رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عودة إلى سوريا


الوضع فى سوريا بالغ التعقيد، التشكيلة السكانية، خليط من الشيعة والسنة والمسيحيين والأكراد، وفصائل أخرى، كانت تعيش تحت ظل دولة قوية توفر كل أسباب الحياه للجميع، وعاش الجميع فى حرية، تحت ظل قانون يكرس التعددية، ولا يميز بين الطوائف والأديان...

كان هناك تزمر داخلى من طوائف السنة، بسبب تمييز الحكم البعثى لطائفة العلويين، فى الجيش والشرطة واجهزة الأمن. وكان يتم قمع أى محاولة للتذمر بشدة، كما يحدث فى كل الأنظمة الشمولية فى الدول العربية.

وظل هذا الوضع حتى ظهرت فكرة الثورة الخلاقة، التى ابتدعتها كونداليزا رايس- وزير خارجية الريس الأمريكى جورج بوش- وتم وضعها فى حيز التنفيذ مع بدايات عام 2011، واندلعت المظاهرات تطالب برحيل الرئيس الأسد، والغريب أن أعداداً كثيرة من السوريين طالبت بما يطالب به الثوار، بعض الدول التى تتحين سقوط سوريا، سارعت بالتدخل، كما تم إدخال فصائل من جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وكتائب «جيش محمد» و«القاعدة»، وجاء متطوعون من دول عربية وخليجية وآسيوية، ودول البلقان بالاتحاد السوفييتى، كل هؤلاء، تسربوا من داخل حدود سوريا مع تركيا، وأفاق السوريون على محاولة لتقسيم بلادهم، تحت دعوى إسقاط الأسد.

وكانت المفاجأة أن المجتمع الدولى يقدم ويساند ويسلح، ولأول مرة فى التاريخ الحديث، يقوم المجتمع الدولى بتمويل المعارضة، وهى معارضة مسلحة، ولا تمثل أغلبية السوريين، تدير معاركها من خارج سوريا، وتم تدعيم تلك الفصائل من بعض الدول السنية مثل السعودية ودول الخليج وتركيا وأمريكا، تحت دعوى مناصرة الإسلام المعتدل، وظل الخراب والتدمير للبنية التحتية السورية وحضارتها ومرافقها تحت سمع وبصر العالم، الغريب أنه فى ظل حكم الإخوان، فى مصر، تم قطع العلاقات المصرية- السورية، والأغرب، أنه تم تسليم مقعد سوريا فى جامعة الدول العربية إلى المعارضة، مع أنها غير قادرة على ملء فراغ الدولةالسورية .

ثم بدأت أغرب الوقائع مع قيام تلك المجموعات التى تؤيدها الدول الغربية وأمريكا وبريطانيا، بتدمير التراث الإنسانى للحضارة السورية. بادعاء أنه من الأصنام، وكأن العالم لم يكتف بما فعلته طالبان من تدمير تماثيل بوذا فى أفغانستان. كما أعلنت دول التحالف، عن تكوين معسكرات للمتطوعين لتدريبهم على القتال فى معسكرات بتركيا، ثم دفعهم داخل سوريا، بعد تسليحهم بالأسلحة، التى وصلت إلى الدبابات. والمدافع الثقيلة. والهاونات .

والأغرب أن أعلن الرئيس الأمريكى أنه يستعد لضرب سوريا، وبالفعل تحرك الأسطول السادس فى البحر الأحمر لشن هجوم على سوريا، ولكن هناك من حذروه بعدم الدخول فى تلك المغامرة، وبالفعل عدل الريس الأمريكى عن فكرته.. وتم تشكيل تحالف دولى يقوم بشن هجمات على معاقل السوريين والجيش السورى، تحت ستار مقاومة الإرهاب. قاوم السوريون محاولات تقسيمهم، مقاومة صلبة، وأمام كل هذا، كان ينبغى لإيران أن تتدخل لحماية الشيعة، كما تدخلت الدول العربية الأخرى لحماية السنة، أما بالنسبة لروسيا، فهى تحاول إثبات وجودها فى منطقة نزاعات لن تنتهى ولن تحسم، من أجل أن تنال نصيبها من كعكة التواجد فى المياه الدافئة، ومنطقة المتوسط، والحصول على نسبة من استثمارات تلك الدول فيما بعد الحرب.