رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا لإرهاب الرئيس


رئيس الدولة هو رئيس كل السلطات التنفيذية فيها، وقد نظم الدستور المصرى فى المادة 139وضع رئيس الجمهورية بقولها: رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورئيس السلطة التنفيذية، يرعى مصالح الشعب ويحافظ على استقلال الوطن ووحدة أراضيه وسلامتها، ويلتزم بأحكام الدستور ويُباشر اختصاصاته على النحو المبين به...

... وعلى هذا لا يجوز لأى شخص إهانته أو تهديده، ولعلنا نذكر ما حدث مع الرئيس أنور السادات فى مايو 1971، وبعد أن تسلم منصبه كرئيس للدولة أن حاول، بعض المحسوبين على الرئيس جمال عبدالناصر التربص به وإعاقته عن تأدية عمله وإدارة الدولة، وقام عدد من الوزراء بتقديم استقالتهم، من أجل إحداث فراغ، وإظهار الدولة كما لو كانت فى حالة انهيار، وكان من المستقيلين وزير الحربية ووزير الداخلية ووزير الإعلام، وآخرين، فما كان من الرئيس السادات الا أن أمر الحرس الجمهورى باعتقالهم جميعاً، وهو ما عرفه التاريخ باسم ثورة التصحيح.

وفى 4 من فبراير عام 1977، أرسل النائب كمال الدين حسين، وكان أحد اعضاء مجلس قيادة ثورة 1952، وكان نائباً منتخباً بمجلس الشعب عن دائرة بنها، برقية إلى الرئيس أنور السادات، رئيس الجمهورية، برقية يقول له فيها «اتق الله» وعلى الفور قامت لجنة القيم بمجلس الشعب، بإحالته إلى التحقيق، وأسقطت عضويته، وقد ورد فى تقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، والذى كان له الدور الرئيسى فى إسقاط العضوية عن هذا النائب، أنه قصد بإذاعة وتحرير ونشر هذه البرقية، النيل من الدستور وهيبته والتشكيك فى شرعية وشرعية نظام الحكم بكل مؤسساته الدستورية والإفصاح عن ازدرائه والتطاول على رئيس الجمهورية، الأمر الذى ترى معه اللجنة أن ما ارتكبه السيد النائب بتحريره وإذاعته ونشره للبرقية سالفة الذكر يعد خروجاً جسيماً على واجباتهكعضو يمثل الشعب، لا يتفق مع واجبات العضوية.

وهو أيضاً ما حدث بعد ذلك بصدد الأقوال والهتافات الصادرة من عضو المجلس الشيخ عاشور محمد نصر، نائب دائرة الجمرك بالإسكندرية، بالجلسة المنعقدة بتاريخ 21 مارس عام 1978. وقد أحيل أيضاً إلى لجنة القيم وأسقطت عضويته..

وعلى ذلك فلا يمكن لأى شخص إهانة رئيس الجمهورية. وقد نظم هذا قانون العقوبات المصرى.

أقول هذا بمناسبة ما قاله أحد أعضاء مجلس الشعب، عبر وسائل الإعلام موجهاً حديثه للرئيس السيسى، وتحذيره بألفاظ مثل تلك التى كان هذا العضو يتبعها مع أعدائه والمختلفين معه.

وقد عرف الفقه القانونى الإهانة بأنها كل فعل أو لفظ أو معنى يتضمن المساس بالكرامة أو الشعور أو الإخلال من شأن رئيس الدولة فتشمل كل ما يمس الشرف أو الكرامة أو الإحساس ولا يشترط لتوافر الإهانة أن تكون الأفعال أو الأقوال مشتملة على القذف أو سب بل يكفى أن تدخل العبارات التى توجه لشخص رئيس الجمهورية وتشتمل على نقد لأعماله فى إطار النقد المباح طالما أنها لا تشتمل على تعريض من شأنه أو يضعف من سلطة رئيس الجمهورية أو ينقص الحق الذى يستمده من الدستور. ولا تعد الإهانة جزءاً من حرية التعبير أو حرية انتقاد الرئيس.

ويعتبر البعض أن انتقاد رئيس الجمهورية فى إطار حرية التعبير، إلا إذا تم استخدام عبارات مهينة، خاصة، أو تخرج عما يلزم من ضرورة التوقير والاحترام اللازم لمكانته، وخصوصاً أن كثيراً ممن ينتقدون عمل الرئيس، يطالبون بالإصلاح، وهدفهم مصالح الجماهير، ومن هنا ينبغى اعتبار ما يكتبه السياسيون أو المحللون فى وسائل الإعلام، أو يصرحون به، سواء من المطالبين بالإصلاح، أو أصحاب الأقلام الحرة، أوالمعارضين، ويعتبر بمثابة نصح وتبصير وتنبيه لما قد يكون خفى على الرئيس أو رجال حكمه. وليس عيباً ولا تطاولاً، أو حتى مجرد إهانة.