رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القس منيس عبد النور... حدوتة حب «١-٢»


اعتدنا عندما نتحدث عن شخص ما رحل عن عالمنا فإن حديثنا كله يبدأ بكلمة «كان»، وهذا معناه أننا نتحدث عن ماض لم يعد له حاضر ولن يكون له مستقبل، ولكن الأمر يكون مختلفاً عندما نتحدث عن العظماء والعمالقة، لأنهم وإن ماتوا وفارقونا بالجسد، فإن أعمالهم وإنجازاتهم دائماً تكون باقية.

وهذا الكلام ينطبق على الدكتور القس منيس عبد النور، ذلك الرجل الذى رحل عنا الأسبوع الماضى بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء والخدمة المتفانية للكنيسة وللمجتمع،لقد كان رجلاً له رؤية، وكان صاحب رسالة تهدف لتقديم محبة الله للإنسانية جمعاء، وهذه الرسالة السامية قدمها الراحل الكريم بكل الطرق مقروءة ومسموعة ومرئية، وقدمها من خلال حياته اللامعة وسلوكه القويم،وما فعله الدكتور القس منيس عبد النور يُذكرُنى بما قاله توفيق الحكيم: «لاخير فى فكرة لا يجعل منها الإنسان رداءه وكفنه، فيها يعيش، وفيها يُدفن».

والقس منيس عبد النور من مواليد محافظة أسيوط فى 22/10/1930، ودرس العلوم اللاهوتية بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة وتخرج فيها عام 1949 ليصبح قساً،وعقب تخرجه عمل راعياً للكنيسة الإنجيلية بنزلة حرز لمدة عشر سنوات، وحصل الراحل الكريم على ماجستير فى اللاهوت التربوى من كليه ببلكن بنيويورك فى عام 1957، كما حصل على دكتوراة فخرية من كلية هبتون بأمريكا فى مايو 1989، وعمل رئيساً لتحرير المناهج الدراسية للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية لمدة خمس سنوات، وفي عام 1959 أسس مع الدكتور القس صموئيل حبيب والقس أمير جيد مجلة أجنحة النسور.

وخدم القس منيس عبد النور راعياً للكنيسة الإنجيلية بالزقازيق من عام 1965، وفى عام 1976 أصبح راعياً للكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، كما قام بتدريس مادة مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة منذ عام 1966، وشارك القس منيس عبد النور فى تقديم العديد من البرامج الإذاعية بإذاعة حول العالم، وقدم مئات البرامج الإذاعية منذ عام 1976، ألف وترجم أكثر من مائة كتاب باللغة العربية، وتُرجمت ونُشرت له بعض من مؤلفاته باللغة الإنجليزية، نال عام 1994 جائزة تقدير من معهد هجاى للخدمة المتميزة، ونال جائزة الإيمان من الكنيسة اللوثرية بفنلندا عام 1997، كما نال جائزة الدفاع عن حقوق الإنسان من واشنطن عام 1999،زار الراحل الكريم بلاداً كثيرة حول العالم للخدمة والكرازة وإلقاء المحاضرات فى أفريقيا وآسيا وأوروبا والدول العربية. والدكتور القس منيس عبد النور رغم عظمته ورغم علمه الغزير إلا أنه كان رجلاً متواضعاً بسيطاً،وكان متاحاً للكل، وكان باب مكتبه مفتوحاً على مصراعيه للجميع،للصغير قبل الكبير، وللفقير قبل الغنى، وللمسلم قبل المسيحى، وحرص القس منيس عبد النور، من خلال تعاملاته وعلاقاته بين الناس على نشر الحب والسلام ونبذ التعصب والكراهية ورفض الآخر وسعى أن تكون المحبة هى السائدة فى العلاقة بين أطياف المجتمع، لأن المحبة أقوى من القانون، وأن قوة النفوذ بالحب أقوى من قوة النفوذ بالعنف ،فبحق كان منيس عبد النور حدوتة حب.