رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تدفقات العملة الأجنبية: زيادة تحويلات المصريين 10 أضعاف.. والتنازل عن الدولار يزيد 20 مرة

جريدة الدستور

 

شهدت مصر، خلال الأيام القليلة الماضية، تحسنًا كبيرًا فى التحويلات المالية الواردة إليها بالعملات الأجنبية، سواءً من المصريين فى الخارج أو من المستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية، بعد التأثيرات الإيجابية للقرارات والإجراءات التى اتخذها البنك المركزى والحكومة المصرية، على مدار الأسبوعين الماضيين، بهدف تعزيز مرونة سعر الصرف والسيطرة على معدلات التضخم ووضعها على مسار نزولى، وتهيئة بيئة مواتية لاستقطاب ونمو حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة فى مصر.

إلى جانب التدفقات المستمرة، تترقب السوق، وفقًا للخبراء والمراقبين والمؤسسات المحلية والدولية، تحسنًا مطردًا فى حركة التدفقات للسوق المصرية خلال الأيام القليلة المقبلة، بقيمة تتجاوز ٤٠ مليار دولار، بعد توقيع اتفاق تمويلى مع الاتحاد الأوروبى بـ٨ مليارات دولار، مع البدء فى صرف دفعات من قرض صندوق النقد الدولى بقيمة ٩.٢ مليار دولار، وتمويل آخر من البنك الدولى بقيمة ٣ مليارات دولار، بالإضافة لترقب الحصول على الشريحة الثانية من صفقة تطوير مدينة رأس الحكمة، بقيمة ٢٠ مليار دولار.

وشهدت حصيلة شركات الصرافة الحكومية من العملات الأجنبية المختلفة طفرة قوية، على مدار الأيام القليلة الماضية، لتتخطى القيمة المعادلة لها مبلغ ١.٥ مليار جنيه، منذ صدور قرارات البنك المركزى المصرى، الأسبوع الماضى.

وتضاعفت حركة التنازل عن العملات الأجنبية بشكل كبير داخل البنوك؛ لتتجاوز ١٠٠ ضعف معدلاتها فى السابق فى بعض المصارف الحكومية والخاصة. 

وشهدت السوق، أيضًا، إقبالًا قويًا من المستثمرين الأجانب على شراء أدوات الدين المصرية، وقفز معدل التغطية على عطاء أذون الخزانة الأخير لمدة ٣٦٤ يومًا، ليصل إلى ٨ مرات تقريبًا، بالمقارنة بمتوسط مرتين فقط فى العطاءات السابقة، كما ارتفعت تداولات الأجانب على الأسهم لتتخطى مليار جنيه يوميًا فى الوقت الراهن، انطلاقًا من نحو ١٥٠ مليون جنيه فقط فى السابق.

فيما أعلنت شركة «الأنصارى» للصرافة، أكبر شركة تحويل أموال فى دولة الإمارات العربية، التى تملك ما يزيد على ٢٠٠ فرع وأكثر من ٣ ملايين عميل، عن تسجيل ارتفاع ملحوظ فى عدد التحويلات المالية إلى مصر خلال الأيام الماضية، على خلفية قرار تحرير سعر الصرف.

من ناحيته، أكد محمد الإتربى، رئيس اتحاد البنوك المصرية ورئيس مجلس إدارة بنك مصر، وجود طفرة فى التحويلات المالية الواردة إلى مصر بالعملات الأجنبية، سواءً من المصريين فى الخارج أو من المستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية الراغبة فى الاستثمار بأذون وسندات الخزانة المحلية.

وأوضح أن ذلك يمثل إشارة قوية لعودة الثقة فى الاقتصاد المصرى، عقب الكشف عن صفقة مدينة رأس الحكمة واتخاذ «المركزى» قرارات جريئة لتعزيز مرونة سعر الصرف والسيطرة على معدلات التضخم ووضعها على مسار نزولى.

وأكد أن إجراءات «المركزى» أسفرت عن حدوث استقرار كبير فى سوق النقد الأجنبى، وتغيير كبير فى نظرة المؤسسات الدولية للاقتصاد المصرى، لافتًا إلى أن وكالة «موديز» العالمية أعلنت عن تعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد المحلى وأكبر ٥ بنوك مصرية من سلبية إلى إيجابية.

وأشار إلى أن حصيلة تحويلات المصريين من الخارج ببنك مصر تضاعفت لأكثر من ١٠ أضعاف، مع ارتفاع معدل التنازل عن الدولار داخل شركة الصرافة التابعة للبنك بنحو ٢٠ مرة، مقارنة بالفترة الماضية، ما عزز من قدرة البنك على تلبية جميع قوائم الانتظار الخاصة بالعملة الأجنبية، وإغلاقها بالكامل خلال الأيام الماضية.

