رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالقادر شهيب: الصحافة الورقية تحتاج معالجة جديدة للخبر.. والتوقف عن تدريب الصحفيين خطأ

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

- أكد أن الابتزاز السياسى بعد 25 يناير فتح المجال أمام عديمى الكفاءة تحت عنوان «إن لم تستجيبوا لنا سنذهب للتحرير»

- «الورقية» خسرت معركتها أمام الفضائيات وأصبحت صدى لمواقع التواصل

- دور نقابة الصحفيين لم يعد مؤثرًا كما كان فى الماضى ويجب تنشيطه

- المستشار عدلى منصور مثقف واستجاب سريعًا لمقترح تشكيل مجلس أعلى للصحافة

- مكرم كان «الأسطى» فى جيله.. وعلى النقابة حل مشكلة المهنية وسط المجموعة الصحفية

قال الكاتب الصحفى عبدالقادر شهيب، رئيس تحرير مجلة «المصور» ورئيس مجلس إدارة «دار الهلال» سابقًا، إن الصحافة الورقية فى مصر تعانى من أزمات متعددة، على رأسها تراجع المهنية لدى الصحفيين، بعد أن توقفت المدارس الصحفية الكبرى عن أداء دورها فى تدريب أبناء المهنة، مع انقطاع التواصل بين الأجيال الصحفية، بالإضافة إلى تعيين كثير من النشطاء ومعدومى الكفاءة بعد ثورة يناير، استجابة للضغوط والأهواء السياسية وقتها. 

وجدد «شهيب»، خلال حواره لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز، على فضائية «إكسترا نيوز»، دعوته لنقابة الصحفيين لتبنى فكرة عقد مؤتمر عام للتصدى لتراجع المهنية وحل أزمات الصحف القومية الإدارية والمالية والفنية، مطالبًا الصحف بتبنى تأويل جديد يبرز ما وراء الخبر، لاستعادة دورها وتأثيرها فى الرأى العام وصانع القرار.

■ من واقع كتابك «صحافتنا والسنوات الصعبة».. كيف تغير الصحفيون فى مصر؟ 

- الصحفيون فى مصر الآن تغيروا عن ذى قبل، وأهم تغير هو أن الاهتمام بالمهنة قل، والالتزام بقواعد المهنية ومبادئها كذلك، كما أن المهارات تراجعت نظرًا لعدم وجود تدريب وإعداد للصحفيين، وهذا شىء غير جيد، وهناك عوامل كثيرة لذلك.

وقديمًا، كان لدينا عدد من المدارس البارزة والمهمة، منها مدارس «أخبار اليوم» و«الأهرام»، و«روزاليوسف»، و«الهلال»، وكل مدرسة كانت لها خصائصها وشكلها، وكانت تلعب دورًا فى إعداد صحفيين مهنيين بشكل حقيقى وجيد، ولكنها توقفت عن ممارسة دورها فى تدريب الصحفيين فى السنوات السابقة.

■ هل أسباب ذلك تتعلق بالسلطة السياسية أم بالظروف الاقتصادية؟

- أسباب تغير الصحفيين فى السنوات الأخيرة تتعلق بالصحفيين أنفسهم، والصحافة كذلك، فقد كان هناك تبادل خبرات بين الأجيال وهذا انقطع، فالأجيال القديمة بالصحافة دورها تراجع فى إعداد الأجيال الجديدة مهنيًا، وهذا عامل مهم جدًا حرصت على التركيز عليه فى كتابى «صحافتنا والسنوات الصعبة». 

والكتاب ركز على أن إحدى مشاكل صحافتنا ليس الإدارة ولا النظام الحاكم ولا السلطات التى تداولت على بلدنا فى السنوات السابقة، ولكن أحد الأسباب هو التراجع المهنى، وأصبحنا نرى أشياءً تثير الاستفزاز جدًا عندما نطالع الصحافة.

فمثلًا مجلة «المصور» كتبت جملة عن أحد كتّابنا المشهورين وهو حسين أحمد أمين، ووصفته بأنه «عدو الله»، ولكن تم اكتشافها فى المراجعة، لأن هناك أناسًا كانوا يؤدون دورهم المهنى.

■ هل الصحفيون المصريون لم يعودوا جادين فى عملهم؟

- يوجد قطاع كبير من الصحفيين ينطبق عليهم وصف عدم الجدية فى العمل، لكن فى المقابل يوجد صحفيون لديهم مهارات مهنية لا يمكن التغاضى عنها.

والجيل الذى لا يتمتع بالجدية هو جيل ظلمناه، لأننا لم نعده جيدًا، فالجندى قبل خوضه أى معركة يجب إعداده جيدًا، وهذه مسئولياتنا ونحن لم نؤدها بشكل جيد، لذا نواجه ظاهرة تتمثل فى أن بعض الصحفيين الآن عندما يُنشر لهم خبر وليس تحقيقًا أو مقالة نجد أنه أصبح يرى نفسه «أستاذًا».

■ كيف تطورت علاقة الجمهور بالصحافة فى العقود الماضية وحين أصبحت رئيسًا لمؤسسة صحفية؟ وفيم اختلفت اليوم؟

- علاقة الجمهور بالصحافة الآن اختلفت عن ذى قبل، والفارق كبير، لأن النفوذ والتأثير فقدناهما بصحافتنا، فلم تعد تتمتع بأى نفوذ لدى عموم القراء والإدارة التنفيذية الحاكمة، وقديمًا كان لها تأثير كبير جدًا، والخبر حين كان ينشر أو المقال أو الحوار يكون له رد فعل كبير جدًا فى الأجهزة ودوائر صنع القرار، لكن اليوم لم يعد الأمر كذلك، فالصحف تنشر ولا تجد أى رد فعل.

والتأثير فى القارئ هو أنه كان يرى أن ما ينشر صادق، سواء كان فى جريدة أو مجلة أو كتاب، فقد كانت المصداقية عالية، لكن للأسف فقدانها اليوم.

■ ما أسباب فقدان الثقة وتراجع نفوذ وتأثير الصحافة؟

- أسباب فقدان الثقة فى الصحافة وتراجع نفوذها وتأثيرها هو لأسباب تتعلق بالصحفيين وبغيرهم، فالصحافة الورقية مثلًا دخلت منافسة مبكرة مع التليفزيون والفضائيات، وخسرت هذه المعركة بمرور الوقت، ورغم أن الصحافة فى السنوات السابقة كان لها دور تمارسه إلا أنها منذ عقد تقريبًا خسرت معركتها، وأصبحت الصحافة تردد ما تقوله الفضائيات، والأمر الثانى هو مواقع التواصل، التى لم تعد منافسًا قويًا، لكن الصحافة الورقية والإلكترونية أصبحتا صدى لها.

وحاليًا، نرى الأخبار بالفضائيات ونرى ردود الأفعال عليها ونرصدها، وبالتالى أصبحت الصحافة الورقية تحتاج ألا تكون بنفس العناوين والمتن بل نحتاج تأويلًا جديدًا يبرز ما وراء الخبر الذى شاهدته، ولا نحتاج تفاصيل كثيرة بل ما لم تعلنه الفضائيات ومواقع التواصل، لكن ما حدث هو أننا استمررنا بنفس النهج القديم، ففقدت الصحافة الورقية دورها.

وهناك أيضًا أسباب خارجية أدت لضعف نفوذ الصحافة، منها أن الاهتمام بها من قبل مؤسسات الدولة تراجع، ولم يعد كبيرًا كما ينبغى أن يكون، فالسلطة الحاكمة توجه انتقادات كبيرة للصحافة، وهى لا ترضى الطرفين، والحل السحرى لذلك هو أن تقوم بدورها المهنى ما ينقذ الصحافة الورقية والإلكترونية. 

■ ما الفارق بين الصحافة فى عصور «مبارك» والفترة الانتقالية و«الإخوان» والمستشار عدلى منصور؟

- الصحافة فى عصر الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك خصصت لها فصولًا فى كتابى «صحافتنا والسنوات الصعبة»، وتناولت السنوات الأخيرة من عام ٢٠٠٥ وحتى عام ٢٠١١، عندما تنحى عن الحكم.

وكان أبرز ملمح فيها هو الصحافة القومية، فقد كان الرئيس مبارك هو من يتولى ترشيح واختيار رؤساء التحرير وقيادات المؤسسات القومية مع عدد من الوزراء والمساعدين له، وهذا ما كان سائدًا أيام الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات.

ومجموعة الوزراء كانت مكونة من أحمد نظيف، رئيس الوزراء، وأنس الفقى، وزير الإعلام، وصفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، ومفيد شهاب، وزير مجلسى الشعب والشورى، وكان يحدث بينهم نقاش حول الاختيارات، ثم يكون رأى الرئيس هو الحاسم. وقد تلقيت مثلا اتصالًا من زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، أنا ومن تولوا قيادة ورئاسة تحرير الصحف والمجلات القومية، قبل ٣ أيام من صدور القرار، ووقتها أخبرنى بتولى منصب رئيس تحرير «المصور» ورئيس مجلس إدارة «دار الهلال».

الملمح الثانى تمثل فى وجود الصحافة الخاصة، والتى كانت تأخذ تصريحًا من قبرص، وبمرور الوقت سمح لها بأن تطبع فى المؤسسات القومية وتوزع معها، ومع الوقت تم تعديل القانون والسماح بتأسيس شركات تؤسس صحفًا خاصة، كانت أولًا أسبوعية ثم يومية، ومنها «المصرى اليوم»، وكانت تجربة تستحق التوقف عندها، لكنها مع مررو الوقت أثارت القلق لدى المسئولين، وتحديدًا لدى صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، وأوصى بأن تجتمع «الأهرام» و«الأخبار» و«الجمهورية» لمناقشة كيفية المنافسة حتى لا تفقد سبقها أمام «المصرى اليوم».

وخلال عهد الرئيس الراحل مبارك كانت هناك مساحة من الحرية بالصحف القومية، نتيجة لتفكير صفوت الشريف، وعلى مدار ٤ سنوات توليت فيها «المصور» لم أتلق أى توجيه بشأن نشر أو عدم نشر أخبار معينة، كما تلقيت انتقادًا من أنس الفقى، وزير الإعلام وقتها، لاستضافتى الدكتور حسن نافعة فى ندوة علمية، رغم أن جورج إسحاق، مؤسس حركة «كفاية»، كان حاضرًا فيها.

وقد كنت حريصًا على أن تكون مجلة «المصور» قومية فعلًا، ومعبرة عن الكل، وتخدم القارئ فى الأساس قبل أن تخدم أى مؤسسة أو سلطة، كما كان يمكن أن تنتقد السلطة التنفيذية، وهذا كان يحدث بشكل واضح.

■ ماذا عن الفترة الانتقالية بعد يناير وعهد الرئيس عدلى منصور؟

- المستشار عدلى منصور قارئ جيد ومثقف، ولا يقتصر اطلاعه على الصحافة فقط، بل هو قارئ للعديد من الكتب ومهتم بالشأن العام، وذلك من قبل أن يشغل منصب رئاسة المحكمة الدستورية العليا، كما أنه يعرف الكثير من الصحفيين والإعلاميين.

وعندما زرته لإهدائه الكتاب الذى أعده عن فترة توليه حكم مصر أثناء المرحلة الانتقالية اكتشفت أنه يعرفنى جيدًا، رغم أننى لم ألتق به إلا بعد نشر الكتاب، واعتمدت فى كتابى على الأشخاص المقربين منه؛ وذلك حتى لا تصبح روايته هى الطاغية على عملى الأدبى، وتكون لدىّ مساحة من الحرية فى تناول الأمور المتعلقة بإدارة البلاد لمدة عام إلا شهر واحد تقريبًا.

وكانت علاقته بالصحافة والصحفيين طيبة، واستجاب بشكل سريع للغاية لمقترح تشكيل مجلس أعلى للصحافة يتولى اختيار رؤساء إدارة وتحرير المؤسسات القومية، ولم يتدخل فى شئونه إطلاقًا، وذلك حين تولى الأستاذ جلال عارف رئاسة هذا المجلس، وكان الأستاذ صلاح عيسى أمينًا عامًا للمجلس، ويذكر أن جلال عارف لم يكن يتقاضى أى أموال من هذا المنصب، أما صلاح عيسى فكان يتقاضى بدل الانتقالات فقط.

والمجلس الأعلى للصحافة بعد تأسيسه لم يسأله أحد عن ترشيحات رؤساء المؤسسات القومية سوى جهة وحيدة، هى الرقابة الإدارية، للتأكد من سلامة الذمة المالية للمرشحين، وأعتقد أن الصحافة فى فترة المستشار عدلى منصور كانت تتسم بقدر كبير من الحيوية والنشاط، مثلما حدث فى فترة إدارة شئون البلاد من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

■ كيف ترى أزمة مؤسسات الصحافة القومية حاليًا وما حلها من وجهة نظرك؟

- الصحف القومية تعانى من مشكلات عديدة للغاية، مثل نقص المهنية وعدم اختيارها الدور الذى يضيف للقارئ، فضلًا عن الأزمات المالية الشديدة، والديون المتراكمة عليها، والتى يجب التحرر منها فى أسرع وقت، بالإضافة إلى أزمة ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج، وعلى رأسها أسعار الورق، التى تضخمت بشكل كبير.

