رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استغلت الخلاف السني الشيعي ودعمتها أنظمة عربية..

"داعش".. صنيعة إيرانية تهدد بتقسيم العراق يقودها سجناء "الأسد"

تنظيم داعش
تنظيم داعش

يخطئ من يتصور أن قراءة تعقيدات المشهد العراقي ممكنة بسهولة؛ لأن التطورات المتسارعة والمتلاحقة على الساحة العراقية تحيل المشهد إلى الضبابية بصورة أو بأخرى، فالتنظيم المسمى بـ"داعش" والمقدر ببضعة آلاف، مقارنة بالجيش العراقي، يسيطر على المدينة تلو الأخرى من دون أن يبدي الجيش العراقي أي مقاومة تذكر، بل ينسحب تاركًا خلفه أسلحته وعتاده، وأيضًا تاركًا أمام من يتابع ويحلل المشهد علامات استفهام كثيرة.
وباستعراض رؤى الكتاب والمحللين لدى الصحف العربية يمكن صياغة مشهد يوضح الأبعاد السياسية والعسكرية لتنامي دور "داعش" المتزايد مؤخرًا.
الكاتب السعودي خالد المطرفي، يرى أن داعش صنيعة استخباراتية إيرانية هدفها تثبيت موقف المالكي وضمان دعم نظام بشار عبر استخدام هذا الكارت الطائفي لإثارة البلبلة وتحقيق المكاسب من وراء ذريعة الحرب على إرهاب "داعش" في العراق وسوريا.
وقال في مقال بعنوان "حقيقة داعش" في موقع "العربية نت": إنه تم زرع داعش في العراق وامتدت أشواكها إلى سوريا، ومن يراقب الأحداث فسيعرف من كان أكثر المستفيدين من هذا التنظيم الإرهابي، مشيرا، إلى أنه قبل رحيل "داعش" إلى سوريا كان نظام بشار يتهاوى، فدخل "داعش" فتأخر سقوط النظام، ثم اشتبك الثوار مع بعضهم وما زالت القصة في سوريا معقدة وغير واضحة.
ولفت، إلى أن إيران تهدف من وراء "داعش" إلى تحقيق مصالحها في المنطقة، وإبقاء الذراع الإيرانية ممتدة عبر العراق إلى سوريا وصولاً إلى لبنان، حيث حزب الله.
وأضاف: أنه "بعد الأحداث الأخيرة في العراق أصبح موقف المالكي أقوى في نظر المجتمع الدولي وفي نظر المجتمع العراقي، الذي ينظر إليه الآن برغبة تحريرهم من مخاوف داعش ومستقبل غير معروف".
وتابع: "كل المكاسب السياسية والعسكرية ستصب في صالح إيران، ومن ينظر إلى الوضع في سوريا بعد دخول (داعش) ومكاسب إيران في ملفها النووي وتقاربها مع الغرب وأمريكا سيعرف ذلك".
أما عن أوجه التهديدات التي توجهها "داعش" للمنطقة العربية ككل، أوضح عطاء الله مهاجراني، في مقال له بـ"الشرق الأوسط" اللندنية، حمل عنوان "وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً" أن تهديدات "داعش" تتلخص في ثلاثة جوانب مهمة:
الجانب الأول: "داعش" تتبنى تفسيرًا غريبًا ومتطرفًا للإسلام؛ فهم يقتلون الناس بسهولة وهذا ما تظهره الصور التي نشروها حديثا في الموصل. وإذا بقوا في الموصل أو أي جزء من أراضي العراق، فسيطول عهد الإرهاب.
الجانب الثاني: "داعش" لا تشكل دمارًا بالبلاد وحسب، وإنما دمارًا للأمة ككل، حيث يجري تفتيت البلاد والأمة في وقت متزامن، هذه هي العاقبة الرئيسة لما يحدث حاليا في العراق.
الجانب الأخير: "داعش" لن تقبل بأن يقتصر نشاط فتنتها على أجزاء من العراق وسوريا، وإنما ستنتشر بسرعة في كافة أرجاء المنطقة، كالنار في الهشيم، قد تضم بعض دول الجوار المباشر للعراق وغيرها من البلدان.
وفي ذات السياق، لفتت افتتاحية "الشرق الأوسط" اللندنية إلى أن خطر التقسيم وزوال العراق أهم التهديدات، مشيرة إلى أن إعادة رسم خريطة المنطقة ليس في صالح أبنائها، فلن يأت ذلك دون نكبات وقتال وحالات نزوح وغيرها من ويلات.
من جهة أخرى، ألمح بعض الكتاب إلى أن الخلاف السني الشيعي من أهم دلالات تواجد مثل هذه المنظمات الإرهابية، فبعنوان "الهلال وتقطيع الأوصال" أشارت "الحياة" اللندنية في افتتاحيتها إلى أن العراق مقسم عمليًا وليس مهددًا بالتقسيم، معتبره أن تقدم "داعش" السريع والمذهل مجرد تأكيد لتدهور العلاقات السنية - الشيعية.
وأشارت إلى أن أزمة موقع السنة لا تقتصر على العراق وحده بل هي مطروحة بحدة في المنطقة التي يسميها الإعلام أحيانًا الهلال الشيعي أو هلال الممانعة – العراق وسوريا ولبنان - وهي في النهاية المنطقة التي تمكنت إيران من إحداث تغييرات كبيرة في دولها".
