رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبل نهاية الفيلم

عماد أبوزيد
عماد أبوزيد

 

 

على غير العادة لمحت نتوءًا غريبًا فى بنطال بيجامته. عيناه تتابعان نجلاء فتحى، وهى تنصب شباكها حول رشدى أباظة، لم تكن تعرى جزءًا من جسدها يستدعى إثارته بقدر ما كنت تغزوه بعينيها، وتحركاتها الواعية. أخفيت ابتسامتى أثناء جلوسى أمام التلفاز، كان قبيل الظهر يقول بملء فيه:

- وإحنا شباب عملنا كتير، اعتمد على نفسك!

يردد ذلك كلما قلت له:

- المفترض أن الأب يساعد ابنه..

ولا يعجبه كلامى، وتأخذه الحمية:

- أبويا لم يساعدنى، أنا كونت نفسى، تزوجت، و..

فى هذه المرة هببت واقفًا:

- برافو، برافو!

أظننى استعدت شخصيتى حين كنت أشارك فى عروض مسرح الجامعة، فأصفق بشدة لزملائى الممثلين عندما يجدّون فى أداء أدوارهم حسب النص.

بعد أن صفقت له، قلت فى نفسى:

- على فكرة أنا لعبت دور الأب فى المسرح كتير، وأعتقد أننى حققت نجاحًا فيه، حتى إن خالد فاروق زميلى المخرج قال لى فى إحدى المرات قبل بداية العرض: أنت بتفكرنى بأبوك، وطالبنى بكسر الحائط الرابع- مع أنه دائمًا يلتزم بالنص- لما شاف أن أغلب الجمهور شباب.. وليلتها أخذت «سوكسيه» عالى قوى.

أحيانًا أترفق به، ولا أبدى تذمرى، فهو جاوز سن الستين بقليل، ويخشى أن يصبح فى حاجة ماسة إلى المال ولا سند، حدثنى فى هذا من قبل، وربما لأنى أعرف أن ما يشغله الآن هو تفكيره فى أداء فريضة الحج، ومن الجائز إن كنت مكانه أفعل مثله.

كان جدى- رحمة الله عليه- يقول له:

- كله لكم.

يعنى بذلك كل الخيرات التى يرفل فيها مع زوجه، وهو يعلم مدى احتياج ابنه إليه.

منذ وفاته وأبى صار رجلًا أكاد لا أعرفه، يعيد على مسامعى مقولة جدى فى أحايين كثيرة: - الراجل فى حاجة إلى ست جانبه!

آخر مرة قالها حينما جاءت زوجة جدى الأخيرة منذ أيام تزورنا.

كنت أعرف بحكم عشقى التمثيل أو خبرتى فى المسرح أن الفيلم أوشك على الانتهاء، غير أنه لم يدر بعد، وأظن أنه فوجئ بانقلاب السيارة التى يقودها رشدى أباظة، قدمت له كوبًا من الشاى كما طلب إلىّ، وعيناى شاخصتان إلى ما أدهشنى فى سرواله.