وتكلفة صناعة الصحافة الورقية أصبحت باهظة للغاية، وأثرت فى كمية التوزيع، وهو ما أثر بالسلب على تأثيرها ونفوذها، فى وقت لم تلعب فيه المؤسسات الصحفية دورها فى تجديد شباب الصحفيين، وهو ما لا يحدث منذ سنوات طويلة، بعد أن أوقفت المؤسسات القومية تعيينات العاملين بها، خاصة بعد هجمة التعيينات التى حدثت فى عام ٢٠١١.

وأتذكر أننى حين توليت رئاسة تحرير مجلة «المصور» تواصلت مع عميدة كلية الإعلام حتى ترشح لى عددًا من الطلبة المتوفقين، الذين أصبحوا نجومًا لامعة فى مجلة «المصور» منذ سنوات طويلة، ويتم الاعتماد عليهم بشكل أساسى داخل المؤسسة، لكن المؤسسات القومية حاليًا دخلت فى مرحلة كبر السن، وهناك مطبوعات لا تستطيع طباعة عشرات النسخ منها.

ويجب طرح كل الأزمات المهنية والمالية والإدارية فى مؤتمر عام لحل أزمة الصحف القومية فى مصر، وكنت قد تقدمت بهذه الفكرة لنقيب الصحفيين السابق ضياء رشوان، ولكن يبدو أن الوقت لم يسعفه لتنفيذها رغم ترحيبه بها، كما تقدمت بها للنقيب الحالى خالد البلشى، الذى رحب بها أيضًا، وأبلغنى بأنه يتم الإعداد لمؤتمر الصحفيين قريبًا لمناقشة مشكلات الصحافة بشكل عام والصحافة القومية بشكل خاص، وأبديت له استعدادى الكامل لبذل كل جهد، برفقة الزملاء المنظمين للمؤتمر إذا كان ذلك متاحًا، ولكن حتى الآن ليست هناك خطوات تنفيذية على الأرض.

■ كيف ترى التحولات التى طرأت على نقابة الصحفيين مؤخرًا؟

- نقابة الصحفيين تلعب دورًا كبيرًا للغاية فى حياة الصحفيين والصحفيات، بغض النظر عن أى ملاحظات يمكن أن ترد عمن تولوا إدارتها، سواء فى منصب النقيب أو أعضاء مجلس النقابة، لكن دورها لم يعد مؤثرًا بنفس الدرجة التى كانت فى الماضى، وتحتاج إلى تنشيط أدواتها، وأن تستفيد من جميع الخبرات المتواجدة فى الوسط الصحفى، كما يجب عليها التصرف باعتبارها تمثل جميع الصحفيين وتتناول المشكلات الرئيسية لهم، سواء المهنية أو الاقتصادية.

وأعتقد أن نقابة الصحفيين هى الأولى من غيرها فى مواجهة الأزمات المهنية التى تواجه الصحافة، وذلك من خلال إعادة ترتيب أولويات النقابة، ومعالجة كل القضايا المهنية الخاصة بالمؤسسات الصحفية، ومن حقها أيضًا ممارسة نشاطها ودورها فى القضايا القومية المختلفة، لكن دون أن يطغى ذلك على الدور المهنى فى الأساس.

ولدينا حاليًا مشكلة مهنية حقيقية وسط المجموعة الصحفية، وتحتاج إلى علاج سريع، وأعتقد أن المدارس الصحفية السابقة لا تستطيع فعل ذلك، لأنها أصبحت مجهدة بمشكلاتها الخاصة، وقد أنشأت النقابات من أجل هذا الغرض، وهو الارتقاء بالمهنة نفسها، والدفاع عن مصالح أعضائها، وإعدادهم جيدًا لممارسة دورهم المهنى.

ومع تقديرى لكل القيادات الصحفية التى سبقتنى، فإننى أعتقد أن تحويل العمل النقابى إلى سلعة مدفوعة الأجر أضر كثيرًا بالمهنة، وذلك ما كان يحدث فى سنوات سابقة.

