رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البابا شنودة الثالث المِعطاء .. فى ذكراهدد


فى 17 مارس تحل الذكرى الثالثة لرحيل البابا شنودة الثالث البطريرك 117 الذى فارق عالمنا فى يوم السبت 17 مارس 2012 فى الساعة الخامسة عصراً بعد حياة مليئة بالجهاد والتعب وكثير من الأحداث.

وفى ذكراه العطرة اخترت صفة تميز بها البابا شنودة الثالث وهى «العطاء» بسخاء، فكان قد وضع نصب عينيه مبدأ: «نعطى للمُحتالين من أجل المُحتاجين»، وهنا أسجل بعضاً مما شاهدته بنفسى، كان قد اعتاد فى فترة ما يُسمى بأسبوع آلام السيد المسيح «الذى يسبق عيد القيامة أو الفصح» أن يتوجه يوم الثلاثاء لزيارة أديرة وادى النطرون ثم فى الساعة الثانية بعد الظهر يذهب لزيارة الإسكندرية – مقر الكرسى الرسولى – ويشترك فى الصلوات الحزينة، حدث فى عام 1997 أن توجه للصلاة بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية. لاحظت أن هناك طفلاً يرتدى ثياباً رثة جداً وحافى القدمين!! يحاول اختراق السياج البشرى الذى أقامه البعض حول البابا!! لكن الطفل فشل فى الوصول للبابا عدة مرات. وفى لحظة من اللحظات تمكن الطفل من اختراق السياج ووجد نفسه فى مواجهة البابا مباشرة. فى تلك الأثناء كان أفراد هذا السياج البشرى يقدمون للبابا بعض الأطفال الصغار «بنين وبنات» من ذوى الثياب النظيفة والأنيقة، لنوال بركة البابا والتقاط بعض الصور التذكارية، لكن ما أن رأى البابا هذا الطفل حتى استدعاه واحتضنه بأبوة ثم لاحظت أن الطفل بدأ يهمس فى أذُن البابا، واستمع البابا له بكل إنصات واهتمام ثم وضع يده اليمنى على كتف الطفل ليظهر فى الصور التذكارية مع الأطفال. ثم بعد ذلك وقف الطفل على بُعد قليل من البابا. وبعد انتهاء الصلوات وجدت البابا – حيث كنت على مقرُبة منه – يشير للطفل ليحضر إليه ثم وضع يده اليمنى فى جيبه وأخرج منه مبلغاً من المال «عرفت مقداره» وأعطاه للطفل سراً «ولم يكن البابا يعلم إنى كنت مراقباً للموقف». فمضى الطفل فرحاً لأنه سيتمكن من الاحتفال بالعيد. ثم بعد انتهاء الصلوات كان يحرص بنفسه على لقاء العاملين بالكنيسة والمقر البابوى ويوزع عليهم بنفسه – كأب حنون – معايدة العيد، ثم كان يكرر نفس الشىء مع العاملين بالقاهرة وكان يرفض أن يقوم بهذا العمل من ينوب عنه لأن العبرة ليست فى قيمة المعايدة نفسها بل فى روح الأبوة.

أيضاً اعتاد كل يوم خميس صباحاً يجتمع ببعض المحتاجين – بطريقة منظمة جداً – بالمقر البابوى بالقاهرة، وبالمثل يوم السبت بالمقر البابوى بالإسكندرية، وكنت قد حضرت بعضاً من تلك اللقاءات. فكان يجلس معهم بأبوة معهودة وبمنهج أبوى رائع حتى أنهم كانوا يبكون من تلك الرعاية الفائقة، وفى كثير من الأحيان كان يعطيهم بسخاء أكثر من احتياجاتهم.

فى عام 2008 أقام معهد الدراسات القبطية بالقاهرة احتفالية بمناسبة مرور خمسين عاماً على رحيل مُعلم الأجيال «المرتل ميخائيل جرجس البتانونى» مُرتل الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة. وفى نهاية الحفل تم توزيع ميداليات وهدايا تذكارية على المُهتمين بالألحان الكنسية وعلى رأسهم البابا شنودة الرئيس الأعلى للمعهد، وبعد نهاية الحفل وجدنى أمامه، فقال لى: «أنت حضرت معنا ولم تأخذ شيئاً!! كل ما أخذته فهو لك» وقام بإعطائى كل ما استلمه فى الحفل، فى ذكراه العطرة أذكره بكل الحب فقد كان أباً وصديقاً لى. وللحديث بقية

أستاذ بكلية الهندسة - جامعة الإسكندرية