وأكدت على أن "الخيار إما العودة إلى احترام التوازنات وصوغ توافقات فعلية وإما حرب طويلة مدمرة لحسم المواقع المذهبية في الهلال، وهي حرب تتيح لـ"داعش" وأخواتها التحصن هنا والتقدم هناك وإنهاء ما تبقى من هياكل الدول مع تمزيق التعايش والخرائط، مشيرة إلى أن أخطر ما يمكن أن يحدث هو أن تتعامل إيران مع ما يجري في العراق باعتباره مجرد مؤامرة لتقطيع أوصال الهلال وهو ما فعلته في سوريا".
وفي "الخليج" الإماراتية، قال عبدالإله بلقزيز تحت عنوان "داعش الكبيرة بأخطائنا" إن الذين ساعدوا - بالمال أو بالقرار السياسي - على نشر الفوضى في سوريا، وتشجيع "المعارضة" والجماعات المسلحة على قتال النظام والجيش، قصد إسقاطهما، ساهموا - ربما حتى من دون أن يقصدوا - في تضخم جماعات قتالية مثل "داعش" و"جبهة النصرة" ونظيرات لهما، ومكنوا هذه الجماعات من بيئة خصبة للنمو والانتشار.
وعن الدولة المزعومة، أفاد باسم الشيخ في "الدستور" العراقية، أن "من يقف وراء هجمات داعش على المدن العراقية من تنظيمات مسلحة بمسمياتها المتعددة يدرك أن لا قدرة لهم على الاحتفاظ بما تحقق لهم على الأرض لأسباب ومعطيات مختلفة مهما كانت الأمنيات المتوفرة لهم جراء انسحاب الجيش من تلك المناطق".
وأكد تحت عنوان "داعش وحلفاؤه لا عودة للوراء" أن "داعش وحلفائها لن يستطيعون إقامة دولتهم المزعومة، والتي يتخذون لها شعارات مضللة لا حقيقة لها مثلما لن يعود البعث إلى حكم العراق بذات الطريقة القديمة وإعادة الديكتاتورية والنظام الشمولي، لكن العراق مشرعة أبوابه لكل أبنائه المخلصين ممن يعترفون بنظامه الديمقراطي الجديد وما سواه أضغاث أحلام ستنكسر على صخرة صمود العراقيين النجباء".
من جهتها، ألمحت افتتاحية "الوطن" السعودية تحت عنوان "العراق والعودة إلى المربع صفر" إلى قيادات التنظيم الإرهابي، مشيرة إلى أن "بعض المراقبين يكشفون عن دور "عزت الدوري" الرجل الثاني في نظام الرئيس الراحل صدام حسين في هذا الشأن والذي كان يقود ما يسمى بـ"جيش النقشبندية"، وكما يشاع بأنه هو الجيش الحقيقي الذي تم حله إبان دخول أمريكا إلى العراق عام 2003، إذ تقول المصادر في هذا الصدد إن "عزت الدوري يقود ما يشبه ثورة ضد المالكي ونظامه".
وبقراءة أخرى، تقول الصحيفة "قيادة عزت الدوري ينضم تحت لوائها "داعش"، وبعض عشائر السنة، بالإضافة إلى ضباط الجيش القدامى، ومن هنا تتبدد علامات الاستفهام التي خلفها جيش المالكي بتركه مواقعه وفراره، هذا إذا علمنا أن عقيدة جيش المالكي "طائفية"، تمارس عملا وظيفيا بعدما أصبح الانضمام إلى الجيش العراقي اختياريا وليس إجباريا".
من جهته، أكد الكاتب السوري على العائد في مقال نشرته "الحياة" اللندنية أن عدد الإسلاميين الذين أفرج عنهم نظام السوري خلال النصف الأول من عام 2011 بلغ قرابة 900 سجين، معظمهم كانوا على علاقة بالقتال في العراق، سواء من تنظيم "الدولة الإسلامية في بلاد الرافدين"، أو من خلال تنظيم "فتح الإسلام".
وقال بعنوان "داعش أو النظام.. بل داعش والنظام" لقد كان أبرز هؤلاء أبو محمد الجولاني قائد "جبهة نصرة أهل الشام"، الذي كان معتقلاً في فرع فلسطين لدى المخابرات العسكرية بدمشق منذ 2008، وأطلق سراحه عام 2011، وأن المطلق سراحهم شكلوا النواة الأولى والخلايا الأساسية للمجموعات الأصولية المتطرفة الأساسية التي تقاتل النظام الآن.
ويضيف أن "النظام السوري ليس غبيًا، فقد أطلقهم ليفعلوا بالضبط ما هم يفعلون اليوم.. فأبو محمد الجولاني، وأبو طه، وجميل زين المعروف بأبي الحسين، خرجوا ليشكلوا "جبهة النصرة"، بينما انتمى أبو حفيظة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، والمجموعتان متصلتان بالقاعدة، وتتحكمان بشمال سورية.. أما أحمد عيسى الشيخ فيقود لواء صقور الشام، بينما يقود حسن عبود لواء أحرار الشام، ويرأس زهران علوش جيش الإسلام"، مؤكدًا على أن كل هؤلاء كانوا نزلاء سجون النظام السوري.
أما عن الموقف الغربي من التهديدات الإرهابية، أشاد الكاتب السعودي طارق الحميد في "الشرق الأوسط اللندنية" تحت عنوان "العراق.. نعم دفاعا عن أوباما!" بموقف الرئيس الأميركي الرافض لإرسال قوات للعراق الآن، أو استخدام القوة العسكرية هناك، مشيرا إلى اشتراط واشنطن، في مساعدتها للعراق، تغلب العراقيين أنفسهم على الانقسامات العميقة بينهم "وتطبيق أسلوب منسق وفعال لإقامة الوحدة الوطنية اللازمة لتقدم البلاد، ومواجهة تهديد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام".