رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة عن الضوابط الأخلاقية للبحث العلمي في مجال استخدام التكنولوجيا الرقمية

أكاديمية البحث العلمي
أكاديمية البحث العلمي

أطلق مجلس أخلاقيات البحث العلمي بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا دراسة عن "الضوابط الأخلاقية للبحث العلمي في مجال استخدام التكنولوجيا الرقمية.. التحول الرقمي ومتطلبات العصر".


شارك في فعاليات ورشة العمل التي نظمها المجلس للإعلان عن الدراسة، الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية ووزير الصحة والسكان الأسبق، الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، الدكتور سعد زكي محمد نصار الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة مستشار وزير الزراعة ومحافظ الفيوم الاسبق وعضو مجلس الاخلاقيات،والدكتورة نادية زحاري وزيرة البحث العلمى السابقه الى جانب نخبة من علماء وزارة الصحة.

 


وقال الدكتور مجدى جبريل مقرر المجلس - خلال افتتاحه فعاليات الورشة - إن المعرفة هي منتج من منتجات الإنسان تتولد عن التعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار والإبداع وتساعد علي المعرفة الناشئ في إعادة تشكيل العالم لتحقيق أعلى مستوى من الحضارة وفي وقتنا الراهن لاتزال هناك رسالة مهمة وهي خلق المعرفة الجديدة كأهم نشاط للإنسان.


وأضاف أن الصراع العالمي على النفوذ والهيمنة الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية بات يعتمد على العلم المتميز وتطويره المستمر وتقضى الحاجة لاستيعاب الانجازات التي أبدعها العقل البشري إلى استنباط نمط جديد للتعبير عنها وتخزينها وتطويرها والحفاظ عليها، بل وتفهمها في وقت قصير.


وأوضح أن هذا النمط هو التحول الرقمي الذي بات الملاذ الآمن لاستقراء النتائج وتفهمها، بل والاعتماد على عدد أقل من القوى البشرية وتوفير كبير للنفقات، قائلا "خير مثال على قيمة التحول الرقمي أن دولًا كانت في قاع سلم التطور والتقدم، لكنها استطاعت بتطويع العلم والإفادة من تطويره في منظومات حديثة، منها منظومة التحول الرقمي، استطاعت أن تطفو على سطح دول التقدم، بل وأن يكون لها دور ريادي قيادي علمي، انعكس فى قوتها الاقتصادية ورخاء بلادها".


وأوضح أنه بالرغم من ذلك فهذا التحول يجلب معه تأثيرات اجتماعية وبيئية وتداعيات أخلاقية كانت هناك حاجة إلى دراستها من أجل بحث سبل مجابهتها ومحاولة التعامل معها إذا أردنا لهذا التحول الرقمي أن يجني ثماره على أفضل وجه ممكن.


وأشار إلى دور مجلس الأخلاقيات بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا لدراسة التحديات الإخلاقية التى يمكن أن تجابه البشرية نتيجة لاستخدام هذه التكنولوجيا في الميادين المختلفة.


واستعرض المباديء الأخلاقية التي من الضروري اتباعها لمواجهة هذه التحديات وتحقيق الاستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيات الرقمية مع تسليط الضوء على المواجهة القانونية لتحديات التكنولوجية الرقمية.

 


من جانبه، أشار الدكتور بهاء درويش أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة المنيا، عضو المجلس ومنسق الدراسة إلى أن التكنولوجيا الرقمية تمثل الثورة الصناعية الرابعة ومن ثم كان لابد للأكاديمية من حيث كونها الغطاء الأساسي للأخلاقيات في مصر أن تهتم بها، نظرًا لكون الأخلاقيات هى التي تقود العلم وتوجهه.


وأوضح أنه تم تقسيم الدراسة إلى ثلاثة أجزاء رئيسة وهي استخدامات التكنولوجيا الرقمية في الميادين المختلفة مثل ( الطب، البحث العلمي، الصيدلة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، المياه، الطاقة، في التعليم، في الزراعة، في الإعلام، في الاقتصاد) والتحديات الأخلاقية التي تواجه هذه الاستخدامات (مقاومة التغيير/ تشتيت القوى العاملة/ الخصوصية والسرية/ الانصاف (الوصول العادل للتكنولوجيا المتطورة).


