رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فريد زهران: انفتاح المجال العام بعد الحوار الوطنى وراء ترشحى لانتخابات اتحاد الناشرين

فريد زهران
فريد زهران

أرجع فريد زهران، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، رئيس حزب «المصرى الديمقراطى الاجتماعى»، ترشحه لانتخابات التجديد النصفى لمجلس إدارة اتحاد الناشرين المصريين، المقرر إجراؤها، الخميس- إلى التطورات الإيجابية التى يشهدها المجال العام، إلى جانب قرب انتهاء فترة رئاسته الحزب، التى دفعته لعدم الترشح أكثر من مرة سابقة.

وكشف «زهران»، الذى يخوض الانتخابات ضمن قائمة «إعادة البناء»، عن «مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية»، فى حواره مع «الدستور»، عن أبرز التحديات المختلفة التى تواجه صناعة النشر، ورؤيته لكيفية العمل على مواجهتها، وما المطلوب من الدولة لدعم هذه الصناعة المهمة، التى اعتبر أنها فى حاجة للإنقاذ.

■ حدثنا فى البداية عن أسباب ترشحك فى انتخابات اتحاد الناشرين.. لماذا الآن؟

- تراودنى فكرة الاهتمام باتحاد الناشرين منذ فترة طويلة، وطوال الوقت كانت هناك رغبة لعدد من الناشرين بأن أتقدم للترشح، وكنت أعتذر عن هذه الرغبة لسببين، الأول إحساسى بانشغالى فى ملفات أخرى معظمها ملفات سياسية، والثانى أننى كنت أرى أن الأجواء غير مناسبة.

لكن شجعنى هذه المرة، أننى على وشك انتهاء فترة رئاستى بحزب «المصرى الديمقراطى الاجتماعى»، والأمر الثانى أننى أرى أن هناك تطورًا إيجابيًا وملموسًا فى المجال العام بشكل كبير، منذ دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى، ما ينبئ بإتاحة أجواء عمل مناسبة داخل الاتحاد.

■ البعض يعتبر ترشحك لانتخابات اتحاد الناشرين خطوة تأخرت كثيرًا.. كيف ترى هذا؟

- على مدار السنوات الماضية كنت بعيدًا عن أى مواقع قيادية فى اتحاد الناشرين، لكن لم أكن بعيدًا عن الاتحاد ذاته، وأرى ضرورة أن تكون هناك خبرات قديمة فى هذه الفترة التى نحتاج فيها لتجاوز مرحلة التأسيس إلى مرحلة إعادة البناء على أسس جديدة.

مصر تغيرت كثير جدًا منذ أن وضع قانون اتحاد الناشرين قبل ١٠ سنوات، لكن نفس الوجوه ظلت تتكرر فى الاتحاد، ورغم أنها فعلت أمورًا إيجابية وأخرى سلبية، أصبحت هناك حاجة لدماء جديدة، وهذا لا يعنى إهدار الخبرات القديمة، بالعكس أنا حريص عليها، وذلك من خلال الاستعانة بخبرات قديمة بطبعات جديدة، بمعنى أن تكون من المؤسسات العريقة، وليست نفس الوجوه القديمة.

■ ما أبرز التحديات التى تواجه صناعة النشر فى مصر من وجهة نظرك؟ 

- صناعة النشر واجهت- ولا تزال- عقبات ضخمة، ورغم ذلك صمد الناشرون أمام هذه التحديات، ويجب تقديم التقدير والإجلال لكل الناشرين، فهم أبطال بمعنى الكلمة، وعملوا فى ظروف صعبة دون دعم يُذكر من مؤسسات الدولة، أو دون دعم على الإطلاق، على عكس بلدان أخرى، ومع ذلك حققوا نجاحًا كبيرًا جدًا.

سأضرب أمثلة بسيطة، شكل الكتاب المصرى ارتقى جدًا فى العقدين السابقين، وهذا يحسب للناشر المصرى، الذى أصبح يهتم بالشكل والتبويب والغلاف، بالإضافة إلى المضمون والتنوع، لذا عندما تزور معرض القاهرة للكتاب تفاجأ بمستوى الإصدارات، فهناك تنوع وثراء غير مسبوقين فى كل مجالات النشر، بما فيها كتاب الطفل.

يأتى هذا وسط غياب الدعم الحكومى للناشرين المصريين، فمنذ فترة كانت الوزارات الحكومية تشترى الكتب من الناشرين، وكان هذا يمثل جزءًا رئيسيًا من دخل الناشرين المصريين، لكنه لم يعد موجودًا الآن.

كما أن هناك تحديات تتعلق بأسعار الورق والطباعة وخامات ومستلزمات الإنتاج. هناك من يقول إن الكتاب معفى من الضريبة، لكن فى الحقيقة أن مستلزمات الإنتاج ليست معفاة من الضرائب، مثل الزنك والحبر وغيرهما، ومن يتحملها هو الناشر.

■ ما المطلوب لمواجهة هذه التحديات والعقبات؟

- يجب أن تُعامل صناعة النشر على أنها صناعة استراتيجية، ويُعامل الناشرون على أنهم «مُصنّعون» وليس «تجارًا»، فحتى الآن لا يستطيع الناشر أن يحصل على قرض من البنك، لكونه غير مصنف كـ«مُصنع»، وهذا يضعف المُصنع والصناعة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون اتحاد الناشرين ظهيرًا قويًا للناشرين، وعندما يتعرض أى ناشر إلى محنة ويلجأ إليه يستجيب له. اتحاد الناشرين مزيج من ثلاثة: نقابة، اتحاد مهنى مُلقى على عاتقه الارتقاء بالمهنة، واتحاد مصالح يخاطب الجهات المختلفة لمصالح محددة.

وهنا يجب أن أقول إن عدد الناشرين ليس كبيرًا، لكن صوتهم عالٍ ووزنهم الأدبى أكبر من عددهم، لأنهم مسئولون عن صناعة النشر، وعن الكتاب الذى من المفترض أن يؤثر ويربى أجيالًا ويكون ثقافة أمة، وهذا جزء من هموم الاتحاد.

■ كيف يمكن دعم صناعة النشر والكتاب فى مصر إذن؟

- إذا كانت الدولة تهتم ببناء الإنسان، فلا بد أن يكون دعم صناعة الكتاب جزءًا من أولوياتها، وبالتالى دعم اتحاد الناشرين جزء رئيسى من هذه الأولويات، ما يدفعنا لمطالبة أجهزة ومؤسسات الدولة بالاهتمام بالثقافة وصناعة الكتاب.

■ ما شكل الدعم المطلوب من أجهزة الدولة المختلفة لصناعة النشر؟

- أولًا: احترام اتحاد الناشرين واستقلاليته ومكانته، والتعامل معه من كل أجهزة الدولة بطريقة تمكنه من الاضطلاع بدوره ومهامه.

ثانيًا: الاستجابة من السلطات المختلفة لإرادة الناشرين، وأن يكون هناك قانون جديد ينظم عمل اتحادهم، لأن القانون القديم يحتاج إلى تحديث وتعديل.

ثالثًا: وضع لائحة جديدة تنظم عمل اتحاد الناشرين، يُراعى فيها- على سبيل المثال- بقاء رئيس الاتحاد دورتين فقط، حتى لا يتكرر ما نحن بصدد الحديث عنه.

رابعًا: يجب على أجهزة ومؤسسات الدولة المشتغلة فى صناعة الكتاب ومجال المكتبات العامة أو ما شابه، أن تركز كل المُخصص لها ماليًا لدعم صناعة الكتاب لدى الناشرين المستقلين، بمعنى شراء كتب منهم بآليات شفافة وعادلة، مع وجود نشر مشترك.

خامسًا: وجود تيسيرات خاصة بالجمارك والضرائب للناشرين وصُناع الثقافة.

سادسًا: توفير مساحة أكبر لحرية النشر والتعبير، بحيث لا يكون هناك تضييق على أى إصدارات لها طابع ثقافى، مع وجود محددات عامة لكل صُناع الكتاب يلتزمون بها، لكن دون تزيد أو إفراط.

