رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الصين .. وحكاية شعب أراد الحياة


استكمالاً لمقالنا المنشور فى عدد الجمعة الماضية، أشار أحمد منير عز الدين- رئيس لجنة العلاقات الاقتصادية المصرية الصينية بجمعية رجال الأعمال- إلى أن إجمالى حجم التبادل التجارى بين البلدين بنهاية عام 2015، بلغ 12 مليار دولار، وبلغت الواردات المصرية من الصين نحو 11 مليار دولار، بينما بلغت الصادرات المصرية إلى الصين نحو مليار دولار فقط. إنه فارق هائل نأمل أن يتقلص عبر زيادة الإنتاج المصرى القادر على المنافسة، وأيضاً عبر نمو العلاقات التجارية والتفاهمات الاقتصادية بين البلدين.. ولا شك أننا نعانى من فجوة بين المشاريع المطروحة للإصلاح فى كل منطلقاتها الاقتصادية والسياسية والثقافية وبين ما نراه على أرض الواقع من إنجازات فعلية تحقق التطلعات الوطنية التى ترقى بمستويات المعيشة وتحدث قفزات ملموسة فى دفع القدرات الإنتاجية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وقد يصيب الناس فى بلادى بعض الإحباط عند متابعتهم لحال دول انتصرت على العديد من عوامل التخلف ومعوقات التنمية ..ولعل الصين ـ التى نستقبل رئيسها هذا الشهر ــ خير مثال للقدرة على تحقيق تلك الانتصارات، وهى عندما بدأت مراحل النمو الاقتصادى الكبير والسريع فى عام 1978وتحقق لها أن تصل بمعدل النمو إلى 9 % سنوياً وبلغ متوسط نمو دخل الفرد الحقيقى 8 % خلال العقد الماضى، بينما تراجعت معدلات الفقر إلى أقل من النصف، كانت بذلك قد نجحت فى أن تنجز أسرع تقدم اقتصادى مستدام فى تاريخ البشرية. لقد اتبعت الصين إحدى القواعد المهمة فى الاستثمار من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية مع اشتراط استخدام العمالة الصينية، وكذلك إلزام المستثمر الأجنبى بإنشاء مراكز للأبحاث والتطوير للارتقاء بالمنتج ومحاولة تقليل تكلفته إلى أدنى مستوى ممكن.. كما بدأ الصينيون يستفيدون من هذه الاستثمارات الأجنبية عن طريق إمداد الشركات والمصانع الأجنبية باحتياجاتها من مدخلات الإنتاج ومستلزماته.

وعليه، تحولت الصين خلال عدة سنوات إلى ما يمكن أن نطلق عليه مصنع العالم من خلال قدرتها على جذب الآلاف من الشركات والمصانع والمؤسسات الكبرى فى العالم، حتى أصبح لها جميعاً فروع رئيسية لها فى الصين تقوم من خلالها تلك المؤسسات بالتصدير إلى كل أنحاء الدنيا..

لقد شغلنى منذ فترة قراءة ما كتب ويكتب عن الصين وتجربتها التنموية.. وقد استوقفنى وأنا أستعرض أوراق أرشيفى الخاص ملخصاً بديعاً للكاتب محمد مصطفى غنيم لكتاب تحت عنوان الصين فى عام 2001 نشر فى مجلة الطليعة عدد أبريل عام 1968 واحتفظت به .. والكتاب تأليف هان سوين وصدر فى طبعته الإنجليزية عام 1967.

تقول الكاتبة: لقد كفلت خطة السنوات الاثنتى عشرة لتنمية الزراعة من 1956 إلى 1967، الخطوط العريضة لمحو الأمية، وإنشاء المدارس، وتدريب الملايين على الفنون العسكرية .. لدرجة أن نسبة الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة فى الريف قبل 1949 لا تزيد على 5 % .. أما اليوم «عام صدور الكتاب 1967» فإن أكثر من 60 % من مجموع سكان الصين فى المناطق الريفية أصبحوا الآن يقرأون ويكتبون.. وأضافت أنه قد وضعت الشروط التالية لإقامة أى مشروع :

1) تحقيق أفضل خدمة لمصالح الشعب خلال الثلاثين عاماً المقبلة.. 2) تحقيق أقصى فائدة بأقل تكاليف، عن طريق عمل المتطوعين بلا أجر ..3) تزويد هذه الخطط باعتبارات إجمالية فى زمن السلم أو الدفاع الاستراتيجى خلال الحرب.. تلك كانت رؤية هذا الشعب لتحقيق الصين 2001، وكانوا وهم فى مسعاهم للتقدم يؤمنون كأفراد بأهمية ألا يطلبوا مالاً من الدولة ولا مساعدة من الآخرين.