وأضاف «حصيلة التدفقات القوية من النقد الأجنبى أسهمت فى تحسن قيمة الجنيه أمام الدولار على مدار الأيام الماضية، بالإضافة إلى قيام معظم البنوك المصرية بزيادة المبالغ المتاحة للاستخدام بالعملة الأجنبية عبر البطاقات، تيسيرًا على عملاء الجهاز المصرفى.

ورجح رئيس اتحاد البنوك تزايد حركة التدفقات للسوق المصرية والتنازل عن الدولار داخل القنوات الرسمية، خلال الأيام المقبلة، فى ظل وجود تدفقات مليارية مرتقبة من صندوق النقد والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى، إلى جانب الشريحة الثانية من صفقة رأس الحكمة، بقيمة ٢٠ مليار دولار، منها ١٤ مليارًا سيولة نقدية و٦ مليارات دولار قيمة الوديعة الإماراتية المتبقية بالبنك المركزى المصرى.

وانعكس تأثير تلك التدفقات المالية الكبيرة فى زيادة تلبية بنوك القطاع المصرفى للطلب على العملة بغرض الإفراج عن البضائع بالموانئ، لتتجاوز ٣ مليارات دولار خلال الأيام القليلة الماضية، بجانب القضاء على جانب من قوائم الانتظار بها، ما أسهم فى ارتفاع حجم التداول عبر آلية «الإنتربنك الدولارى» لتتجاوز ٢.٥ مليار دولار خلال ٣ أيام عمل فقط، عقب صدور قرارات المركزى.

كما زادت معظم البنوك المصرية، فى صدارتها «الأهلى المصرى»، «مصر»، «العربى الإفريقى الدولى»، «التجارى الدولى»، «QNB الأهلى»، «تنمية الصادرات»، و«أبوظبى الإسلامى»، المبالغ المتاحة للاستخدام بالعملة الأجنبية عبر البطاقات، تيسيرًا على عملائها، بعد أن أصبح للبنوك مطلق الحرية فى وضع الحدود المناسبة لاستخدامات كروت الائتمان بالعملة الأجنبية والضوابط الخاصة بها، فى ضوء المعايير الداخلية لكل بنك، ما يستهدف التيسير على عملائها وتلبية احتياجاتهم بالعملة الأجنبية.

وحول ذلك، أوضح أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، أنه منذ صدور قرارات البنك المركزى بتحرير سعر الصرف ورفع سعر الفائدة ٦٪، ازدادت التنازلات عن العملات الأجنبية، خاصة الدولارية، سواء من الأفراد أو المضاربين أو المؤسسات المحلية والدولية إلى القطاع المصرفى الرسمى، لافتًا إلى أن قيمة تلك التنازلات فى بنوك «الأهلى» و«مصر» و«القاهرة» تجاوزت مليار جنيه خلال أيام. 

ولفت «غراب» إلى ارتباط ذلك بتوافر الحصيلة الدولارية بالبنوك، خاصة بعد صفقة رأس الحكمة واتفاقات التمويل مع صندوق النقد الدولى واستثمارات الاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى ترقب حصيلة برنامج الطروحات الحكومية، الذى سيوفر خلال الأشهر المقبلة ما يقرب من ٥ مليارات دولار، بالإضافة إلى تكثيف الحملات الأمنية على مافيا تجار العملة بالسوق السوداء، مع تلبية كل احتياجات المستوردين فى السوق الرسمية.

وأضاف «كل تلك العوامل أسهمت فى القضاء على السوق السوداء للعملة، وأعادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتى تزيد على ٣٠ مليار دولار سنويًا، خاصة بعدما ترك «المركزى» للبنوك تحديد سعر الصرف وفقًا للعرض والطلب لدى كل بنك».

واستطرد «فور صدور القرارات الجريئة بدأ الصرف بسعر فوق ٥٠ جنيهًا، ثم بدأ فى التراجع حتى وصل لأقل من ٤٩ جنيهًا فى أيام، ومن المتوقع، خلال الأيام المقبلة، أن يستمر التراجع تدريجيًا، مع زيادة التدفقات الدولارية وتوافقها مع متطلبات المستوردين، ليصل الدولار إلى السعر الحقيقى، بين ٤٠ و٤٥ جنيهًا، وفقًا للتوقعات، وهذا بعد جمع السيولة الدولارية الضخمة الموجودة بالسوق».