رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محصل الكهرباء.. ورحلة "الإهانة والمعاناة"

جريدة الدستور

هو مواطن مثله مثل باقي المواطنين.. يعاني من انقطاع الكهرباء لساعات وساعات في منزله.. لكن مع معاناته هذه، بات عليه أن يتحمل غضب المواطنين من انقطاع التيار.. فمع بداية كل شهر نراه أمام باب الشقة في كتفه حقيبة وفي يده آلة حاسبة وجهاز قياس كهربائي وحزمة من الفواتير‏..‏ فما إن نراه إلا ونقابله بوجه متجهم غير بشوش.. لماذا؟ لأنه يدق جرس الباب ليأخذ منا فلوس.. وما زاد الطين بلة أنه يطلب "فلوس" على شيء أصبح غير موجود.

‏مواطنون قليلون، بات عليهم أن يتحملوا فشل الحكومة، في توفير خدمة للمواطنين، وليس لهم من ذنب سوى أن القدر ساقهم للعمل في هذه المهنة، ولو أنهم اطلعوا على الغيب لما كانوا فكرة لبرهة في امتهان هذا العمل.

"
الدستور" صاحبت أحد هؤلاء، ويدعى حمدي رجب "محصل كهرباء" بمحطة جنوب القاهرة ببولاق الدكرور، لرصد معاناته في أداء عمله، وما إن يحط المحصل قدمه في الشارع، ويراه أهالي المنطقة الذين اعتادوا على رؤيته مطلع أول كل شهر، حتى تتجهم الوجوه.

يقترب "رجب" في بداية رحلة الإهانة، من إحدى العقارات، وما إن يبدأ في ارتياد المصعد "الأسانسير" حتى ينقطع التيار، فيبدأ في النداء بصوت عال، حتى يتم إنقاذه، ولعلم سكان العقار أنه "محصل النور" فلا يهتم أحد لأمره، ويبقى بين السماء والأرض، إلى أن يأذن الله بعودة التيار.

وما إن تنتهي المعاناة، تبدأ رحلة الإهانة، والتي تبدأ في الطرق على الباب، وما إن يعلم أصحاب البيت أنه المحصل حتى يسمعونه ما لا يحب من وراء جُدر "إنتم عايزين مننا إيه.. كهربة إيه اللي جايين تاخدوها هو فيه أساسًا كهربا".

يلملم "رجب" أوراقه ويصعد إلى الطابق الأعلى، ويكرر ما فعله، ليسمح حديثًا مشابهًا "إنت ليك عين تيجي تاخد فلوس".

يضمر "رجب" الغضب داخله مما يعانيه، ويكرر التجربة للمرة الثالثة ويصعد للطابق الأعلى.. لكن هذه المرة لا يهتم به أحد ويظل واقفا على الباب دون يعتني أحد بالرد عليه.

"
أنا خلاص زهقت.. كان يوم أسود يوم ما اشتغلت الشغلانة دي.. أنا ذنبي إيه.. مضايقين من قطع الكهربا يروحوا يشتكوا للحكومة".. يقول "رجب".

صلاح عبد الحميد راضي، مدير عام الشؤون التجارية لإدارة إيرادات فيصل، يقول: إن "استمرار أزمة الكهرباء تؤثر على المحصلين.. لكننا نتعامل مع الأزمة بكل حسم ونحاسب كل مواطن حسب استهلاكه".

وأضاف "هناك إجراءات تتخذها إدارة الكهرباء بالتعاون مع الوزارة لحل المشاكل التي يتعرض لها المحصلين مع المشتركين أثناء تحصيل الفاتورة".

وأكد أنه "في حالة حدوث حالات تسيب من المواطنين الذين يرفضون الدفع تقوم الإدارة بإيفاد لجنة إلى الحي أو المنطقة وتقوم بفصل عداد الكهرباء من منازلهم".

وأوضح أن الشركة تضع قواعد للمحصلين بكيفية التعامل مع المواطنين في حين حدوث أي اعتداءات من قبل الجمهور المشترك، أما عن مشاكل المواطنين المستمرة "مفيش مشترك بييجي غير وبنحل مشكلته".

وتبقى الأزمة مستمرة.. معاناة موظفي الكهرباء من الإهانة.. ومعاناة المواطنين من قطع التيار الكهربائي.