رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشعارات الدينية والمكاسب السياسية


وإن جاز لنا أن نستنبط من التعليم درساً ومن التحذير إنذاراً حتى نرفض كل ما هو من الزيف والخداع والرياء والنفاق، فكم من ضحايا الغش والخداع وكم من مواهب طمرت وكفاءات أبعدت لمجرد عدم ممارستهم للخداع والرياء،
قام فضيلة المفتى الجليل فى أحد البرامج التليفزيونية بالشرح والتعليق على من يستخدمون الشعارات الدينية بغير ما قصد بها وقد أصاب فضيلته كبد الحقيقة وإذ أشكره لعلمه ولتخصيص مرصد لتفنيد الفتاوى لبيان الصحيح وغير الصحيح، فكثيراً ما تبدو المظاهر عكس ما هو فى الحقيقة، وإذ أشكر فضيلته للتصدى بجرأة وعلم واقتدار لا يقبل الإضافة أو حتى التعليق وإنما يدعو للثناء والدعاء لفضيلته بالتوفيق لاستفادة من يسعى للفائدة، ويفتح عيون وأذهان المتربصين بالوطن والساعين إلى الفرز والإقصاء للمصريين على أساس الدين والمعتقد وإن كانوا فى حقيقتهم لا يسعون إلا للتفرقة وإثارة البلبلة بين شعب طيب بفطرته مؤمن بنشأته يخاف الله ويسعى جاهداً لرضاه.

وهذا يدعونى لأذكّر بقول السيد المسيح فى رده على جماعات اليهود المتطرفين الذين أخذوا من الدين ستاراً ومن الفرائض مبرراً لإقصاء الآخر وجلب المنافع المادية والشخصية بشعارات دينية خلت من مضامينها السامية.. ويوجه السيد المسيح قوله لجماعة الكتبة والفريسيين الذين يقولون بغير ما يفعلون، فكان تحذير السيد المسيح على هذا النحو إذ قال «على كرسى موسى جلس الكتبة والفريسيون فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوا وافعلوه ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون فإنهم يحزمون أحمالاً ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس وكل أعمالهم إنما لكى تنظرهم الناس.

ولمثل هؤلاء يوجه التحذير قائلا: ويل لكم أيها المراءون لأنكم وقفتم أمام الناس بالأقوال لا أفعال فلا تدخلوا ولا تدعوا الداخلين يدخلون «ويل لكم أيها القادة العميان والجهال، لأنكم تصفون عن البعوضة وتبلعون الجمل، تنقون خارج الكاس والصحفة وهما من الداخل مملوءان اختطافاً ودعارة».. أيها الفريسى الأعمى نق أولاً داخل الكاس والصحفة لكى يكون خارجهما أيضاً نقياً، إنكم تشبهون قبوراً مبيضة تظهر من الخارج جميلة وهى من الداخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة.هكذا انتم أيضاً من خارج مظهرون للناس أبراراً ولكنكم من داخل مشحونون رياء وإثماً.. ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون – «اليهود» المراءون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتزينون مدافن الصديقين وتقولون لو كنا فى أيام آبائنا لما شاركناهم فى دم الأنبياء، فأنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء فاملأوا أنتم مكيال آبائكم.. أيها الحيات كيف تهربون من دينونة جهنم، لقد قتلتم وجلدتم وطردتم.

ثم نظر المسيح إلى أورشليم قائلاً: «يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها وكم مرة أردت أن أجمع أولادك، كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا» هوذا بيتكم يترك لكم خراباً».. وقال أحدهم «لا يغرنك نقاء لونها، ففى فمها السم الزعاف فكم من بياض البشرة يحتوى على قلب أشد من السواد».. ولقد علق البابا فرانسيس بالقول: لم يكن المسيح قاسياً مع أحد ولم يعرف الغلظة والويل والتهديد – وأضيف من عندى إلا لرافضى الهداية والباعثين والساعين إلى القتل والدمار، ويضيف البابا فرانسيس قائلا كانت رسالة المسيح رحمة وكلمته فرحة ولمسته شفاء وأسلوبه علاجاً ودعوته فرحاً ورجاء.. لم يعرف الحكم ورفض الدينونة.. لم يعرف الإقصاء ولا الاستبعاد ولم يعرف الاستعلاء.لم يعرف سوى الحب والتسامح والعطاء الذى وصل إلى بذل الذات ليحيا الآخرون، لكنه أبداً لم يتسامح مع الرياء والمرائين، ولم يغفر لمن رفضوا الغفران.

وإن جاز لنا أن نستنبط من التعليم درساً ومن التحذير إنذاراً حتى نرفض كل ما هو من الزيف والخداع والرياء والنفاق، فكم من ضحايا الغش والخداع وكم من مواهب طمرت وكفاءات أبعدت لمجرد عدم ممارستهم للخداع والرياء، ليتنا نحذر الغش وادعاء التقوى دون ممارستها وزيف الكلام دون ثمر على أرض الواقع، وأخيراً أختم بالشكر والتقدير لفضيلة مفتى الجمهورية لعلمه ودماثة خلقه ورجاحة فكره حفظك الله وأبقاك للعلم نوراً وللفكر والتعبير الشجاع تأثيراً كالنقش على الحجر وليس كمن يكتبون على الماء.

رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر