رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صرخة إلى وزير الثقافة .. مسرح الخديوي توفيق بحلوان مقر "البلطجية وتجار المخدرات"

جريدة الدستور

حالة تردي شديدة وصلت إليها هيئة قصور الثقافة في مصر من إهتمامها بالمسارح العريقة التاريخية، حيث شاهدنا على طول الفترة السابقة نوع من اللامبالاه وعدم الاهتمام بتطوير وترميم المسارح الأثرية القديمة، التي تمتد جذورها لأسرة محمد علي، وتعاقب عليه فنانون عظماء شهدت هذه المسارح مولدهم، كما شهدت أيضا الكثير من الحفلات لكبار رجال الدولة.

مكان مهجور بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لم يبقى منه سوى هيكل البناء وحوائط جار عليها الزمن، أعوام مديدة مضت ولم يزل المبنى قابعا في مكانه، وتحيط به القمامة من كل جانب، يسكنه " البلطجية " وتجار المخدارات، يرتاده الشباب لتعاطي المواد المخدرة بكافة أنواعها، أنه مسرح الخديوي توفيق، الموجود بشارع محمد سيد أحمد، بمنطقة حلوان.

فعلى بعد أمتار من محطة حلوان، وأمام بنك الإسكندرية، توجد أرض فضاء واسعة كان يتخللها " مواقف للسيارات السيرفيس "، يوجد مبنى أثري متهالك، تحاوطه تلال القمامة، و سألنا عنه ساكني حلوان القدامي، أجابونا بأنه " مسرح الخديوي توفيق "، كان قد بناه وقت توليه مقاليد الحكم، وكان يحضر فيه حفلات مالكية هو وكبار رجال الإحتلال والسلطة العثمانية.

وعلى حسب رواية الأهالي، كانت المساحة الخارجية عبارة عن "حديقة" كبيرة واسعة تتوسطها " نافورة مياه" ، وبجوارها مسرح صغير كانت الفرق الموسيقية الخاصة بالجيش تقيم فيه حفلات في مناسبات مختلفة.

وبعد هذه الفترة آل المسرح والحديقة إلى " هيئة قصور الثقافة " والتي أستخدمته فرق عديدة لعرض نشاطها المسرحي، كما أقيم في إحدى مبانيه دار لسينما "فينوس".

أما الوضع الأن فهو حالة لا يرثى لها، حيث رصدت " كاميرا الدستور " المسرح من الداخل والخارج، فما هو إلا جدران واقفة حرقتها أشعة الشمس، وشوهت شكلها، وبجواره يفترش أرضيته أحد البلطجية، وحينما سألنه عن تواجده هنا، رد قائلا : " أنا عايش هنا من 17 سنة، ومحدش جيه كلمني على المكان من الحكومة ".



مسرح حلوان يعود لفترة حكم الخديوي توفيق 1879- 1892م, ويقع حاليا على شارع نوبار باشا عند تقاطعه مع شارع محمد سيد أحمد بمدينة حلوان، على مساحة شاسعة، كانت تتقدمها حديقة وطرازه العام يتبع نظام النهضة الفرنسية المستحدثة، والمسرح كان ملكا لشركة "سكة حديد الدلتا" فحين تمت إزالة تياترو إسكندر فرح في شارع عبدالعزيز عام 1912 تم استئجاره لتقديم العروض الخاصة بالفرقة.


ومبنى المسرح كان عبارة عن قاعة عرض مسرحى مستطيلة ضخمة يوجد فى طرفها الشرقى خشبة المسرح والتى شيدت بارتفاع جدران المسرح وعلى جانبيها حجرات الملابس والملحقات الخاصة بالتمثيل على طابقين بينما فى الجهه الغربية حجرات الاستقبال والتى تفضى وتطل على قاعة العرض المسرحى ويحيط بالقاعة من الجهتين الشمالية والجنوبية فى مستوى الطابق الثانى ممرات علوية تطل على قاعة العرض .والمسرح طرازه العام يتبع نظام النهضة الفرنسية المستحدثة.


و كل هذا لم يمنع المسؤلين من النظر بعين الرحمة لمثل هذه القيمة الأثرية، عندما حاولنا التواصل مع الدكتور " محمد عبدالحافظ رئيس هيئة قصور الثقافة امتنع عن الإجابة على السؤال الذى تم طرحه عليه، وهو : لماذا تركت الهيئة مسرح بقيمة هذا المكان مرتعا للبلطجية والقمامة ؟!.


وقال المسرحي الكبير " فيصل ندا " أن الدولة لا تهتم أصلا لابالثقافة ولا بالمسرح وتعتبره على حد تعبيره " رجس من عمل الشيطان "، ومثل حالة المسرح المصري حاليا بأنه " مريض في غرفة الإنعاش ".

وأضاف ندا، أن المسرح يساهم في خلق الوعي لدى الجماهير وشعوره بمدى تقدمه وما يملكه من حضارة وتاريخ، وأكد أنه يجب أن تبدأ حالة التطوير من المدارس وخصوصا المسرح الجامعي، وأن تعمل الدولة على الحفاظ على القيم التاريخية المتمثلة في المسارح بقيمة مسرح سيد درويش ومسرح الخديوي توفيق وما شبه، حتى لا يضيع تاريخ عريق هباء ولا نجد من يأصل قيمنا الحضارية أو يؤرخ لها.