رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سر جودر.. عبقرية الصورة.. والتوظيف المختلف للفانتازيا

جودر
جودر

حقق مسلسل «جودر»، بطولة النجم ياسر جلال وعدد كبير من النجوم، نجاحًا مبهرًا منذ انطلاق حلقاته الأولى مع النصف الثانى من شهر رمضان الكريم، حيث وصفه النقاد بأنه واحد من أضخم الأعمال الدرامية العربية خلال الموسم الحالى.

وحاز المسلسل إشادات واسعة من الجمهور المصرى والعربى، الذى أعجب بالأداء التمثيلى والديكورات، والصورة الجميلة، والإنتاج الضخم، الذى قدمته الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، لجمهور الدراما الرمضانية، فى إعادة تدوير لحكايات «ألف ليلة وليلة» التراثية، لكن بمعالجة مختلفة تمامًا عن السابق.

وخلال السطور التالية ترصد «الدستور» مقومات النجاح التى أتيحت لـ«جودر»، وكيف استطاع جذب المشاهد المصرى والعربى خلال الموسم الحالى.

ياسر جلال يجسد «شهريار» و«جودر» فى خطين دراميين متوازيين

قدم النجم ياسر جلال على مدار السنوات الماضية مجموعة من الأدوار المختلفة والمختارة بعناية فائقة، والتى فرضت عليه أعباءً فى اختياراته المقبلة، خاصة أن أدواره حظيت بمحبة الجمهور، وأصبح مسلسله الرمضانى من أهم أعمال الموسم التى يقبل عليها المشاهد. وخاض ياسر جلال مغامرة كبيرة فى «جودر»، الذى يقدمه على مدار ١٥ حلقة، عن قصص «ألف ليلة وليلة»، والتى قُدمت من قبل فى عدة أعمال فنية، ورغم أن البعض تساءل: ما الجديد الذى سيقدمه فى هذه النسخة؟ لكنه فاجأ الجميع بعدم تجسيده شخصية «شهريار» الشهيرة فقط، بل شخصيتين، تسيران فى خطين متوازيين بشكل مميز وسلس. فقد قدّم شخصية «شهريار» بشكل مميز ومختلف عن الأشكال التى قدمت فى أعمال فنية من قبل، كما قدم شخصية «جودر»، التى كتبها المؤلف أنور عبدالمغيث بحرفية شديدة، واستطاع أن يظهر فيها بـ«لوك» وبناء وجسم مختلف تمامًا عن شخصية «شهريار». وقال ياسر جلال، لـ«الدستور»، إنه ذاكر الشخصية من أبعادها الثلاثة بعناية شديدة، وبدأ التجهيز لها جيدًا قبل التصوير، قائلًا: «صورت شخصية شهريار فى البداية، وعملت بجدية على شخصية (جودر) من خلال الكوافير والماكيير الخاص بى، حتى وصلت للوك الجديد الذى أقدمه فى شكل مختلف تمامًا ويبدو أصغر فى عمره بكثير عن شهريار، وهذا يضيف نوعًا من المصداقية للشخصية والعمل، والتى سيراها الجمهور». واعتبر الجمهور ياسر جلال الحصان الرابح فى الدراما الرمضانية باختياراته وإعداده للشخصيات التى يقدمها، والتى توجها هذا العام مسلسله الجديد «جودر»، الذى يعد من المسلسلات التى أعادت الريادة المصرية للدراما من جديد.

الاستعانة بـ٢٠٠ خبير فى مجال الجرافيك

تقدم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية مسلسل «جودر» بالتعاون مع شركتى «ميديا هب» و«أروما»، ووضعت «أروما» خلال العمل كل ما تمتلكه من إمكانات فى مجال الجرافيك، والمؤثرات البصرية، من أجل التنفيذ، وتمت الاستعانة بـ٢٠٠ خبير فى هذا المجال، من أجل تنفيذ العمل.

وأشاد الجمهور كثيرًا بمستوى الجرافيك الذى يقدمه المسلسل، وتداول المتابعون على مواقع التواصل الكثير من صور الكادرات، مشيدين بروعة الصورة التى تقدم لأول مرة بهذا المستوى الاحترافى فى الدراما. وقارن الجمهور بين «جودر» وعدد من الأعمال العالمية، وأشادوا بروعة تنفيذ المسلسل المصرى، وفوجئ الجميع بأن العمل تم تنفيذه بخبرات مصرية، وليست أجنبية، كما كان يتصور البعض.