وأضاف أن الجزء الثالث من الدراسة يتضمن الضوابط الأخلاقية والقانونية للاستخدامات المختلفة مثل (النزاهة والأمانة العلمية - المصداقية والدقة- عدم استخدام التكنولوجيات الحديثة في إلحاق الأذى أو الضرر، واستخدامها من أجل تحقيق الصالح العام- عدم التحيز عند إجراء البحوث العلمية وحماية حقوق الملكية الفكرية وحقوق الخصوصية- مراعاة احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية عند استخدام التكنولوجيا الرقمية في البحث العلمي).


وقالت الدكتورة جينا الفقي القائم بأعمال رئيس الأكاديمية إن التكنولوجيا الرقمية في شتى ميادين الحياة هي أداة تقديم الخدمة في أقل وقت ممكن وبأعلى كفاءة ممكنة وبأدنى جهد ممكن، مما حدا بالعالم كله أن يتحول إليها كأداة تحمل وعدًا كبيرًا بالمساعدة في زيادة الإنتاجية وتحسينها وضمان السلامة والاستدامة. 


وأضافت أن مصر لم تكن بعيدة عن هذا التحول الرقمي السائد في العالم، بل وعت أن استخدام التكنولوجيا الرقمية من شأنه أن يطور سائر ميادين العمل والإنتاج ويقدمه بكفاءة، وذلك في ميادين مثل البحث العلمي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والصحة والتعليم والمياه والزراعة والطاقة.


وأوضحت أن التكنولوجيا الرقمية تستخدم بالفعل في مصر في مثل هذه الميادين، لذلك كان لابد من دراسة ما وصلت إليه التكنولوجيا في هذه الميادين في مصر والعالم، ودراسة المعوقات والتحديات الأخلاقية والفراغات التشريعية - إن وجدت - التي يمكن أن تواجه وتعرقل التقدم في التطبيق الأمثل والاستخدام الأفضل للرقمنة في شتى هذه الميادين.


وأكدت أهمية ما قام به العلماء بمجلس أخلاقيات البحث العلمي بهذه الدراسة لمدة عام كامل درسوا فيها استخدامات التكنولوجيا الرقمية في ميادين عدة ثم بحثوا المعوقات الأخلاقية التي تواجه الاستخدام الرشيد لهذه التكنولوجيا وخرجوا بتوصيات عدة هي ما تم مناقشتها اليوم.


فيما أكد كل من الدكتور سعد زكي محمد نصار الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة والدكتور حسن معوض الأستاذ المتفرغ بالمركز القومي للبحوث والحاصل على جائزة النيل أن قطاع الزراعة في مصر يعد ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني، وفي السنوات الأخيرة أولت الدولة هذا القطاع رعاية خاصة وذلك لتحقيق الأمن الغذائي الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي وخاصة في ظل الأزمات العالمية المتلاحقة بدءًا بجائحة كورونا ومرورًا بالتغيرات المناخية ثم الحرب الروسية الأوكرانية.


وأوضح الدكتور سعد زكي محمد نصار أن الاستراتيجية المحدثة للتنمية الزراعية المستدامة في مصر 2030 قد تضمنت برنامجًا للتحول الرقمي في الزراعة في إطار التحول الي الزراعة الدقيقة والذكية وذلك لمواجهة تحديات تحقيق الأمن الغذائي.


وقال الدكتور محمد القرش معاون وزير الزراعة المتحدث الرسمى والمشرف على التحول الرقمي بالوزارة إن وزارة الزراعة قد بدأت في اتخاذ خطوات جادة لادخال التكنولوجيا الحديثة وتقنيات التحول الرقمي كأحد دعائم التطوير بقطاع الزراعة ومن بين ما تم تنفيذه بالفعل استخدام تقنيات الاستشعار من البعد وعلوم الفضاء في حصر وتصنيف المساحات المنزرعة.


وأضاف أنه تم إدخال أعمال حصر وتصنيف التربة وإعداد الخريطة السمادية للأراضي المصرية لإعداد البرامج المناسبة للأسمدة، وكذلك استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في برامج التوعية والإرشاد للمزارعين مثل تطبيق المساعد الذكي للمزارع المصري (هدهد) إلي جانب العديد من المنال الميكنة للخدمات ودورات العمل في شواء الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة.


وعرضت الدكتورة وفاء السيد عبد العال عضو المجلس أخلاقيات البحث العلمي في ظل التطور التكنولوجي والتحول الرقمي، موضحة أنه رغم كل النجاحات لتقنيات التحول الرقمي في البحث العلمي، فقد برزت بعض المخاطر والسلبيات في غياب معيار عالمي بشأن التقنيات الواعدة للتحول الرقمي، وهنا تبدو الحاجة ماسة إلى ضرورة البحث عن آلية تنظيمية وأخلاقية تحكم عمله.


