رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أخريستوس آنيستى


«أخريستوس آنيستى» كلمة يونانية تعنى «المسيح قام» وقد تبادلها المسيحيون الأوائل فى القرن الأول الميلادى كتهنئة لبعضهم البعض بعيد القيامة المجيد، ومازال مسيحيو العالم كله يتبادلونها فى تحية العيد، والأقباط كذلك أيضاً وأحياناً يستخدمون الكلمة القبطية «بخريستوس أفتونف». وفى هذه المناسبة أود أن أقدم مقتطفًا من الرسالة البابوية التى كان قد أصدرها البابا كيرلس السادس «1959 – 1971» المُرسل من الله بالحق البطريرك 116 فى عام 1964 والتى تحدث فيها عن طبيعة المجتمع البشرى ما قبل القيامة وما بعدها والتُغيرات الجذرية التى حدثت به، فقال:

«عيد القيامة يتميز بطابعه الفريد، طابع نقل الحياة من القديم إلى الجديد، والتسامى بها إلى الذروة لكى يكون الفرد نواة لمجتمع نبيل أمين نزيه سعيد.. كان المجتمع مليئاً بالكيد والدسائس والنفاق والجحود والنجاسة والدنس.. وكما يقول بولس الرسول فى رسالته إلى أهل رومية: «لم يكن بار ولا واحد، ليس من يفهم وليس من يطلب الله، الجميع زاغوا وفسدوا معاً ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد.. طريق السلام لم يعرفوه، وليس خوف الله قدام عيونهم».. كان المجتمع منصرفاً عن الحياة الروحية، منحرفاً إلى المادية، منجرفاً إلى النزعات النفسية والنزعات الجسمية، مقترفاً شتى صنوف الإجرام تبعثها الخطية.. كما لا يزال أولئك الذين تخلفوا عن موكب النعمة، ولم يريدوا أن ينتفعوا بما أفاض الله من رحمة. والانصراف عن الحياة الروحية هو أول الطريق إلى الهاوية، الانصراف عن المُثل الأعلى وعن روح الحياة، الانصراف عن نور الحق وعن موطن الرجاء، الانصراف عن القوة التى تبث إلى النفس الرى والغذاء والشبع والعزاء.. وكذلك الانحراف إلى المادية التى طغت على الأفراد والجماعات فقيدتهم بقيود لا يستطيعون منها فكاكاً، بل رغبوا فيها رغبة جعلتهم مغللين بسلاسل أقوى من الحديد فارتبطت أفكارهم بالأرضيات. تلك كانت صورة المجتمع القديم.. لقد كانت القيامة تحولاً عجيباً.. من اليسار إلى اليمين، من الشك إلى اليقين، من الموت إلى الحياة، ومن الأرض إلى المجد. فقد اكتشف مجتمعنا الجديد عقب قيامة السيد المسيح له الكرامة، الكنوز المُذخّرة لنا فى قلب ربنا.. فاستيقظ الوعى وتفتح الذهن، وتركز الفكر فى الحياة فاستطاع أن يعرف الشىء الكثير المجيد عن الأمور الموهوبة لنا من صانع العهد الجديد، وأدرك أن الثروة التى يتمتع بها الفرد، ثروة النعمة المُعطاة من فوق، ثروة تستطيع أن تُغنى النفس مدى الحياة فى غير حاجة إلى ثروة مادية أو مركز أو جاه. .. أيها القائم المنتصر من بين الأموات.. لقد قمت وانتصرت.. ومن ثم انطلقت الحرية، وفاضت الروحانية، وتفاضلت العطية.. لقد سادت مملكتك وعاشت إلى اليوم كنيستك، تدفعها إلى الأمام روح عالية معنوية، فى نهضة فتية.. إن خبت حيناً اتقدت أحياناً، وإن تضاءلت حسب الظاهر بعض الوقت فلكى تشتعل جذوة متقدة متأججة، تحرق أشواك الشر، وتُعلن أضواء البر، وتدفع أبناء الخير، يؤدون رسالة الإخلاص والبذل للغير.. ربنا احفظ العالم كله فى طمأنينة وسلام». وكل عام والجميع بخير.

أستاذ بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية