رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحوثيون.. قناة السويس.. دوائر جهنم

عن باب المندب وتهديد الملاحة في البحر الأحمر تحت دعوى التضامن مع حماس، نرى أن الحقيقة هي أن هذا التضامن هو تضامن مع تصعيد الأزمة ودعوى لتفجير المنطقة خاصة موانئ الدول المطلة على البحر الأحمر مثل ميناء جدة في السعودية وبورسودان في السودان والسويس في مصر، فضلا عن تعميق أزمة قناة السويس وخنقها من الجنوب، وهو ما يزيد جراح مصر جرحا آخر.
وعندما نستمع إلى تصريحات رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع التي يقول فيها إن معدل مرور السفن من ⁧قناة السويس‬⁩ انخفض في يناير الماضي بنسبة 36% على أساس سنوي، فيما تراجعت الإيرادات بنسبة 46% إلى 428 مليون دولار، هذه الأرقام تجعلنا نسأل بوضوح، مع من يلعب الحوثيون في اليمن؟ الإجابة البسيطة هي أنهم يلعبون مع إيران بينما الإجابة الأصعب هي أنهم يلعبون مع الخراب أينما كان.
وحتى يفهم المتحمسون حجم الكارثة على مصر بالأرقام نرجع إلى تصريحات الرجل الأول بهيئة قناة السويس أسامة ربيع التي أدلى بها لقناة "أون" التليفزيونية، يقول ربيع أن عدد السفن المارة بالقناة انخفض إلى 1362 سفينة في يناير 2024، قياسا على 2155 سفينة في الشهر المماثل من العام السابق.
قناة السويس التي دفعنا ثمنها من دمنا ومن أرواح شهدائنا وتضحيات أجدادنا جاء عليها اليوم الذي يتلاعب بها ميليشيا تدعي الوطنية الزائفة في تضامنها مع حماس، بينما هذه الميليشيا لم تستطع بل فشلت تماما في التضامن مع شعبها اليمني العظيم.
قناة السويس التي هي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية كما هي ركيزة أساسية للاقتصاد المصري تعاني وحدها في مواجهة توترات بالمنطقة العربية لم يسبق أن رأينا مثيلا لها، حتى الحرب العالمية لم تكن بمثل هذه الحالة من الاختناقات المتوالية.
معروف أن مصر تواجه نقصا شديدا في العملة الصعبة، وهو ما يؤثر سلبا على قدرة مصر في الوفاء بالتزاماتها المحلية والدولية، ومعروف أن مصر تسعى جاهدة منذ سنوات لتعزيز إيراداتها من العملة الصعبة حتى أنها أصرت في 2015 على توسعة قناة السويس وتحسين الملاحة في هذا المرفق الحيوي، ونتذكر جميعا أن تلك التوسعة تم تمويلها بأموال مصرية خالصة عندما طرحت الدولة شهادات بنكية بفائدة معتبرة في حينها، وهو ما يعني أن قناة السويس وكفاءة العمل فيها يحتل مساحة خاصة جدا في أرواح المصريين وعندما نشهد تلاعبا حتى لو كان مؤقتا يؤثر على تلك الكفاءة لا شك أن الغضب سيكون مشروعا بل ويكون مضاعفا، عندما نعرف أن ذلك التلاعب يتم بسواعد تزعم أنها إسلامية وعربية، وما إلى ذلك من مصطلحات.
الحوثيون باليمن يستهدفون السفن في البحر الأحمر وباب المندب ويقولون إن تلك السفن تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو أنها تنقل بضائع من إسرائيل وإليها، هذا القول المراوغ تنعكس اثارة على حركة كل السفن ومن أين تضمن سفينة لا علاقة لها بإسرائيل أن لا يصيبها صاروخ طائش قادم من جبال صعدة، لذلك يؤثر الكثير من السفن السلامة ويتحركون بسلاسة نحو رأس الرجاء الصالح، لتخسر قناة السويس ويخسر البحر الأحمر كرامته الملاحية.


وبينما نشهد منذ أيام قيام الولايات المتحدة وبريطانيا بتنفيذ ضربات متكررة على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرة الجماعة على تهديد الملاحة في البحر الأحمر نجد أنفسنا كمصريين في حالة من الانزعاج والقلق؛ لأننا نعرف أن الذخيرة الاستعمارية لا تفرق بين مدني وميلشياوي وأن المنشآت اليمنية المتضررة مدفوع ثمنها من أموال الشعب اليمني، وهكذا يزداد الخناق حتى أن البعض منا قد وصل به الحد إلى التشاؤم وأنه لا فكاك من هذه الدوائر الجهنمية.