فيما استعرضت الدكتورة نادية حمدي السيد الأستاذة بكلية الصيدلة جامعة عين شمس استخدامات التكنولوجيا الرقمية في مجالات الدواء والبحث العلمي في الطب، والاستخدامات المختلفة للتكنولوجيا الرقمية وكذلك التحديات الأخلاقية التي تواجه الاستخدامات المختلفة للتكنولوجيا الرقمية.


وعقب ذلك، عرض الدكتور سعيد سالم جويلي أستاذ القانون الدولى بكلية الحقوق جامعة الزقازيق المشرف على الدراسة، التوصيات التي خلصت إليها الدراسة في مقدمتها وضع استراتيجية تحول رقمي متكاملة تشمل التكنولوجيا، والتدريب، وسياسات الأمان، والخصوصية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لبيان كيفية تطبيق الاتفاقيات الدولية، والتشريعات الوطنية، المعنية بحقوق الإنسان على التكنولوجيا الرقمية.


وطالبت التوصيات الحكومة بأن تحرص على حث ومساعدة سائر المؤسسات على مواكبة التطورات الرقمية في شتى المجالات وخاصة مجالات تقنية المعلومات والاتصالات الأساسية والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والأمن السيبراني، وتعزيزها في البحث العلمي.


كما أوصت الدراسة بتشجيع الجامعات على إنشاء مكتبات رقمية متخصصة مزودة بالمصادر الرقمية العربية والأجنبية، واتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل إزالة الفجوات الرقمية بين أفراد وقطاعات المجتمع المصري بحيث تصبح التكنولوجيا الرقمية متاحة للجميع.


كما طالبت الحكومة بأن تعمل على إيجاد السبل للحد من إساءة استخدام التقنيات المنتشرة في الفضاء الرقمي، وتشجيع ابتكار تكنولوجيا محلية وتعظيم اللغة العربية في البحث العلمي وتعزيز وجودها كلغة علمية وعالمية، وتشجيع حركة الترجمة من اللغات الأخرى إلى العربية والعكس.


وأشارت الدراسة إلى أهمية أن تتأكد الحكومة من أن جميع أفراد المجتمع يتلقون تدريبًا جيدًا على استخدام التكنولوجيا الرقمية وفقًا لاحتياجاتهم واهتماماتهم وقدراتهم ومهاراتهم وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الفئات الاجتماعية الأقل حظًا والذين يجدون أنفسهم مستبعدين رقميًا.


وطالبت بسرعة اتخاذ اللازم نحو تعديل قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية رقم 49 لسنة 1972 بالنص على الأحكام القانونية اللازمة لتنظيم النشر العلمي الرقمي، والبحث العلمي الرقمي، وكذلك العقوبات اللازمة لمواجهة ظاهرة السرقات العلمية وعدم الأمانة العلمية، وتوفير برامج تدريبية مناسبة لتحسين قدرة القائمين على تنفيذ القانون وتنظيم العدالة لمواجهة الأسلحة غير المشروعة من خلال الإنترنت.


وشددت التوصيات على أهمية اتخاذ التدابير الإدارية والتشريعية اللازمة لخدمات الانترنت للكشف عن المواد المتعلقة باستغلال الأطفال والاعتداء عليهم جنسيًا،و إجراء تقييم دوري لتقدم التحول الرقمي وضبط الخطط والسياسات على أساس النتائج والتحديثات التكنولوجية.


وأشارت الدراسة إلى أهمية التأكد من أن التشريعات القانونية الحالية كافية للحد من انتهاك الخصوصية، وعد هذا الانتهاك جريمة يعاقب عليها القانون،وتطوير التشريعات المصرية، لمواجهة قمع ومنع الجريمة الإلكترونية أسوة بالدول المتقدمة، مع تقرير التعاون الدولي في هذا المجال، لأن هذه الجريمة من الجرائم العابرة للحدود والتي ليس لها زمان أو مكان محدد.


وأوصت بإعداد التشريعات المصرية اللازمة لمواجهة الإرهاب الإلكتروني في ضوء الاتفاقيات الدولية وقرارات منظمة الأمم المتحدة المعنية،واتخاذ اللازم لكي تصمم الأنظمة الذكية بطريقة تتيح للبشر أن يكونوا مسئولين عن استخدامها، وأن تكون هناك أنظمة للتحقق من استيفاء الذكاء الاصطناعي للمعايير الهندسية والأخلاقية وألا ينبغي تفويض قرارات الحياة والموت إلى الآلات.