رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صاحب العصمة.. الرجل


نجد أن كثيرًا من الأعمال السينمائية والتليفزيونية والمسرحية تصر على مخالفة ماجاء به الرأى الفقهى من حقيقة أن تكون العصمة بيد الزوجة فيصرون على تجسيد الرجل لصورة فيها خنوع وإذعان لزوجة تطغى وتتجبر حين يرجوها أن تطلقه

ومع كوْن الطَّلاق حقاً للرِّجال، فقد أجاز بعضُ العُلماء تفويضَ الزَّوجة فى تطليق نفسِها متى شاءت، قيل فى « فقه السُّـنة «: «الطَّلاق حقٌّ من حقوق الزَّوج ، فله أن يطلِّق زوجتَه بنفسه، وله أن يفوِّضَها فى تطْليقِ نفسِها، وله أن يوكِّـل غيرَه فى التَّطْليق، وكلٌّ منَ التَّفويض والتَّوكيل لا يُسْقِط حقَّه، ولا يَمنعه من استِعْماله متى شاء،إذن الأصل: كون الطلاق بيد الرجل لا غيره، وهو الذى يُوقعه متى شاء، ولا تكون العصمة بيد الزوجة إلا بتفويض من الزوج، وهذا التفويض.

إما أن يكون قبل العقد، أو بعده: فإذا كان بعد العقد، فأكثر الفقهاء على جوازه، وقيدوه بمجلس التفويض وأما إن كان قبل العقد، فلا يصح عند أكثر الفقهاء؛ لأنه مخالف لمقتضى عقد النكاح الذى يجعله حقًّا خالصًا للزوج، وأجاز الحنفية جعل العصمة بيد المرأة، فى حال ابتدأت به المرأة فقالت: زوَّجت نفسى منك على أن يكون أمرى بيدى، فقال الزوج: قبلت. ويرى البعض أن الأولى عدم جعل عصمة النكاح بيد الزوجة نظراً لطبيعة المرأة العاطفية التى قد تدفعها لإساءة التصرف، فتطلِّـق نفسها لأهون الأسباب، وتهدم عش الزوجية.وهذا محض هُراء، فالمعروف أن الأنثى فى كل الكائنات تحافظ على عشها أو بيتها لاتهدمه ؟!

لكننا نجد أن كثيرًا من الأعمال السينمائية والتليفزيونية والمسرحية تصر على مخالفة ماجاء به الرأى الفقهى من حقيقة أن تكون العصمة بيد الزوجة فيصرون على تجسيد الرجل لصورة فيها خنوع وإذعان لزوجة تطغى وتتجبر حين يرجوها أن تطلقه كما لو كان هذا الحق الأصيل الذى خصه به الشرع قد استـُـلب منه وتبودلت الأدوار بينه وبين المرأة.. ومن أمثلة ذلك فيلم «صاحبة العصمة» لإسماعيل ياسين وتحيه كاريوكا قديمًا ووصولاً إلى مسرحية «الهمجى» لمحمد صبحى وهناء الشوربجى وممدوح وافى وغيرهما من الأعمال.. والسؤال المهم الذى يفرض نفسه: لماذا لا يراجع مؤلفو الدراما المتخصصون من شيوخنا الأفاضل المنوط بهم استصدار الفتاوى وشرح ما يستعصى فهمه من أمور دينية فيما يقدمونه من أعمال تمس الشرع والدين حتى لا يخلطوا الحقائق المنصوص عليها فيهما؟!

وحتى لاتشوه مفاهيم المشاهدين فقد أصبحت «العصمة» سيئة السمعة يخشاها الرجال وقد تدفع بالمرأة الحاجة إلى اشتراط هذا البند فى عقد زواجها فى أحوال كثيرة ضرورية تنطوى عليها ظروف زواجها كأن تتزوج من أجنبى تخشى أن يسافر ولا يعود ويتركها لاتعرف كيف تحرر نفسها من زواج غادره بلارجعة دون أن يلتفت إلى الوضع الذى ستعانيه زوجته بهجره لها ــ مثلا ــ وطالما وافق الزوج فلم ينظر له المجتمع نظرة اندهاش واستغراب ؟! أليس هذا من الدين أم انه أمر مختلق؟ : ألا تعد هذه صورة من صور تكريم الإسلام للمرأة ؟! إذن لم نشوِّه هذا الأمر؟! لذا ينبغى تحرى الدقة فى الرأى الفصل الذى يروج من خلال الأعمال الفنية بشكل خاطئ فيه مغالطة كبرى لأمر فقهى مثبت فيه أن صاحب العصمة هو.. الرجل وإن فوض أو وكل الزوجة أو غيرها فى التطليق.. فالدقة والتدقيق فى هذه الأمور واجبة. ياقوم انتبهوا لأمور دينكم ولاتخلطوا فتتوه الحقيقة وتضيع الحقوق!

مركز اللغات والترجمة ــ أكاديمية الفنون