سيناريو مُحكم ولغة رشيقة.. وتسكين مناسب للأدوار

المتابع الجيد لـ«جودر» سيرى أنه يُقدم كما لو كان سيمفونية فنية مميزة، تناسقت وتضافرت فيها كل الجهود من أجل أن يخرج للجمهور بهذا الشكل.

وكانت البداية مع التسكين الجيد للأدوار، فأفراد عائلة «جودر»، التى يجسدها ياسر جلال وياسر الطوبجى ووليد فواز ووفاء عامر ومحمود البزاوى، قد اختيرت أسماء الممثلين فيها بعناية.

على الجانب الآخر، جاء اختيار الممثلين فى أدوار مسئولى قصر شهريار بشكل مناسب جدًا، وهم: محمد التاجى وأحمد فتحى وياسمين رئيس، وغيرهم من النجوم، فضلًا عن اختيار ممثلى عائلة الشمعيين الأشرار، وعلى رأسهم نور ومحمد على رزق بشكل مناسب أيضًا.

وصاغ المؤلف أنور عبدالمغيث السيناريو بشكل محكم وبلغة رشيقة، وذكاء شديد، جعل الجمهور ينجذب لكل حلقة حتى مشهدها الأخير، كما جعلهم ينتظرون الحلقات الجديدة لمعرفة ما سيحدث فى القصة.

وحقق المخرج إسلام خيرى نجاحًا إضافيًا له فى «جودر»، بعد نجاحاته السابقة التى كان آخرها العام الماضى، من خلال مسلسل «جت سليمة» لدنيا سمير غانم. ويحسب للمخرج أنه تصدى لواحد من الأعمال الصعبة، الذى يتطلب حكمة شديدة فى إدارة هذا الطاقم الضخم، وإدارة العمل بكل أركانه وأقسامه، للخروج بهذا الشكل المشرف للغاية، وهو ما أشاد به كل صناع العمل.

خالد يوسف: يستفز الخيال ويسهم فى تنمية وجدان الأجيال الجديدة

قدمت الشركة المتحدة تجربتى «جودر» و«الحشاشين»، وغيرهما من الأعمال، بشكل يليق بالدراما المصرية ويعيد لها الريادة الفنية.

ويعد «جودر» من الأعمال ذات الإنتاج الضخم، والذى وفّت الشركة المتحدة بكل متطلباته من أجل دعم هذه التجربة الواعدة، واحتوى المسلسل على ديكورات ضخمة وأعمال جرافيك كبيرة، لم تكن لتظهر لولا الدعم الهائل من الشركة.

وأشاد عدد من المتخصصين فى المجال الفنى بجودة وقوة العمل، ومنهم المخرج خالد يوسف، الذى قال: «ياه كده أنا حسيت إن رمضان بتاع زمان رجع تانى، بعرض مسلسل (جودر- ألف ليلة وليلة)».

وأضاف: «تحية خالصة من القلب لصناعه، على رأسهم المخرج إسلام خيرى والمؤلف أنور عبدالمغيث، والفنان تامر مرتضى وفريق (أروما)، الذى لولاه ما شعرنا بكل تلك المتعة البصرية، من الجرافيك المتقن والمتعوب عليه، الذى أقول إنه كان على مستوى الخيال الأعظم لكتاب ألف ليلة وليلة».

وأكمل: «حسنًا فعل ياسر جلال أن تفرغ لهذا المشروع الكبير، ووصل بأدائه لمستوى نادر من النضج والفهم، وتتجلى موهبته الكبيرة فى كل إيماءة أو لمحة. هذا العمل تهاجمه قلة لا تدرك أثره، فمن غير هذه الأعمال لن نرى مبدعًا عظيمًا سواء فى العلم أو الفن أو الأدب، فهذه الأعمال تستفز الخيال وتسهم فى تنمية وجدان الأجيال الجديدة، فيظهر منهم للنور أمثال نجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف شاهين وزويل ومحمد غنيم ومجدى يعقوب ومحمود سعيد ومحمود مختار».

واختتم بقوله: «من غير مثل هذه الأعمال لن تبقى قوة مصر الناعمة متدفقة من جيل لجيل، زمان كنا ندرك ذلك فقدمنا (ألف ليلة وليلة) كل عام، ورغم ضعف الإمكانات حينها فإنها كانت شديدة الأهمية».