم ربما كانوا من أوائل المستفيدين من هذه المؤسسات سواء كانت فى الداخل أو سعيا إليهم فى الخارج ولكنهم لم يشفوا بعد من عنصريتهم وعداوتهم للإنسان والإنسانية حتى يتهموا الآخرين بالعيب الذى فيهم، ومع كل هذا يوجد من هم دعاة خير لا شر، يبنوا لا يهدمون، يجمعون ولا يفرقون.

ثالثاً: الغفران والإحسان أهم عناصر تقدم المجتمعات ونهضتها، فهناك مقولة شهيرة «الاحتفاظ بالغضب يشبه من ابتلع سماً وفى ذات الوقت يتمنى لآخر أن يموت» ، تلك هى الصورة الواقعية التى نراها فى مجتمعاتنا.

لقد أجرى العالم النفسى فريدريك لنسكن فى جامعة ستانفورد بحثاً حول طبيعة التغيير بالمغفرة والصفح ، فأثبتت نتائج بحثه المعملى أن الذين يتصفون بالعفو والمغفرة والصفح عند المقدرة لا يحملون معاناة ، وهم أقل الفئات المصابة بأمراض ضغط الدم، فكتب العالم هذه العبارة « الصفح والمغفرة لهما نتائج صحية فى الجسد، بل وعلاج لآلام الظهر والمفاصل والصداع والمعدة وضغط الدم»،

فإلى من يريد استعادة سلامه وأمنه وصحته وراحة باله عليك بالمغفرة، بل عد إلى مخازنك التى تحتفظ فيها بملفات العديد من البشر لمعايرتهم يوما والنيل منهم واحرق سجلاتك ودفاترك القديمة، وفى هذا.

علاجك أنت قبل الآخرين، واعلم أنك وأنت تشير بإصبعك ضد آخر فإن باقى الأصابع فى يدك تشير إليك، وقبل أن تقول لغيرك «دعنى أخرج القذى من عينك» أخرج أنت الخشبة من عينك حتى تبصر جيداً حاجتك إلى أخيك، وقبل أن تزج بالناس إلى القيود حاول أن تتحرر من قيودك، واعلم أنه «ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع».

أما إذا لم تستطع التخلص من دفاترك الصفراء فأنت تحتاج إلى علاج فى أقرب مصحة وفى أقرب وقت.