رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا يحدث فى أكثر الدول تخلفاً


أكتب عن المأساة الإنسانية التى تحياها الطالبة المظلومة «مريم» من صعيد مصر، والتى تناولها العديد من الكُتاب الشرفاء بالفحص والتحليل وبمناشدة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لأن وزير التربية والتعليم يتستر على منظومة التعليم الفاسدة ولا يُحرك ساكناً ولا يُعالج مرضاً، فقط تصريحات جوفاء وأفكار خيالية لا ترقى لمستوى التنفيذ وفى النهاية هذا الكم الهائل من الفساد الذى وصل إلى غرفة الكنترول «التحكم» نفسها، فاختلط الحابل بالنابل، وضاعت العدالة وانطبق على هؤلاء الطلبة الفاشلين الذين أخذوا حقوق وتعب غيرهم: «من لا يملك أعطى وعداً لمن لا يستحق». من يعيد الحق إلى أصحابه؟ من يضمن الشفافية فى تصحيح ورصد الدرجات؟ أين الضمير؟

من الجانب الآخر، هناك طالب أو طالبة قام بتسجيل أسئلة الامتحان فقط فى كراسة الإجابة!! لا أكثر ولا أقل، وبالرشوة والمحسوبية .. إلخ حصل على الدرجات النهائية أو شبه النهائية التى لا يستحقها، ثم – بموت الضمير – يفرح ويتهلل بما حصل عليه دون أدنى تعب. هذا الطالب سيلتحق بكلية الطب، وهنا تبدأ مأساة بعض العناصر الفاشلة التى تلتحق بكلية الطب. كيف سيصير هذا طبيباً؟ ربما – بنفس الخديعة – يصير عضواً فى هيئة التدريس!! يا للويل!! إن كان هذا الطالب شجاعاً وله ضمير حى، يذهب بنفسه إلى النيابة ويُعلن أنه هو صاحب الكراسة التى تستحق الصفر. وهنا أرى أن السيد وزير التربية والتعليم سينبرى ويُدافع عنه ويقول: «إن الطالب فعل ذلك من جراء الضغط الإعلامى والتهديد». قمة الفساد فى المنظومة التعليمية.

بعيداً عن الوزير والوزارة أناشد الطالب بكشف الحقيقة أمام الرأى العام المصرى – بل إن كثيراً من دول العالم تتابع بشغف عما يحدث فى مصر من فساد. ماذا سيفعل الرئيس بمفرده؟ لا يحيط به مخلص واحد!! جميعهم منافقون. أنا لا أتخيل كيف تتم عملية استبدال الأوراق بداخل غرفة الكنترول؟ ومتى تمت؟ هل جميع أعضاء الكنترول متسترون على ذلك؟ أم أن هناك تلاعباً حدث فى غيبة بقية أعضاء الكنترول؟ يا سادة حاسبوا من معه مفتاح الغرفة. وفى أمثال تلك الحالات، فإنه يوضع على الغرفة عدد ثلاثة أقفال مختلفة مع ثلاثة أشخاص، وكل شخص يحمل مفتاحاً واحداً فقط. ولا يتم فتح الغرفة إلا بتواجد الأشخاص الثلاثة. هل اتفق الأشخاص الثلاثة على الجريمة النكراء؟ إننا نقتل الأبرياء والمخلصين والمجتهدين ونشجع الفاشلين. من الممكن جداً – أمام تلك المنظومة الفاشلة – أن يصبح هذا الطالب الفاشل – الذى سمح لنفسه بسرقة مجهود وتعب غيره – فى يوم من الأيام يكون وزيراً!! أنا منزعج من الأفكار التى تحيط بى من جراء هذا المُستنقع المُظلم.

السيد رئيس الوزراء، لا تعطى اهتماماً لما يقوله هذا الوزير. عليك أن تشكل لجنة محايدة تضم بعض أساتذة الجامعات من أصحاب الضمائر، وبعض رجال التربية والتعليم من ذوى الخبرة فى أعمال الكنترول ولهم ضمير حى، وتجلس هذه اللجنة مجتمعة وتتبع مسار تلك الأوراق حتى تضع يدها على الحقيقة، والخطوة التالية هى معرفة من هى العصابة التى وراء تلك الجريمة. ربما الموضوع يؤدى إلى كشف حقائق أخرى أكثر ألماً وأكثر فساداً. تحية للدكتور خالد منتصر والدكتورة درية شرف الدين على شجاعتهما وصدقهما فى تناول تلك القضية التى تقلق المخلصين بالرأى العام المصرى.