رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العلم.. والدين «3-4»


ذكرت فى مقالى السابق بعض أفكار عالم الفيزياء الباكستانى برويز أميرعلى بيودوالتى دونها فى كتابه القيم «الإسلام والعلم ... الأصولية الدينية ومعركة العقلانية»، الذى أصدرته الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة 2015، والذى ترجمه الدكتور محمود أمين خيال- الأستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر، والحاصل على الدكتوراه من جامعة هايدبرج بألمانيا الغربية.

وفى هذا المقال سأقتبس بعض الأفكار الأخرى المتعلقة بعلاقة العلم بالدين.

يقول مؤلف الكتاب: دأب فلاسفة المنطق على إنكار التدخل الإلهى الواعى وما يستتبعه من وقوع المعجزات، ولقد استقرت هذه النقطة بالذات فى قلب النزاع العتيق، بين رؤية العالم العلمى الناشئ حديثاً، وبين الرؤية الدينية التقليدية. فاتجه بعض الفلاسفة، فى محاولة لفض الخلاف، إلى إعادة تعريف لفظ المعجزة، بحيث يصبح معناها ببساطة «شىء رائع». من هذا المنظور تصبح كل الأشياء رائعة ومعجزة. وبناءً على ذلك، يمكن النظر إلى دقة المدارات الفلكية، وأبعاد الفضاء الشاسعة، والتوازن الدقيق لنظم البيئة على الأرض، والتركيب المعقد لعقل الإنسان -الذى لا يمكن سبر أغواره- على كونها كلها معجزات سرمدية. لعل أكبر المعجزات قاطبة - من خلال نفس المنظور- هى أن كل شىء فى الكون، من أدق مكونات الذرة إلى أكبر النجوم العملاقة، وحتى الكون نفسه، محكوم بنفس قوانين الفيزياء الصارمة. أما العلم فلا يمتلك تفسيراً لتلك القوانين، ولا يمكنه أن يعارض أو يدحض من يقول إنها من عند الله.

تجوز مقارنة هذا المفهوم، بالاستعمال التقليدى للفظ معجزة، الذى يُعنَى به خرق أو إيقاف مؤقت لقوانين الفيزياء السرمدية الصارمة. فكما يقول فولتير: «إذا حدث كسوف للشمس والقمر فى اكتمال، أو إذا سار الميت بضعة أميال حاملاً رأسه بين يديه، فنستطيع آنذاك أن نسمى ذلك معجزة». مما يذكر، أن فولتير اتخذ موقفاً معاكساً لتعريف المعجزة المذكور، فيرى أن الله لا يمكن أن يوقف العمل بقوانين وضعها هو بنفسه، فيقول: «أليس من أسخف الحماقات تصور قيام الكائن الأولى «الله» بعكس المسرحية الأبدية ذات الآليات المهولة التى تحرك الكون بأكمله، من أجل ثلاثة أو أربعة مائة نملة على رأس كومة الطين هذه؟».

منذ عهد فولتير، لم يتغير بتاتاً موقف العلم الحديث -ما بعد نيوتن- حيال أمر حدوث المعجزات.بالتأكيد يمكن لأى عالم جاد، أن يؤمن بالله الذى خلق ورتب الكون، لكن طبيعة العلم الحديث، لا تسمح بالإيمان بإله يتدخل بمحض مشيئته، ليغير من مسار كوكب ما، أو يؤجل الكسوف، أو يغير الأنماط المناخية،وسقوط الأمطار بما يتعارض مع ما تمليه القوانين الفيزيائية المعروفة «Hydromechanics»، أو أن يُغير من قوانين اللعبة الكونية بأى شكل آخر. وللحديث بقية. راعى الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف – شبرا مصر