هناك أمور كثيرة من الممكن أن تدعم بها الدولة صناعة النشر وتنقذها، مع تأكيد أن الناشرين صامدون حتى الآن، ويبلون بلاءً حسنًا، ما يستدعى تكريمهم على أعلى مستوى، نظرًا لصمودهم رغم التحديات المختلفة.

■ وماذا عن الدور المطلوب من اتحاد الناشرين لمواجهة هذه التحديات؟

- يجب ضبط أدائنا المهنى للارتقاء بصناعة الكتاب، من حيث مواجهة التزوير والقرصنة بكل أشكالها، وتنقية اتحاد الناشرين من كل ما هو ليس محسوبًا على هذه المهنة السامية.. باختصار ترتيب بيتنا من الداخل.

الناشرون مطلوب منهم الارتقاء بمستوى المهنة، وأن يكون لديهم ممثلون أقوياء جادون، وقبول وقدرة على التواصل مع أجهزة الدولة المختلفة، والمؤسسات الثقافية على المستوى العربى والعالم.

لذلك جزء رئيسى من نجاح الاتحاد فى مرحلة إعادة البناء، أن تكون فيه درجة عالية من التوافق، ودرجة عالية من حضور الجمعية العمومية، فمجلس الإدارة الجديد، إذا حاول العمل بمفرده، دون دعم من الجمعية العمومية، سيفشل لا محالة، والضمانة الوحيدة لنجاحه هى مدى التفاف أعداد أكبر من الأعضاء.

■ تحدثت عن ضرورة تعديل قانون اتحاد الناشرين.. ما رؤيتك لذلك؟

- المطلوب بالتحديد هو إدارة حوار واسع داخل اتحاد الناشرين لمعرفة ماذا يريد الناشرون من تعديلات فى القانون الجديد، فهناك مشروع قانون موجود، لكن مطلوب توسيع دائرة المشاركة فى عملية الحوار، واتخاذ خطوات عملية. وأؤكد أن ضربة البداية أننا نقر بأن هناك ضرورة لتغيير القانون واللائحة، مع إجراء التعديلات بتوافق واسع، سواء فيما يتعلق بقانون اتحاد الناشرين، أو قانون الملكية الفكرية، وكل التشريعات المتعلقة بصناعة النشر.

■ فى الختام.. ما رسالتك التى توجهها للناشرين وأعضاء الجمعية العمومية لاتحادهم قبيل الانتخابات؟

- أهم شىء هو العمل من أجل استعادة الناشرين علاقتهم بمجلس إدارة الاتحاد، فهناك العديد من الناشرين عزفوا عن المشاركة خلال السنوات الماضية، لأسباب مختلفة، ويجب أن يعودوا الآن ويشاركوا فى العملية الانتخابية، ويمارسوا دورهم كأعضاء فى الجمعية العمومية.

أنا أشارك فى الانتخابات كفرد من بين قائمة تم التوافق عليها بعناية، وتضم تنوعات كثيرة من الناشرين، من الشباب وذوى الخبرة على حد سواء، فقائمة «إعادة البناء» تضم شخصيات مشهودًا لها، وليست وجوهًا جديدة أو غامضة، بل شخصيات معروفة ولديها خبرات وتاريخ تعتز به، ويمكن الاستناد إليها. ولدينا ميزة أخرى، أننا مجموعة متكاملة ومتناغمة: «إحنا مش بالضرورة أفضل ناس أو ملايكة، لكن الأكيد فريق متكامل ونعمل بروح الفريق».

■ كيف أثرت التقنيات الحديثة على صناعة النشر فى مصر؟

- من وجهة نظرى، لم تؤثر هذه التقنيات بشكل سلبى، على عكس ما كان يُشاع، القصة أننا دائمًا نخشى من وسائل معينة، رغم أننا يمكن أن نستفيد من تأثيرها الإيجابى. على سبيل المثال، النشر الإلكترونى لم يؤثر على صناعة النشر، بل إنه وفر للكتاب مساحة أوسع للانتشار، لكن الذى يؤثر سلبًا هو التزوير والقرصنة.