رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجسد واحد.. يؤلمه أنين أصغر الأعضاء


لا يؤلم الجرح إلا من ألم به ولا يفهم الجرح إلا من يعانى من جرح مشابه، وأشد أنواع الألم إنسان بلا وطن وبلا علم وبلا عنوان».. كانت هذه العبارة للشاعر الفلسطينى محمود درويش والتى بدأها بالقول « ليس عندى ما أقول بعد، من أين أبتدئ، وأين أنتهى، دورة الزمان دون حد، وكل ما فى غربتى زوادة منها رغيف يابس ووجد، ودفتر يحمل عنى بعض ما حملت...

... من أين ابتدئ وكل ما قيل وما يقال بعد غد، لا ينتهى بضمة أو لمسة من يد . لا يرجع الغريب للديار لا ينزل الأمطار لا ينبت الريش على جناح طير ضائع ... منهد، من أين أبتدئ ؟ سمعت فى المذياع قال الجميع كلنا بخير، لا أحد حزين فكيف حال والدى ؟ ألم يزل كعهده يحب ذكر الله، والأبناء، والتراب والزيتون؟ وكيف حال إخوتى هل أصبحوا موظفين ؟ سمعت يوما والدى يقول سيصبحون كلهم معلمين ! سمعته يقول : أجوع حتى أشترى لهم كتاب، لا أحد فى قريتى يفك حرفا فى خطاب ! وكيف حال أختنا هل كبرت وجاءها خطاب؟ وكيف حال جدتى ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب ؟ تدعو لنا بالخير والثواب ؟ وكيف حال بيتنا والقبة المساء والوجاهة والأبواب ؟

سمعت فى المذياع رسائل المشردين للمشردين جميعهم بخير لكننى حزين تكاد أن تقتلنى الظنون، لم يحمل المذياع عنكم خبرا ولو حزين».

ويستطرد محمود درويش فى آهاته وأناته موجها الكلام إلى أمه « هل تذكرين أننى إنسان يا أماه ولمن كتبت هذه الأوراق وأى بريد ذاهب يحملها، سدت طريق البر والبحر والآفاق لعلكم أحياء لعلكم أموات، لعلكم مثلى بلا عنوان ...وما قيمة الإنسان ؟»

ومن درويش إلى جموع الدول العربية والإسلامية فى تحالف ربما للمرة الأولى أن تلتقى أكثر من ثلاثين دولة إسلامية فى التوقيع على وثيقة تحالف وتآلف وتكاتف لمقاومة هذه الظاهرة التى تهدد البلاد والعباد، وقاد هذا التحالف المملكة العربية السعودية ومعها ثلاثمائة شخص وأربع وثلاثون دولة بالإضافة إلى عشر دول إسلامية اخرى فى طريقها للانضمام، وبغض النظر عن ترتيب مصر فى هذه القائمة حيث تأخر ذكرها إلى ذيل القائمة دون إشارة إلى طريقة الترتيب وقاعدته.

أما الخبر فهو على النحو التالى «السعودية تعلن عن تشكيل تحالف من أربعة وثلاثين دولة لمحاربة الإهارب وتأسيس مركز عمليات مشترك فى الرياض»،

وأضاف الخبر الذى نقلته «سى إن إن» الأمريكية على النحو التالى :

«نطلاقا من التوجيه الربانى الكريم ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان» ومن تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء وأحكامها التى تحرم الإهارب بجميع صوره وأشكاله لكونه جريمة نكراء وظلم تأباه جميع الأديان السماوية والفطرة الانسانية» ( الإعلان الذى نقلته وكالة الانباء السعودية الرسمية)

كما ذكر البيان أنه تم تشكيل تحالف عسكرى لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود ،كما سيتم وضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول الصديقة والمحبة للسلام والجهات الدولية فى سبيل خدمة المجهود الدولى لمكافحة الإهارب وحفظ السلام والأمن الدوليين.

ومن اللافت للنظر ترتيب قائمة الدول الأربعة والثلاثين ومكانة مصر التى جاء ترتيبها قبل آخر خمس دول الأمر الذى لا يتفق مع مكانتها وتاريخها وحجمها حيث لم يلها إلا المغرب وموريتانيا والنيجر ونيجيريا واليمن.

كم أشار البيان إلى أن هناك اكثر من عشر دول إسلامية أخرى قد أيدت موافقتها على هذا التحالف من حيث المبدأ، وسوف تتخذ الاجراءات اللازمة فى هذا الشأن ومنها «أندونيسيا»، كما اعتبر البيان أن تشكيل التحالف إنما هو تأكيد على مبادئ وأهداف ميثاق منظمة التعاون الإسلامى التى تدعو الدول الأعضاء إلى التعاون لمكافحة الإهارب بجميع اشكاله ومظاهره ونرفض كل مبرر أو عذر للإرهاب.

كما أضاف البيان « وتحقيقاً للتكامل ورص الصفوف وتوحيد الجهود لمكافحة الإهارب الذى يهتك حرمة النفس المعصومة ويهدد الأمن والسلام الإقليمى والدولى ويشكل خطرا على المصالح الحيوية اللازمة ويخل بنظام التعايش بينها»، كما أضاف البيان هذا التحالف يأتى التزاما بالأحكام الواردة فى ميثاق منظمة التعاون الإسلامى والمواثيق الدولية الاخرى الرامية إلى القضاء علىالإهارب وتأكيدا على حق الدول فى الدفاع عن النفس وفقا لمقاصد ومبادئ القانون الدولى وميثاق الامم المتحدة وانطلاقا من أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامى ومكافحة الإهارب بجميع أشكاله ومظاهره والقضاء على أهدافه ومسبباته وأداء الواجب حماية للأمة من شرور كل الجماعات والمنظمات الإرهابية المسلحة أيا كان مذهبها وتسميتها والتى تعيث فى الارض قتلا وفسادا وتهدف إلى ترويع الآمنين».

كان هذا هو البيان الختامى لاجتماع الدول العربية والإسلامية والذى يحتاج إلى الكثير من الملاحظات والتى أهمها: لماذا يقتصر هذا التحالف على دول المنطقة علماً بأن الإهارب يمتد ويتسع فى دول أخرى فلماذا لم يتسع التحالف ليشمل دولا غير إسلامية وغير عربية ؟ وأنتظر من القرّاء أن يبادروا بآرائهم حول ذلك الحدث الذى يرتبط بأرضنا وشعوبنا وتاريخنا ومكانتنا الدولية بل والتاريخية.