رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ظواهر محيرة


عندما صدرت القرارات الجديدة بزيادة أسعار الطاقة والوقود، خرج البعض من الكتاب والمثقفين والمحللين، بأن تلك الزيادة سوف تؤثر فى الفقراء، وأنهم سيزيدون فقراً، وكانت تلك القرارات صدرت ضد الفقراء فقط. فعلاً تلك القرارات تؤثر فى الفقراء وستزيد أسعار معظم السلع، ولكنها ضرورية لوضع اقتصاد بلادنا على الطريق الصحيح.ولكن هناك بعض الظواهر الملفتة للنظر فى اقتصاد الأسرة المصرية الفقيرة التى تعانى من قلة الموارد.برزت تلك الظواهر فى الفترة من 2000 حتى 2010، هما ظاهرة التليفون المحمول، التى ظهرت فى أوائل عام 2000 أو ما قبلها، والثانية هى ظاهرة النت، والتى بدأت فى نفس التوقيت أو قبله قليلاً، والثالثة هى ظاهرة التكتك، والتى ظهرت فى عام 2006، وهى الفترة التى كانت فيها عاطف عبيد وأحمد نظيف رؤساء للوزارة فى مصر.التليفون المحمول فى بداية تشغيله، كان لا يحمله إلا الأثرياء، وكان سعر الجهاز مكلفاً ويتجاوز الخمسة آلاف جنيه، وسعر الخط كان ألف جنيه، أما المكالمات فكانت أيضاً بأسعار غالية ومكلفة. وسرعان ما انتشر ليصبح التليفون المحمول فى كل بيت، بل ومع كل فرد من أفراد الأسرة. وأضافت تكاليف المحمول ومكالماته إلى الأسرة المصرية أحمالاً فى ميزانيتها، وتحملتها الأسر المصرية الفقيرة قبل الغنية، وظلت الأرباح فى صالح شركات المحمول، على حساب الشركة المصرية للاتصالات التى لم تطور نفسها، وقامت أعداد كبيرة من الأسر المصرية بالاستغناء عن التليفون المنزلى، مما سبب خسائر كبيرة لتلك الشركة والغريب أن تلك الشركات مازالت تحتكر تلك الخدمة وتستغل المواطن وتنصب عليه، وتسلب أمواله، ولا توجد رقابة فعلية من الدولة عليها والمواطن لا يتذمر.أما ظاهرة النت، فهى من أعظم الإنجازات الإنسانية فى عالم الأتالات وحققت طفرة هائلة فى عالم الاتصالات، وبدأ تقديم تلك الخدمة عبر أجهزة كمبيوتر كبيرة ثم تطورت لتصبح أجهزة صغيرة الحجم سهلة الحمل، وأصبحت تلك الأجهزة فى أيدى معظم شباب تلك الأسر، وتسربت إلى اقتصاد الأسر البسيطة بما تضيفه نت تكاليف زيادة فى ميزانية تلك الأسر من حيث ثمن تلك الأجهزة واشتراكات النت. وكالعادة لا رقيب من الدولة على مقدمى تلك الخدمة، ولا توجد رقابة فعلية ليعرف المواطن إذا كانت تلك الشركات تسلبه أو أنه قد قدمت له الخدمة مطابقة للمواصفات القياسية.التكتك ظهر على استحياء ثم تمدد سرطانياً. فى مدينتنا الأكثر فقراً فى مدن مصر يوجد بها أكثر من 40 ألف توك توك. لو فرضنا أن دخل التوك توك اليومى 50 جنيهاً فقط، فإن بحسبة بسيطة نعلم أن مدينتنا تدفع يوميا 2 مليون جنيه يومياً، من جيوب أهلها.وبالرغم مما سببه التوك توك من مآس فإن الدولة، لا تتدخل ولا تتحكم، وكأن الأمر لا يعنيها، مع أن الهند التى اخترعت تلك اللعبة، تخلصت منها، وفتح التجار المصريون بيوت ملايين الأسر فى الصين، من أجل استيراد تلك الوسيلة. تلك هى بعض الظواهر التى ظهرت، وتغلغلت فى اقتصاد الأسر المصرية، وأضافت أعباء جديدة عليها دون تذمر.

■ كاتب