رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلى حفيدى حمزة.. مصر الجرس والآذان


نظر حفيدى حمزة إلى وجهى متأملاً وكأنه يقول لى: لماذا تأخرتى أسبوعاً كاملاً على المجئ لتحكى لى حكاياتك يا جدتى؟ قلت له: اعذرنى يا حمزة كان أسبوعاً مليئاً بالسفر إلى عدة قرى فى عدة محافظات مع مجموعة من الزملاء ضمن جبهة دستور

لكل المصريين للحوار مع أهالينا حول أهمية الدستور، كما قلت لك من قبل. لا تستعجل دعنى أحكى لك عن مصر وهوية مصر ومحاولة تيارات متشددة تحاول فرض فكرها بالقوة نزلت فى يوم الجمعة 9 نوفمبر لتلوى ذراع مصر.

مصر الكنيسة والجامع مصر المواطنة وعدم التمييز بين المصريين هؤلاء الذين نزلوا فى جمعة أطلقوا عليها جمعة «تطبيق الشريعة الإسلامية» على فكرة يا حمزة من حق كل إنسان أن يعبر عن رأيه بجميع الوسائل السلمية، ولكن ليس من حق أحد يا حمزة أن يعتبر نفسه أنه الوحيد المسلم والذى يفهم صحيح الدين، بل وهناك من يؤمنون بفرض الشريعة بالقوة المسلحة أمثال مجموعات جهادية تكفيرية موجودة الآن فى سيناء على حدود بلادنا تتدرب على السلاح وتهدد أمن المواطنين المصريين وتقوم بين آن وآخر بالهجوم على مواطنين أبرياء من جنودنا على الحدود أو العاملين فى جهاز الشرطة والأقسام تهاجمهم وتقتلهم وتقوم بترويع أمن المواطنين، حمزة ليس هذا من الدين الإسلامى، فالدين الإسلامى دين الحق والعدل والمساواة والسلام.

حمزة لماذا أدرت وجهك عنى ما الذى يشغلك؟ آه إنهما ليلى ويارا لقد تسللا لنا ووقفتا خلفى دون أن أحس بهما وأنا أحكى لك أهلا بكما، وقبل أن أبدأ فى استكمال الحكاية فاجأتنى يارا بقولها: كوكى كان فيه زحمة وكان فيه ناس فى أيديها أعلام خضراء وسوداء لماذا؟ أين علم مصر؟ فرحت بها لملاحظاتها رغم سنها الصغيرة، لكى حق يا يارا هذا ما أحزننى، هل يريد هؤلاء أن يغيروا علم مصر وهوية مصر وربما أيضاً نشيد مصر، عارفين إيه الخطورة فى ذلك دعونى أقول لكم.

أولاً: مصر تعيش فى ظل الإله الواحد الذى توصل إليه إخناتون منذ آلاف السنين أيام قدماء المصريين الذين علموا العالم كله معنى الحضارة والتقدم والإنسانية والإيمان بالإله الواحد. مصر التى نزلت على أرضها الديانات السماوية.. مصر المؤمنة بالتسامح والإسلام الوسطى المعتدل من خلال الأزهر الشريف، مصر التى دخلها عمرو بن العاص فاتحاً لنشر الإسلام دون أن يهدم كنيسة أو معبداً يتم فيه ذكر الإله الواحد، هذه هى مصر يا أحفادى وحفيداتى وستستمر مصر العربية والإسلامية والمسيحية والفرعونية والأفريقية منارة للعالم.

قاطعتنى ليلى: إننا نسألك عن الأعلام الخضراء والسوداء، نعم سأجاوبكم: الأعلام الخضراء لدولة عربية إسلامية وهى السعودية تؤمن بمذهب إسلامى متشدد من يريدون فى مصر فرضه بالقوة سيتسببون فى اقتتال أبناء الوطن الواحد وتمزقه بين مذاهب إسلامية مختلفة والبعض منهم يكفر الآخرين وفى هذا خطر شديد على المجتمع المصرى سيؤدى إلى انهيار دولة مصر، أما بالنسبة للأعلام السوداء فهى أعلام تنظيم القاعدة الذى يؤمن بفرض الشريعة الإسلامية من خلال العنف المسلح وقتل الأبرياء تحت زعم أنهم مخالفون لشرع الله، ولكن يا ليلى شرع الله حرم قتل الأنفس واستباحة حرمات وممتلكات وأموال الناس، كما هم يؤمنون بذلك وينفذونه عبر الهجوم المسلح على البشر، هذا ليس من الإسلام وصدقينى علم مصر سيستمر علمها الذى ترونه مرفرفاً عالياً على مدرستكم كل يوم.

التفت إلى حمزة وقبل أن يشاور بأصابه الصغيرة قلت له ما أحزننى يا حمزة هو أن هؤلاء لا يؤمنون أصلاً بالثورة وقبل الثورة كانوا يكفرون بالديمقراطية وبالعمل فى السياسة، بل ويطيعون الحاكم ولا يعارضونه مثلنا نحن الذين وقفنا لنقول قولة حق فى وجه سلطان جائر فاسد، والآن أيضاً يقولون على الجميع طاعة الحاكم رغم أنه لا طاعة لوال فى معصية والدين الحق يأمرنا بتغيير من يفرضون الظلم والفساد من الحكام، هؤلاء لم يشاركوا فى الثورة ولا يؤمنون بها لدرجة أن شعار الثورة الأساسى «عيش ـ حرية ـ عدالة اجتماعية» يهتفون بدلاً منه «عيش ـ حرية ـ شريعة إسلامية»، وأنا أسألهم هل تتعارض الشريعة الإسلامية مع العدالة الاجتماعية؟

إن الله مع الحق دائماً.. إن الله لن يضّيع جهاد الشعب المصرى ضد الظلم والفقر والقهر والذل والفساد والاستبداد.

إن الله مع كل المخلصين من أبناء ثورة يناير حتى يستكملوا تحقيق أهداف ثورتهم من قصاص عادل للشهداء من محاكمات لكل الفاسدين المفسدين من تحقيق حق المصريين فى حياة كريمة حقهم فى الصحة والتعليم والسكن والغذاء والعمل.

وأقول كلمة أخيرة لمن نزلوا فى جمعة الشريعة الإسلامية: إن مصر تعيش طوال حياتها فى ظل مبادئ الشريعة وأن الله سبحانه وتعالى لم يعط ولن يعطى لأحد الحق فى أنه الوحيد الذى يدافع عن الشريعة ويعرف الصواب ومن حقه محاسبة الآخرين أو تكفيرهم أو فرض رأيه بالقوة والعنف المسلح على المجتمع.. مصر لن ترجع إلى الوراء.. مصر المحروسة بربها وبشعبها الذى نام واستيقظ على صوت الآذان فى الجامع وصوت الجرس فى الكنيسة.. مصر لكل المصريين.

■ ناشطة سياسية