رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"داعش" المسمار الأخير في نعش تقسيم العراق

داعش
داعش

يخطئ من يتصور أن قراءة تعقيدات المشهد العراقي ممكنة بسهولة؛ لأن التطورات المتسارعة والمتلاحقة على الساحة العراقية تحيل المشهد إلى الضبابية بصورة أو بأخرى، فالتنظيم المسمى بـ"داعش" والمقدر ببضعة آلاف، مقارنة بالجيش العراقي، يسيطر على المدينة تلو الأخرى من دون أن يبدي الجيش العراقي أية مقاومة تذكر، بل ينسحب تاركًا خلفه أسلحته وعتاده، وأيضًا تاركًا أمام من يتابع ويحلل المشهد علامات استفهام كثيرة.

ومع توارد التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة يمكن أن تتعاون مع إيران، مع أجل التصدي لهذا التنظيم، يظهر بحسب خبراء استراتيجيين، أن العدوين اللدودين أمريكا وإيران، تحولا إلى صديقين لاقتسام غنائم العراق ومساعدة المالكي.

اللواء محمد علي بلال، الخبير الاستراتيجى ونائب رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، قال: إن "ما يحدث فى العراق ما هى إلا ترتيبات أمريكية فى المنطقة بدأت منذ عام 1991 مع الحرب الكويتية العراقية، لتقسيم المنطقة.

وأضاف، إنه ورغم أن أمريكا انسحبت من العراق في العام 2011، إلا أنه مازالت واقعيا تهيمن على البلاد، وبدأت تفكر في السيطرة على باقي دول المنطقة، وظهر هذا جليا فيما سمي "الربيع العربي" الذي يندرج تحت "الفوضى الخلاقة"، وهو ما تم إحباطه بثورة 30 يونيو.

وتابع: مع فشل "الفوضى الخلاقة" بدأت الولايات المتحدة في تغيير حساباتها مرة أخرى، من خلال تنظيم داعش.

وأشار إلى أن "داعش" حصلت على الكثير من الأسلحة من الحكومة الأمريكية أثناء تواجدها في سوريا هى و"جيش النصرة" فى مواجهة الجيش السورى إلى أن استعاد الجيش السورى وضعه بدأت داعش تعود إلى العراق وتنتظر الأمر بالانطلاق فى العراق، ليأتيها الأمر بعد تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر.

وأشار إلى أن مخطط التقسيم يكون بالاتفاق مع إيران، ليكون جنوب العراق يمثل الشيعة وهو أقرب ما يكون إلى إيران، والمنطقة السنية فى بغداد والموصل الأقرب إلى سوريا والأكراد فى الشمال الأقرب إلى تركيا.

من جانبه، قال محمود زاهر، الخبير العسكرى، إنه من الصعب أن يتدخل البيت الأبيض فى العراق بقوات برية، وإرسال حاملة الطائرات نوع من جذب الانتباه فقط، مشيرًا إلى أن التقارب الأمريكى الإيرانى يدور منذ ما يقرب من شهر ولكن الأمر يتوقف على البرنامج النووى الإيرانى.

وأضاف أن هناك التقاء مصالح واضحًا بين أمريكا وإيران، الأمر الذي يشكل نوعًا من الضغط النفسى على الخليج، مؤكدًا أن وجود داعش والنشاط الإسلامى للقاعدة وبعض إفرازتها فى ليبيا والعراق واستهدافها لمصر كما جاء على لسان قيادات تنظيم داعش يفيد المخطط الأمريكى الصهيونى.
وأشار إلى أن حدود نظام المالكى أقل بكثير من المخطط الامريكى لكنه يستفيد مما يحدث وأن التوتر بين السنة والشيعة له جذور لكن توقيت إشعال الأمور يصب فى مصلحة أمريكا للتأثير على منطقة الشرق الأوسط، موضحا أن الدخول المباشر للعراق لا يصب فى مصلحة أمريكا أو إيران، لكن دخول إيران أمر جائز ولكن أمريكا تفضل اللعب من بعيد من خلال أعوانها حتى لا تدخل فى مشاكل جديدة.
ومن جانبه، قال حسام سويلم، الخبير العسكرى، إن التقارب الأمريكى الإيرانى يعكس مصالح البلدين فى المنطقة، وداعش تساعد فى تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير، بحيث تستولى أمريكا على المنطقة الغربية من العراق مع المنطقة الشمالية من سوريا لتكوين ما يسمى دولة العراق والشام، وإيران يهمها الاستحواذ على الجنوب العراقى وتضمه إليها، والأكراد الشمال والمجموعة السنية فى الغرب والوسط ومن ثم تقسيم العراق إلى طوائف وهو بداية لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط عرقيا وطائفيا ومذهبيا.

وأضاف أن المخطط بدأ بسوريا ثم العراق فى سوريا بتمويل وتخطيط من قطر، وخير دليل على ذلك تصريحات القرضاوى الأخيرة وتشجيعه لتنظيم داعش واعتباره أن ذلك جهاد فى سبيل الله، مشيرا إلى  أن إيران موجودة فى العراق ومسيطرة على جنوب العراق بدعم من حكومة المالكى، وأمريكا لا يهمها وجودها بشكل صريح لأنها تنفذ مخططها من خلال عملائها واتفاقها مع القوى الإقليمية مثل إيران.
وشدد أن خطورة الأمر يتمثل فى انتقال أعمال العنف والإرهاب إلى باقى دول الخليج السعودية والكويت والإمارات والبحرين.