زيارة أولاند للجزائر.. خطوة جديدة نحو تعزيز العلاقات

يقوم الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند، غدا الإثنين، بزيارة عمل قصيرة إلى الجزائر تستغرق يوما واحدا، يلتقي خلالها بنظيره لجزائري عبد العزيز بوتفليقه وعدد من المسئولين الجزائريين، ويتفقد أهم المشروعات الاستثمارية المشتركة بين فرنسا والجزائر.

ورغم عدم الإعلان رسميا عن جدول أعمال للزيارة إلا أن مختلف الأوساط توقعت أن يتناول الرئيسان في مباحثاتهما آخر التطورات المتعلقة بالتعاون الاقتصادي بين البلدين والمشروعات المشتركة؛ حيث من المتوقع أن يقوم أولاند بزيارة مشروع رونو بولاية وهران وذلك في إطار سياسة الدعم التي توليها فرنسا للمشروعات الاستثمارية في الجزائر.

ومن المتوقع أن يناقش الرئيسان خلال الزيارة بعض القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك مثل الأوضاع في مالي والأزمة الليبية فضلا عن سبل تعزيز الجهود المبذولة لمكافحة إرهاب الجماعات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي والتي تحظى باهتمام خاص من جانب باريس.

ويرافق الرئيس أولاند في زيارته وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، ووزير الاقتصاد والصناعة والرقمنة إيمانويل ماكرون وعدد من البرلمانيين.

وجاءت الزيارة بدعوة من الرئيس بوتفليقه، وتعد الثانية من نوعها للرئيس أولاند إلى الجزائر منذ وصوله إلى سدة الرئاسة الفرنسية قبل ثلاثة أعوام حيث كانت الزيارة الأولى في ديسمبر 2012 واعتبرت من أنجح الزيارات الخارجية لأولاند.

ويتفق المراقبون على أن زيارة الغد، رغم قصَر مدتها، إلا أنها تعكس المكانة المتميزة التي تحظى بها الجزائر لدى فرنسا خاصة في فترة حكم الرئيس أولاند.

ويبرهن هؤلاء على هذه المكانة بالعديد من الحجج أبرزها أن الرئيس الفرنسي قد اختار الجزائر لتكون أول قبلة مغربية يزورها بعد توليه الرئاسة قبل توجهه إلى تونس أو المغرب وهو ما أعطى انطباعا أنها تتمتع بأفضلية لدى الرئيس أولاند وأنه يرجح كفتها في المنطقة المغربية.

وبالفعل لعبت هذه الزيارة دورا أساسيا في تعزيز العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة ودشنت "شراكة استثنائية" حرصت فرنسا من خلالها على استعادة موقع الصدارة بين شركاء الجزائر الاقتصاديين بعد أن فقدتها لصالح الصين، وزيادة حجم الاستثمارات الحالية من ملياري يورو إلى عشرة مليارات خلال السنوات الخمس المقبلة.

وتبلورت هذه الشراكة في إنشاء اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين والتي تهدف إلى تفعيل أوجه التعاون المختلفة.

كما تجسدت هذه الشراكة من خلال تدشين مصنع رونو لصناعة السيارات في منطقة وهران ومصنع سيتال في عنابة لتركيب وصيانة عربات الترامواي.

ويقر معظم الخبراء أنه على مدار العامين ونصف العام الماضية، شهدت العلاقات الثنائية انطلاقة غير مسبوقة وعادت الشركات الفرنسية بقوة إلى السوق الجزائرية؛ حيث تعمل 450 مؤسسة فرنسية في الجزائر وتساهم في خلق 40 ألف فرصة عمل مباشرة و100 ألف فرصة عمل غير مباشرة، في حين بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2014 أكثر من 13 مليار دولار.

ويتفق المراقبون على أن عودة أولاند لزيارة الجزائر مرة ثانية تعتبر مؤشرا واضحا على استمرار العلاقة المتميزة التي تربط البلدين وهو الأمر الذي تجلَى بوضوح من خلال الزيارات رفيعة المستوى التي يتبادلها دائما أعلى المسؤولين من البلدين وكان آخرها زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، للجزائر في مايو الماضي والتي وقع خلالها على أربعة اتفاقات شراكة اقتصادية في مجالي الصناعة والتعليم.

وفي ضوء ما سبق يبدو واضحا أن العلاقات الفرنسية الجزائرية دخلت منعطفا جديدا في عهد الرئيس أولاند؛ حيث شهدت دفعة غير مسبوقة في ظل التبادلات التجارية المكثفة والاستثمارات المتزايدة، وتم تحقيق العديد من الإنجازات في فترة وجيزة صبت في مصلحة البلدين وأعطت مؤشرا إيجابيا على تجاوز سنوات من الخلافات التي سببها تاريخ الاستعمار الفرنسى للجزائر.