بهجت الأنصارى والمزيد من البهجة

فى أواخر التسعينيات كان أول حوار صحفى مع فنان ما هو يحيى الفخرانى، وكنت طالبة الثانوية العامة التى تهوى المسرح، وتجن بالسينما، ذهبت إلى مسرح السلام بشارع قصر العينى لكى أحظى بمقابلته وإجراء حوار بسيط ينشر فى مجلة المدرسة، وكانت مسرحية جوازة طليانى للفخرانى ودلال عبدالعزيز عن رواية «فيلومينا» للإيطالى إدوارد دى فليو والتى قدمها الفخرانى مرة أخرى من خلال مسلسل زاهى زركش. فمنذ رأيته فى الواقع على خشبة المسرح وشعرت بمدى صدق ملامحه وتعبيراتها المرتسمة بعمق على وجهه وأنا فى إخلاص تام لمتابعة هذا الفنان الحقيقى.

وها هو يقدم مسلسلا آخر يطرح قضايا عصرية فى المجتمعات مختلفة الثقافات، عصر السوشيال ميديا التى تتحكم فى حياة الأفراد وتفرض سيطرتها فى إثبات لمدى قوة تأثير الحيوات الافتراضية فى يومنا ويتناول الأسباب والنتائج عن مدى انتهاك المواقع الاجتماعية لخصوصية المشتركين وشبكة أصدقائه كاملة.

يقدم الفنان الكبير مسلسل عتبات البهجة حاليًا فى رمضان 2024 كأحدث إصدارات الشركة المتحدة واتش إت، عن رواية الكاتب إبراهيم عبد المجيد التى تحمل العنوان نفسه، والتى تدور أحداثها فى سياق فلسفى وجودى نتعرف عليها من خلال تأملات بهجت الأنصارى العميقة وبحثه الدائم عن معانى الأشياء كالحب والسعادة والأمل.

ولا شك فى اختيارات الفخرانى لأدواره التى أقل ما توصف به أنها الأدوار ذات الطابع الأصيل حيث نشعر بتلك الأصالة من خلال موضوعات العمل المختارة بعناية وفريق العمل من الوجوه الجديدة فى إتاحة الفرصة لصعود نجمهم والمخرج مجدى أبو عميرة كأحد عناصر الأصالة فى العمل الدرامى، وقد تولى مدحت العدل ترجمة الرواية لسيناريو وحكاية سينمائية لا تقل متعة عن قراءة رواية إبراهيم عبد المجيد.

تبدأ الأحداث عندما تتعرف على بهجت وكيل وزارة الصناعة السابق، والذى وهب حياته لتربية حفيديه جميلة/ بسنت أبو باشا، وشقيقها عمر/ خالد شباط، ويتعرف على طقوسهما اليومية ومشكلات المراهقة والفجوة بين الأجيال وسطوة الهواتف الذكية وسيطرتها على حياتهما، حيث تتعرض جميلة للابتزار ونشر صورها الشخصية على المواقع الاجتماعية، بالإضافة لتورط حفيده عمر فى صفقة سجائر إلكترونية مغشوشة، بجانب إلقاء الضوء على أزمة التعليم وانتشار المراكز التعليمية (السنتر) بشكل مبالغ فيه، والمتمثلة فى مستر عبد البديع / هشام إسماعيل المعلم الجشع المتفرغ لجمع أموال الدروس الخصوصية دون ضمير أو مهنية، وكذلك يجمع المسلسل عدة جوانب اجتماعية نمر بها خلال حياتنا اليومية المتشابهة والاقتراب من الواقع ومحاكاته.