■ ما تقييمك لأزمة دخول النشطاء السياسيين إلى عالم الصحافة بعد ٢٠١١؟

- ظهر مشهد متكرر فى ماسبيرو خلال الأشهر الأولى من عام ٢٠١١، حيث كانت المظاهرات قائمة بشكل متواصل عند مدخل المبنى من مذيعين ومذيعات وفنيين وفنيات، يقولون إنهم لم يحصلوا على فرصهم، وإنهم مضطهدون سياسيًا، ولكن المشكلة لم تكن فى ذلك بل كانت فى كفاءتهم، لكنهم لم يعترفوا بذلك إطلاقًا، وشجعهم على ذلك الهوى السياسى الغالب وقتها.

وتلك الفترة أتاحت الفرصة لإعلاميين وإعلاميات لا يجيدون المهنة بأى شكل، وانضموا إليها فى فترة ٢٠١١، خاصة حين شاهدنا ضغوطًا من أجل تعيين أقارب الصحفيين والصحفيات فى المؤسسات الصحفية القومية، وكان ذلك يتم تحت عنوان: «إن لم تستجيبوا لنا.. سنذهب إلى التحرير»، وهذا الابتزاز السياسى كان متواجدًا طوال الوقت، ما سرب بعض من هم أقل كفاءة أو عديمى الكفاءة للمؤسسات الصحفية.

وأعتبر أن ثورة ٢٠١١ كانت لها تأثيرات سلبية على الصحافة، لكنها منحت قدرًا من الحيوية للصحف فى فترة من الفترات، وذلك يُحسب للمجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ لأنه لم يتدخل لمنع نشر أمر ما أو مصادرة أى شىء، كما أنه لم يتدخل، برئاسة وزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسى إلا فى فترة الإخوان، حين نُشر خبر بجريدة «الجمهورية» عن إحالة بعض القيادات السابقة للتحقيق، وذلك لم يكن خبرًا صحيحًا من الأساس، وأنكرت جماعة «الإخوان» ذلك، وأقال مجلس الشورى حينها رئيس تحرير «الجمهورية»، ولم يعد لعمله مرة أخرى إلا بحكم قضائى.

■ كيف ترى دور محافظات الصعيد فى ثورة ٣٠ يونيو؟

- قبل ثورة ٣٠ يونيو بثلاثة أيام فقط كنت مدعوًا إلى ندوة نظمها منتدى حوار الثقافات فى الهيئة القبطية الإنجيلية بالأقصر، بحضور عدد من الشخصيات القاطنة بمحافظات الصعيد، سواء من الأقصر أو أسوان أو المنيا وغيرها، وفوجئت حينها باستعداداتهم غير الطبيعية للنزول يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وكنت أتصور أن محافظات الصعيد ستكون أقل حماسة واستجابة لدعوة الخروج فى الثورة للتخلص من حكم الرئيس الإخوانى محمد مرسى.

وهذا الموقف جعلنى أعيد النظر مرة أخرى فى كثير من المعلومات المتاحة أمامى، فقد تأكدت أن نظام جماعة الإخوان على شفا السقوط قريبًا، وهو ما تحقق بالفعل بعد ٣ أيام فقط.

■ فى رأيك.. من هو نقيب الصحفيين الذى قام بدوره بشكل صحيح؟

- أعتبر أن الأستاذ مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، كان أكثر نقيب قام بدوره النقابى بشكل صحيح دون أى تحيز، فهو أحد أساتذة وشيوخ المهنة، الذين استفدت منهم فى الصحافة، وقد تعلمت الكثير على يديه، وكان «أسطى الصحافة الأول» فى جيله، وهو الجيل الذى دخل مؤسسة «الأهرام» فى فترة الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل فى عام ١٩٥٧.

والأستاذ مكرم كان يؤدى دوره المهنى والنقابى، حتى قبل أن يكون نقيبًا للصحفيين، وقد رأيت ذلك بشكل مباشر، ورأيت كم الخدمات التى قدمها للصحفيين والصحفيات، ومنها ما يتعلق بأمور سياسية وصحية، كما أنه ساعد العديد من الصحفيين على السفر للخارج من أجل العلاج، رغم عدم جلوسه على مقعد النقيب فى ذلك الوقت، وكان يحل المشكلات طواعية وعن طيب خاطر.