رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ «١-٢»


جاء هذا فى وصف الخالق سبحانه وتعالى الذى له، وحده سبحانه وتعالى، الأسماء الحسنى. يستوقفنا عند القراءة عن صفات الله سبحانه وتعالى، أن نجد أن هناك صفات أطلقها الله تعالى على ذاته العليا، وأطلقها الله تعالى على عباده أو بعض عباده، من تلك الصفات «العلم» على سبيل المثال لا الحصر، ولكن علم البشر ليس كعلم الله تعالى فهو العليم الخبير...

... وهو بكل شىء عليم. علم البشر كذلك منه تعالى «وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا». علم الله غير محدود أما علم البشر جميعاً فهو محدود مهما بلغ، ولذلك يقول القرآن عن الإنسان فى دعائه « وَقُل رَّبِّ زِدْنِى عِلْمًا» فالزيادة من الله تعالى كذلك، علم الله تعالى كامل تام، وعلم البشر ناقص يحتاج إلى زيادة. الله تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم، والمخلوق لابد أن ينام بفضله تعالى ولو ساعات قليلة وإلا فقد عقله وتوازنه. وفى هذا يختلف البشر فمنهم من يكفيه ساعات قليلة ومنهم غير ذلك، والمخلوق أو البشر يضحكون عندما يأتيهم السرور من داخلهم أو خارجهم، ولكن الله تعالى يضحك لأفعال عبده التى هو مصدرها وخالقها ورازقها وواهبها.

ولكن قد يعجب بعض المخلوقين من أن الله تعالى يضحك. لننظر هنا متى يضحك الله تعالى ولماذا يضحك، وهو الخالق سبحانه وتعالى، الذى ليس كمثله شىء وهو السميع العليم. ضحك غير الضحك، وغضبه كذلك ليس كمثله غضب. انظر أيها القارئ إلى هذه الأحاديث لتعرف بعض صفاته سبحانه وتعالى وتعرف الفرق بين رحمته ورحمة غيره، إن الله تعالى هو «الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، ومن رحمته أن جعل الأنبياء رحماء. يقول الله تعالى فى حق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم «بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ» والرحمة هنا «عنده تعالى أو منه تعالى» غير رحمة المخلوق حتى لو كان نبياً أو رسولاً أو كان رسولاً نبياً أو كان أباً أو أماً.

ولذلك قال الشاعر: وإذا رحمت فأنت أم أو أب.. هذان فى الدنيا هما الرحماء

هذا الشعر يقَّرب إلينا المعنى، ويوضح أن رحمة الأم غير رحمة الأب وأن رحمة المخلوق فى الدنيا،ولكن رحمة الخالق فى الدنيا والآخرة. والأحاديث عديدة عن ضحك الله تعالى منها:

هذا الحديث مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وموقوفاً من كلام الصحابى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه، قال: «يضحك الله إلى رجلين: رجل لقى العدو وهو على فرس من أمثل – يعنى أحسن - خيل أصحابه، فانهزموا وثبت، فإن قتل استشهد، وإن بقى فذلك الذى يضحك الله إليه. ورجل قام فى جوف الليل لا يعلم به أحد، فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم حمد الله، ومجَّده، وصلىعلى النبى صلى الله عليه وسلم، واستفتح القرآن، فذلك الذى يضحك الله إليه، يقول: انظروا إلى عبدى قائماً لا يراه أحد غيرى».

وقد ورد أيضاً حديث قريب المعنى من حديث أبى الدرداء، رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثةٌ يحبُّهم اللهُ عزّ وجلّ، ويضحكُ إليهم، ويستبشرُ بهم: الذى إذا انكَشَفتْ فئةٌو قاتلَ وراءَها بنفسِه لله عزّ وجلّ، فإمّا أنْ يُقتلَ، وإمّا أن يَنصُرَه اللهُ و يكفِيَه، فيقولُ اللهُ: انظرُوا إلى عبدِى كيف صَبَرَ لى نفسَه؟! والذى له امرأة حسناء، وفراش لين حسن، فيقوم من الليل، فـيذر شهوتَه، فيذكُرنى ويناجينى، ولو شاءَ رقَدَ ! والذِى يكونُ فى سَفَرٍ، وكانَ معَه ركْبٌ ؛ فسهِرُوا و نصِبُوا ثمّ هَجَعُوا، فقامَ من السّحرِ فى سرّاءَ أو ضرّاءَ».

أما الحديث الآخر فعن أبى رزين قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره،فقال أبو رزين: أو يضحك الرب عز و جل؟ قال: نعم فقال: لن نعدم من رب يضحك خيراً».

وقد وردت أحاديث تدل على أن قيام الليل من الأفعال التى يضحك منها الرب عز وجل، وهذه فضيلة عظيمة لمن يقوم من الليل، فعن أبى سعيد رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يضحك الله إليهم: الرجل يقوم من الليل، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا للقتال».

أما عن القتل فى سبيل الله: فقد سأل رجل رسول الله- صلى الله عليه و سلم- فقال أى الشهداء أفضل ؟ قال: «الذين إن يلقون القوم فى الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك ينطلقون فى الغرف العلى من الجنة، ويضحك إليهم ربهم، وإذا ضحك ربك إلى عبدٍ فلا حساب عليه». وفى حديث أبى هريرة «يضحك الله سبحانه وتعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر فيدخلان الجنة. فقاتل هذا فَيُقتَل فيتوب الله على القاتل فيسلم فيستشهد». وللأسف الشديد فإن الداعشيين والمكفراتية يسيئون تفسير هذه الأحاديث العظيمة إذ أن هذا القتل يكون ضد المعتدين وفى هذا يقول الله تعالى «وَقَاتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ». وللحديث صلة، إن شاء الله تعالى. والله الموفق.