رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجوائز العربية «١»


ولا يراودنى شك فى أن كل مصرى هنا يدرك الكارثة المحيقة بوطننا، وهى لا تقتصر على التهديد العسكرى الإسرائيلى الفعلى لحدودنا الشرقية ولا على الملاءات الأمريكية وعلى العجز الذى يتبدى فى سياسة حكومتنا الخارجية إنما تمتد إلى كل مناحى حياتنا.

الجوائز فى مجملها تكريم لعمل أدبى أو فنى راق، يقدم المزيد من القيم الإنسانية النبيلة. وهى لتشجيع الكتاب والمؤلفين على بذل مزيد من الجهد، نحو الإبداع، والجوائز العالمية الكبرى، لا تخضع للأهواء السياسية، ولا للتوجهات الدينية. ولكن جوائزنا العربية دائماً تخدم سياسة الدولة التى تقررها. وقد خصصت دولة قطر جائزة مقدارها 300 ألف دولار، فى مجال الأدب فاز بها هذا العام الكاتب المصرى إبراهيم عبدالمجيد، والكاتب السودانى المقيم فى قطر أمير تاج السر، والجزائرى واسينى الأعرج، وكاتبة بحرينية وكاتبة عراقية.

كما فاز بجائزة الدراما كاتب مصرى، وكانت الجائزة لرواية مخطوطة، من حيث قابليتها لتصبح عملاً درامياً. يذكر أن إبراهيم عبدالمجيد، كاتب مصرى، من القامات الكبيرة فى الأدب فى مصر، ينتمى إلى الموجة التى سادت فى فترة الستينيات والمعروفة بأدب الستينيات، والتى هيمن عليها الاتجاه الاشتراكى، وظل عبدالمجيد ولا يزال محتفظاً باشتراكيته، ونال عدة جوائز وكرمته الدولة، وله دور بارز وفعال فى الحركة الثقافية المصرية. ومن أبطال تلك الموجة جمال الغيطانى ويوسف القعيد وصنع الله إبراهيم، وإدوار الخراط وبهاء طاهر وآخرون. الجائزة التى حصل عليها إبراهيم عبدالمجيد قيمتها 60 ألف دولار، وهو مبلغ بلاشك يدير رأس أى كاتب، وينهى به حياته الأدبية، وينام مطمئناً على ثروة هبطت عليه من السماء. غير أن هناك كاتباً مصرياً، رفض جائزة مصرية لمجرد أن سياسة بلده لا تعجبه، وأنها لا تتطابق مع قناعاته الداخلية، فلم يعجبه وجود السفارة الإسرائيلية على بعد خطوات من دار الأوبرا المصرية، التى كان الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم يتسلم فيها جائزة الرواية العربية لملتقى الرواية العربية الأول. فى هذا المؤتمر الذى نظمته وزارة الثقافة المصرية، أو المجلس الأعلى للثقافة، عام 2003. وفى هذا الحشد الإعلامى المصرى والعربى أعلن صنع الله إبراهيم، رفضه الجائزة، بعد

أن تسلم الجائزة من وزير الثقافة المصرى، وكانت قيمتها 100 ألف جنيه مصرى.كان اعتراض صنع الله إبراهيم ورفضه لجائزة أعطيت له فى بلده، قائلاً: فى هذه اللحظة التى نجتمع فيها هنا، تجتاح القوات الإسرائيلية ما تبقى من الأراضى الفلسطينية، وتقتل النساء الحوامل والأطفال ويتشرد الآلاف، وتنفذ بكل دقة ومنهجية واضحة خطة لإبادة الشعب الفلسطينى، وتهجيره من أرضه. لكن العواصم العربية تستقبل زعماء إسرائيل بالأحضان، وعلى بعد خطوات أخرى يحتل السفير الأمريكى حياً بأكمله، بينما ينتشر جنوده فى كل ركن من أركان الوطن، الذى كان عربياً. ولا يراودنى شك فى أن كل مصرى هنا يدرك الكارثة المحيقة بوطننا، وهى لا تقتصر على التهديد العسكرى الإسرائيلى الفعلى لحدودنا الشرقية ولا على الملاءات الأمريكية وعلى العجز الذى يتبدى فى سياسة حكومتنا الخارجية إنما تمتد إلى كل مناحى حياتنا.كما تحدث صنع الله فى حيثيات رفضه عن سياسة داخلية مصرية سيئة، وقال: لم يعد لدينا مسرح أو سينما أو بحث علمى أو تعليم.. لدينا فقط مهرجانات ومؤتمرات، وصندوق أكاذيب.