رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى منيرة ثابت


وُلدت منيرة ثابت عام 1906، والتحقت بمدرسة إيطالية بالقاهرة وتعلمت فيها مبادئ اللغتين الإنجليزية والإيطالية. ثم التحقت بمدرسة ابتدائية حكومية، وحصلت عام 1924 على الشهادة الثانوية ثم التحقت بمدرسة الحقوق الفرنسية بالقاهرة والتى تمنح شهادتها من باريس، ومنها حصلت على درجة الليسانس. فكانت أول فتاة مصرية حصلت على هذه الشهادة وقُيدت أمام المحاكم المختلطة كأول محامية عربية.

كانت أول صحفية نقابية، وأول كاتبة سياسية، وأول رئيسة تحرير لمجلة سياسية. انتقدت دستور 1923 لأنه أغفل الحقوق السياسية للمرأة، فكانت بذلك أول صوت يرتفع مطالباً بحق المرأة فى ممارسة الواجبات والحقوق السياسية كناخبة، وقد سجلت مطالبها هذه فى مقالاتها الجريئة فى الصُحف، التى أثارت قلق الحكومة أنذاك، فما كان من وزير المعارف إلا أن استدعى ناظر مدرسة الحقوق الفرنسية وطلب منه منع منيرة ثابت من الكتابة فى السياسة، فاعترض ناظر المدرسة مؤكداً أن مدرسته تسير على نهج مدرسة الحقوق فى باريس التى تمنح طلابها حق الكتابة بالصحف ومعارضة الحكومة ومهاجمتها مهما كانت العواقب.

كانت أول فتاة عربية تقف أمام النائب العام – وهى دون السن القانونية – للتحقيق معها فى جريمة سب وقذف صحفى، بأمر من دار المندوب السامى البريطانى إلى رئيس الوزراء الذى حوله إلى وزير العدل، وكانت الجريمة مهاجمة «التدخل الأجنبى» فى مصر ودار المندوب السامى والاستعمار البريطانى. وعلقت وقتها منيرة ثابت بقولها: «إنها تهمة لا أنفيها وشرفُ لا أدعيه». فى صيف عام 1926 قُيد اسمها كصحفية عاملة فى النقابة الأهليةالأولى التى تأسست فى التوقيت نفسه، لذلك اُطلق عليها لقب «عميدة الصحفيات المصريات». منذ ذلك الوقت عملت بالكتابة والخطابة، وأصدرت جريدتها السياسية الأسبوعية «الأمل» باللغة العربية ثم صدرت يومياً طبعة باللغة الفرنسية «Espoir»، وقادت حملة الدفاع عن حق المدرسات فى الزواج مع الاحتفاظ بوظائفهن كمدرسات، ونجحت الحملة وأقرت وزارة المعارف هذا الحق. كما نادت بحق المرأة فى التصويت والانتخاب وفى عضوية جميع المجالس والهيئات النيابية والمساواة المُطلقة مع الرجل خاصة فى العمل بالوظائف الحكومية وأيضاً الأعمال والوظائف الحرة. كما عبرت عن موقفها من السفور والحجاب.

فى عام 1927 توقفت جريدة «الأمل» عن الصدور لزواج رئيسة تحريرها منيرة ثابت من الكاتب عبدالقادر حمزة، وتفرغت للبيت تاركة ممارسة مهنة الصحافة، لكن سرعان ما انفصلا وعادت إلى الصحافة ضمن أسرة تحرير جريدة «الأهرام» وأعادت إصدار جريدة «الأمل» شهرياً، وأيدت ثورة يوليو 1952.

وبصدور قانون 1960، الذى انتقلت بمقتضاه ملكية الصحف إلى الاتحاد الاشتراكى، توقفت جريدة «الأمل» رسمياً عن الصدور، ومعها توقفت مسيرة منيرة ثابت، التى فقدت بصرها، وسافرت للعلاج على نفقة الدولة، وعاد إليها بصرها عام 1964 وتوفيت بعد حياة حافلة فى سبتمبر 1967. ففى ذكرى رحيلها نذكرها بكل الخير والإعزاز لدورها الوطنى الشجاع وفى شجاعتها النادرة فى وجه قوى الاستعمار والاحتلال، فلم تتردد فى الشهادة بالحق مهما كانت العواقب.

أستاذ الهندسة ــ جامعة الإسكندرية