رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مزايا ومخاطر الحلف المصرى الخليجى المقترح!


إن مكافحة التطرف ومكافحة الإرهاب مهمة صعبة وممتدة وتستغرق زمناً، كما تتطلب جهودا أخرى غير عسكرية بعضها سياسى وثقافى، والآخر دينى؛ وهى أمور يجب ترتيبها قبل بدء التدخل العسكرى. أما التحالف الدولى ضد الإرهاب فيمكن أن يتعاون الحلف الجديد معه خاصة فيما يتعلق بالمعلومات،

تناقلت وكالات الأنباء أخباراً عن أن مصر وثلاث دول خليجية: السعودية والإمارات والكويت يدرسون إقامة حلف لمواجهة التطرف فى المنطقة، وقال بعضهم إنه لمواجهة التطرف فى كل من اليمن وليبيا، وطبعاً تثير هذه الأنباء أقوالاً كثيرة حول التدخل العسكرى فى المنطقة، خاصة أنه قد سبق أن أثيرت شائعات كثيرة عن تدخل عسكرى مصري، نفته القاهرة تماماً، وأحيانا إماراتى فى ليبيا، ولما كانت الأخبار تتعلق بعدة قضايا منها: التعاون العسكرى العربى، وقواعد التدخل العسكرى فى الخارج، ومواجهة التطرف، ومكافحة الإرهاب، والتحالف الدولى ضد الإرهاب، بالإضافة لما يثار حول دول الخليج وعلاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وعلاقتها بالجمهورية الإسلامية فى إيران من جهة أخرى، وجب التصدى للموضوع على أمل ترشيده.

بداية نقول إن من الطبيعى أن نرحب بأى تعاون عسكرى عربى باعتبار أنه أساس لأى حديث عن الأمن القومى العربى، لذا أجد نفسى لا أستطيع أن أعارض تعاوناً عسكرياً بين أى دول عربية من حيث المبدأ، لكنى أتذكر مباشرة أن كل أجهزة هذا التعاون قد توقفت عن العمل منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وأن استئناف عمل هذه الأجهزة يحتاج إلى زمن ليس بالقصير، لكن ربما إذا قارنا ما تحتاجه بما يحتاجه البدء من الصفر لوجدنا أن استئناف السابق يمكن أن يكون أهون وأسرع. كذلك لابد من القول بأن مساهمة هذه الدول عسكرياً فى تجارب التعاون العسكرى السابقة ضعيفة إذ اقتصرت مساهمة السعودية على لواء فى كل من الحرب عام 1948 و1967 و1973 بينما لم تكن دولة الإمارات قادرة على المساهمة العسكرية حتى عام 1973، وساهمت الكويت بكتيبة فى كل من الجبهة المصرية والسورية عام 1973. أى أن التجارب باستثناء مصر ضئيلة. لكن يبقى أننا إذا كنا نؤمن بوحدة الأمن القومى العربى فعلينا أن نشجع التعاون العسكرى فى جميع مستوياته مع إخضاعه لكل القواعد الضرورية للنجاح. أخيرا فهناك خشية أن يتحول الحلف الجديد إلى محور داخل الجامعة ومعاهدة الدفاع المشترك، وكان من الأفضل إحياء معاهدة الدفاع المشترك.

أما بالنسبة لقواعد التدخل العسكرى فلا أظن أن الظروف القائمة الحالية مناسبة له خارج أراضى الدول المتحالفة، وأنها يجب أن تتفادى أى زج بالقوات خارج أراضيها، وأن تدرس جيداً كل مطالب التعاون فيما بينها فى حال التعاون داخل أراضيها. إن التدخل العسكرى فى أى من اليمن أو ليبيا يتطلب مبدئياً سلطة مركزية قادرة على فرض سيطرتها على معظم أراضى البلد على الأقل، وامتلاكها مشروعية تمكنها من حماية القوات المتحالفة من هجمات المواطنين. بالإضافة إلى ما سبق لا بد من تحديد نظام التعاون، وتحديد القيادة السياسية والعسكرية للتحالف، ونظم الاتصالات والإمداد، والأعباء المالية وغيرها. ولنتذكر دروس التدخل العسكرى المصرى فى اليمن، ثم التدخل السعودى هناك، بل والتدخل العسكرى الأمريكى والأطلسى فى ليبيا بالإضافة إلى التدخل الأمريكى فى كل من أفغانستان والعراق.

إن مكافحة التطرف ومكافحة الإرهاب مهمة صعبة وممتدة وتستغرق زمناً، كما تتطلب جهودا أخرى غير عسكرية بعضها سياسى وثقافى، والآخر دينى؛ وهى أمور يجب ترتيبها قبل بدء التدخل العسكرى. أما التحالف الدولى ضد الإرهاب فيمكن أن يتعاون الحلف الجديد معه خاصة فيما يتعلق بالمعلومات، لكن يجب أن ينأى بنفسه عنه حتى لا يصبح تحت توجيه وهيمنة الولايات المتحدة والغرب. هناك ما يتعلق بعلاقة الحلف وخاصة دول الخليج الثلاث بالولايات المتحدة الأمريكية خاصة أنها يربطها بها اتفاقات ذات طابع عسكرى، إضافة إلى أن كلاً من دولة الإمارات ودولة الكويت أعضاء فيما يعرف بمبادرة إسطنبول للتعاون وهى مبادرة ذات طابع دفاعى عسكرى. أما عملياً فإن الولايات المتحدة هى الداعم الرئيسى لإسرائيل المصدر الرئيسى لتهديد الأمن العربى وأمن دول الحلف، فماذا هم فاعلون؟

يرجح كثيرون أن الخوف من التهديد الإيرانى هو السبب الرئيسى لقيام الحلف، وهو ما يوحى باحتمال أن يؤدى إلى توريط مصر فى صراع مع إيران، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار أهمية المعونات الخليجية لمصر فى الفترة الحالية. لكن لابد من أن يثور الموقف من الصراع فى سوريا، وهل يعنى الحلف أن مصر تنضم إلى القوى المضادة لسوريا. هكذا يشكل الحلف المحتمل فرصاً ومخاطر يجب وضعها فى الاعتبار أثناء الإعداد له.

خبير سياسى واستراتيجى