رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأصولية الدينية ومعركة العقلانية «3-4»


لاشك أن العلم أضعف ما يكون اليوم فى المناطق الإسلامية، وذلك مقارنة بمختلف الحضارات المعاصرة، ولم يعد مقبولاً إغفال ذلك أو الاستهانة به، حيث أصبحت الحياة الكريمة للمجتمعات المعاصرة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بمدى قوتها العلمية والتكنولوجية»..بهذه العبارات يبدأ البروفيسور محمد عبدالسلام العالم الباكستانى الحاصل على جائزة نوبل فى الفيزياء، مقدمته لكتاب «الإسلام والعلم... الأصولية الدينية ومعركة العقلانية»، وهوكتاب أصدرته الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة 2015، والكتاب من تأليف عالم الفيزياء الباكستانى برويز أمير على بيود، وترجمه الدكتور محمود أمين خيال، الأستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر، والحاصل على الدكتوراه من جامعة هايدبرج بألمانيا الغربية.

ويؤكد البروفيسور «محمد عبدالسلام» فى مقدمته المهمة أن الأصولية العقائدية بالإضافة إلى روح عدم السماحة هما من أهم عوامل قتل مسيرة الازدهار فى الإسلام، فبسببهما يحدث الخوف لدى العلماء، وتنشأ القيود على أفكارهم‏، وأن سلاح التكفير أدى ويؤدى إلى الجمود والتخلف‏،‏ وقد ظل هذا السلاح على رقاب المفكرين والمجددين ودعاة التحديث‏،‏ سواء فى التاريخ القديم أوالحديث للعالم الإسلامى‏، كما أكد البروفيسور عبدالسلام على أن هناك علماً واحداً عالمياً، ومشاكله وأشكاله عالمية، وأن العلم هو العلم‏،‏ لادين له،‏ فلايوجد ما يسمى بالعلم الإسلامى، كما لا يوجد علم هندى، ولا علم يهودى، ولا علم كنفوشيوسى، ولا علم مسيحى.

واتفق البروفيسور محمد عبدالسلام مع مؤلف الكتاب على أن «العلم الإسلامى - كما أوضح الرئيس الباكستانى ضياء الحق - كان مزيفاً، أما الباحثون الذين باشروا هذا العلم - الذين تندر بهم الدكتور هودبهوى - فعليهم أن يخجلوا مما كتبوا باسم هذا العلم».‏ وأشاد كاتب المقدمة بالفصل المهم فى الكتاب الذى تناول فيه المؤلف صراع الكنيسة الكاثوليكية مع العلم.

وأشار البروفيسور عبدالسلام إلى أن سبب تراجع العلم فى بعض البلدان الإسلامية يرجع إلى أن الدول الغنية فى العالم الإسلامى لم تستثمر جزءاً من ثرواتها فى دعم وبناء منظومة علمية متطورة على مستوى العالم الإسلامى كله بدلاً من المحاولات الجزئية لكل دولة بقدراتها المحدودة‏،‏ ففى بعض الدول الإسلامية كوادر علمية وجامعات ومراكز للأبحاث‏،‏ كان على العرب الخليجيين الغارقين فى الثراء الكبير أن يأخذوا على عاتقهم استثمار تلك الثروات فى دعم بناء العلم فى العالم الإسلامى، وأنه مازال بإمكانهم فعل ذلك لكنهم لم يفعلوا ولا حتى مع أشقائهم المسلمين العرب، ولم يظهر فى العالم الإسلامى حاكم مثل «جواهر لال نهرو» فى الهند يتمتع بنفس توجهاته نحو العلم والتكنولوجيا، مما جعل الهند تصل إلى ما وصلت إليه‏.