رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القانون المصرى.. والتمييز ضد المرأة «1»


مما لا شك فيه أن الهوة السحيقة التى تبعد المرأة المصرية عن التمتع بحقوقها الإنسانية فى تزايد مستمر، فالمرأة المصرية تعد من أكثر الفئات التى تتعرض للإقصاء والتهميش على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والقانونية، ولذلك فى غضون الاحتفال باليوم العالمى لحقوق الإنسان وختام فعاليات حملة الـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، أقام مركز قضايا المرأة المصرية الأحد الماضى مؤتمراً بعنوان «قوانين تساند العنف ضد المرأة»...

... وتحدث فى المؤتمر الأستاذ جورج إسحاق عضو المجلس القومى لحقوق الانسان، والأستاذة سهام على- المديرة التنفيذية لبرامج المرأة بمركز قضايا المرأة المصرية- والأستاذ ياسر عبد الجواد المحامى بالنقض رئيس المكتب العربى للقانون، والدكتور محمد الشحات الجندى- عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الحقوق الأسبق بجامعة حلوان».

فمن المؤسف أن تكون مصر بلد الحضارة والرقى، ويكون القانون المصرى فيها هو أحد أهم الأسباب الرئيسية التى أوصلت المرأة إلى أوضاع متردية، حيث لاتزال هناك العديد من القوانين التى تكرس التفاوت وسياسة التمييز بين الرجل والمرأة فى كثير من القضايا والحقوق، ومن تلك القوانين موضوع الحماية الجنائية، وقضايا الأحوال الشخصية، والشهادة فى المحاكم، وكذلك القوانين العقابية التى مازالت تجيز تأديب الزوج لزوجته بحجة استعمال الحق، بالإضافة إلى استخدام مبدأ الرأفة مع الرجل فى جرائم القتل التى يقوم مرتكبوها بتغطيتها تحت مسمى جرائم الشرف والتى بناء عليها تتم الانتهاكات الممنهجة لحقوق المرأة الضحية فيها.

ولذلك ناقش المؤتمر جانباً من القوانين التمييزية ضد المرأة فى التشريعات المصرية مقارنة بمبدأ المساواة أمام القانون الذى أقره الدستور المصرى فى المادة «11» التى تنص على: «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً»، وكذلك المادة «51» التى تنص على :»الكرامة حق لكل إنسان ولا يجوز المساس بها وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها»، والمادة «53» التى تنص على: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا»، والمادة «93» التى تنص على: «تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة».

ومن ضمن المحاور الأساسية التى ناقشها المؤتمر: احترام المرأة وعدم استخدام العنف بكل أشكاله ضدها، وإيجاد آليات حقيقية لمكافحة ظاهرة التمييز ضد المرأة، وتربية «الجيل الجديد» على المساواة بين المرأة والرجل، وخلق الوعى لدى الرأى العام لفهم وتغيير التقاليد الموروثة المسيئة للمرأة.

وقال الأستاذ جورج إسحاق إنه يجب تفعيل ونشر ثقافة المساواة، ووقف العنف ضد المرأة، وعاب على الرجل الذى يعتدى على المرأة،باعتبار أن ذلك لا يتماشى مع جميع الأديان، كما طالب ياسر عبد الجواد بإنشاء آلية مستقلة لمكافحة العنف ضد المرأة، وأكد أن هناك العديد من القوانين الموجودة بالفعل والتى تكفل حقوق النساء ولكن ينقصها الآليات التى تقوم بتفعيلها لتطبق بصورة حاسمة على أرض الواقع.

وأكد الدكتور محمد الشحات الجندى أنه ينبغى أن يكون هناك إجراء مسحى شامل بالنسبة للمواد فى القوانين المختلفة التى تميز فى العقوبة بين الرجل والمرأة، مما يقتضى إزالة هذه الفروق التى تميز ضد المرأة، وتعديل التشريعات لإقرار المساواة بين الجنسين فى الحقوق والواجبات.

أما عن تفاصيل القوانين التمييزية وتوصيات المؤتمر فذلك سيكون موضوع المقال المقبل.