رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة مفتوحة إلى وزير العدل «٢»


أستكمل حديثى الذى بدأته حول قوانين السلحفاة، التى نعانى منها فى بلدنا، والتى طالبت فى مقالى السابق بضرورة تعديلها والإسراع بها والنظر فى طول إجراءات التقاضى، والتى تستغرق عدة سنوات إلى أن يتم صدور الحكم النهائى فى أى قضية.

وها أنا أكتب اليوم رسالة مفتوحة إلى وزير العدل د. احمد الزند، إننى أتحدث إليك يا سيادة الوزير المسئول الأول عن تحقيق العدل والعدالة فى وطنى، فى رسالة هى فى حقيقة الأمر مطالب أنقلها لك، لأنها تعكس أصوات النساء فى بلدنا، فلعلك تنصت لأصوات بعض هؤلاء النساء المصريات من اللاتى استبشرن خيرا بتوليك مسئولية تحقيق العدالة فى مصر بسبب مواقفك الشجاعة فى مواجهة الظلاميين، إننى حينما أطالبك بالنظر إلى منظومة العدالة المصرية الحالية، والتى تشبه فى بطئها السلحفاة، فذلك لأننا نعيش فى بلد مازال محاطا بمؤامرات دولية، وخطط ظلامية تتربص بمجتمعنا وتأمل فى أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وخاصة مازالت هناك أصوات ودعوات تهاجم المرأة وتقلل من شأنها وتستغل القوانين البطيئة، أو التى لا تنفذ للتنكيل بها واستلاب حقوقها، كما أننى كنت أتوقع بأن تبدأ فى إصلاح منظومة التقاضى فى مصر، وخاصة فى أمرين، يتعلق أولهما بالأسرة المصرية، وثانيهما يتعلق بأمن الوطن ككل، أما مايتعلق بالأسرة المصرية إننا فى حاجة إلى تطوير قوانين الأحوال الشخصية وتنفيذ بعض المواد وتفعيلها بشكل يكفل كرامة المرأة والطفل، إن قوانين النفقة لاتزال مجالا مفتوحا لتلاعب الرجل وتهربه عن دفع النفقة للمطلقة، أما نفقة الأبناء فبعض الرجال الذين فقدوا ضمائرهم يجيدون التهرب من دفع نفقات التعليم والاحتياجات الضرورية للأبناء فور وقوع الطلاق. كما أننى لابد أن أذكرك يا سيادة المسئول الأول عن العدالة فى بلدنا أن هناك مادة فى الدستور الجديد ٢٠١٣ تقضى بالتزام الدولة بالمرأة المعيلة وتلك الفئة من النساء اللاتى يعُلن الأبناء تصل نسبتها إلى أكثر من ٣٠ فى المائة فى مصر، فماذا عن تفعيل هذه المادة، ولماذا لم يتم تفعيلها حتى الآن؟ ولمن تلجأ المرأة فى حالة عدم وجود زوج ليعول الأبناء، أو اذا ما طلقها الزوج من أجل الزواج بامرأة أخرى أو تركها وتنصل من مسئوليته كأب لتتتولى هى الإنفاق بالكامل على أبنائه منها؟ هل نتركها نهبا للضياع ام نترك أطفالها نهبا للشارع ؟

إننا يا سيادة وزير العدل فى حاجة إلى نظرة سريعة وعادلة تكفل تحقيق كرامة المرأة المصرية والتى كانت فى أوائل صفوف ثورة ٣٠يونيو ٢٠١٣ للمطالبة بدولة حديثة ومستنيرة تكفل لها العدالة الناجزة والحياة الكريمة بعد أن واجهت التهميش والعنف والتحرش والتحقير من شأنها، ومحاولات إرجاعها إلى زمن عصور الجاهلية فى خلال العام الأسود لحكم الظلاميين، ألا تستحق المرأة المصرية تطوير قوانين الأحوال الشخصية بما يكفل لها الكرامة والحقوق التى هى جديرة بها فى دولة مصر الجديدة التى كانت شريكة أساسية فى المطالبة بها؟ وفى إنجاح ثورتها الحاشدة؟ ولماذا لم يتم النظر فى تطوير قوانين الأسرة حتى الآن ؟

أما ما يتعلق بأوضاع الوطن، فإنه بالنظر إلى المرحلة الخطيرة التى نعيشها، والإرهاب الذى يواجهنا، فإن الشعب المصرى الذى فوض الرئيس السيسى فى محاربة الإرهاب لم يعد يستوعب بطء إجراءات التقاضى، وتأخر إصدار الأحكام وضرورة تنفيذ العدالة الناجزة على المجرمين والقتلة لأننا نواجه حربا من الداخل ومن الخارج لا تتحمل البطء الشديد فى إصدار الأحكام، والذى يستغرق سنوات وسنوات، حيث تأتى العدالة متأخرة.

لاشك أن القضاء المصرى الذى نعتز به والذى كان رجاله فى الصفوف الأولى فى مواجهة حكم الظلاميين لقادر على أن يحقق العدالة الناجزة إذا ما تم إصلاح منظومة إجراءات التقاضى بما لا يتيح للجانى أن يفلت من العقاب بسبب الثغرات الكثيرة الحالية، وبما يحقق الردع المطلوب. وحتى يتسنى لنا بناء دولة القانون التى نأملها على أسس سليمة، وبما يكفل الأمان للأسرة المصرية وللمجتمع ككل، وبما يثلج صدور أمهات وزوجات شهداء مصر الأبرار .