رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شعبان يوسف: تجمعات الأدباء فى وسط البلد مصابة بـ«الشللية»

شعبان يوسف
شعبان يوسف

قال الكاتب شعبان يوسف إن كثيرًا من المثقفين راهنوا على فشل مشروع «ورشة الزيتون»، الذى كان قائمًا عليه، وكانت دوافعهم فى ذلك أن المكان يسعى لكسر هيبة ومركزية وسط البلد، الذى تتمركز فيه تجمعات المثقفين والنشاط الأدبى فى مصر.

وخلال الجزء الثانى من حديثه مع الإعلامى محمد الباز، عبر برنامج «الشاهد» على قناة «إكسترا نيوز»، كشف «يوسف» عن أن الأرشيف المصرى يعانى أزمة كبيرة جدًا، حيث ضاع الكثير من الكتب والروايات والمخطوطات، وهو ما تسبب فى أزمة كبيرة للباحثين.

وتحدث الناقد الكبير عن الأجيال التى مرت على الثقافة المصرية، وتقييمه لكل جيل، متناولًا تفاصيل مشروعه الأهم «ورشة الزيتون».

■ ماذا عن بدايات «ورشة الزيتون» الأدبية.. ولماذا سُميت بهذا الاسم؟

- «ورشة الزيتون» الأدبية تأسست فى عام ١٩٧٩، وكنت حينها فى العشرينات من عمرى، وكنت منخرطًا فى العمل السياسى، وإنشاء الورشة وقتها كان أحد الأفكار غير التقليدية، والبعض قال إننا سنفشل بسبب خروج مقر الورشة عن نطاق وسط البلد، الذى كان مقرًا لهذا النوع من الثقافة.

فى بداية عملى السياسى ذهبت لحزب التجمع، وأذكر أنه كانت هناك خلافات بينى وبين الكاتب والمناضل اليسارى الدكتور فخرى لبيب، وهو الذى طلب منى ترك السياسية لوقت ما، والتفرغ لكتابة الأعمال الأدبية.

وعلى الفور استجبت لدعوته، لأن ساحة الثقافة كانت تتركز على منطقة وسط البلد وكانت نخبوية، وساحات الثقافة كانت تتمثل فى أتيليه القاهرة وكافية ريش ومقهى زهرة البستان، وبصراحة أنا شخصيًا لا أهوى هذا النوع من التجمعات الأدبية، كنت أراها مثل «الجيتوهات».

من هذا المنطلق، تم إنشاء النادى الأدبى الثقافى فى منطقة الزيتون، وكان حزب التجمع يشرف على تنفيذ الدعاية لهذا النادى، واستقطبت عددًا من المثقفين والشعراء لإحياء نشاط النادى، من خلال مناقشة الأعمال الثقافية والأدبية بكل جهد وحيادية تامة، ومع الوقت، علم الكثيرون بالنادى والتحقوا به.

وكانت ساحات الأدب فى وسط البلد مصابة بـ«شللية المثقفين»، والجميع كان متخوفًا من فكرة كسر هيبة وسط البلد بإنشاء هذا النادى الثقافى. 

وشهدت ورشة الزيتون الأدبية مناقشة المجلات غير الدورية الخاصة بالثقافة، والكتابات التى كانت تصدر باستمرار، ولا أنسى دور الكاتب الراحل صلاح عيسى، الذى كان يعتبر من أكبر الداعمين لهذا النادى الأدبى الثقافى.

■ لماذا تمت محاربة الورشة فى بداياتها؟.. وكيف استطعت أن تتصدى لذلك؟

- الورشة حُوربت فى البداية ولكن من بعيد، فحزب التجمع، الذى كان يعتبر أكبر داعم ومؤسس لها، لم يعترض على أى ندوة فيها، ولم يكن يتدخل، وهذا لا يمنع أنه كان يوجد بعض المناوشات لتخريب الندوات، من خلال إطلاق دعوات لعدم الحضور، والتحجج بأن المكان بعيد عن وسط البلد، الذى كان يعتبر ملاذ المثقفين فى ذلك الوقت.

فى التسعينيات انضم إلينا الناقد السينمائى فاضل الأسود، والكاتبان فتحى إمبابى وسلوى بكر، الذين لهم باع كبير فى مجال الثقافة والنقد الأدبى، وفى عام ١٩٩٠، خاصة بعد وفاة الكاتب يوسف إدريس، تم تنظيم ندوة كبرى، ومن هنا تمت تسمية النادى بـ«ورشة يوسف إدريس للإبداع والنقد»، تخليدًا له ولإرثه الأدبى.

كما يجب علينا ألا ننسى دور جمال الغيطانى، حيث كان أحد أكبر الداعمين للورشة، وفى ذلك الوقت أطلقنا سلسلة ندوات لكتاب الستينيات، وبدأت تطلق على الورشة، تسمية «ورشة الزيتون»، ومن هنا تم الاستقرار على هذا الاسم.

وفى الحقيقة، كنت أرى أن الورشة هى بيتى، وكان شعارها «صوت من لا صوت له»، وطلب منى استقطاب الفنان نور الشريف فى هذه الفترة، ولكنى عارضت الفكرة لأننى لم أرد للمكان أن يكتسب نجومية من شخصيات ناجحة بالأساس، وكانت الورشة تعتمد على كتاب صغار، وكنت أرى أننا يجب أن نحقق نجاحها بأنفسنا، وأصبحت ورشة الزيتون، حقًا «صوت لمن لا صوت له» فى مجال الأدب والثقافة.

■ هل كنت محظوظًا بأدباءالورشة؟.. وهل تغيرت حركة الإبداع فى مصر بسببها؟

- بالطبع كنت محظوظًا بالأدباء والنقاد الذين انضموا إلى الورشة، وكان لدىّ كاسيت وكاميرا صغيرة من أجل تسجيل كل ندواتها، وإرسالها لمجلة الثقافة الجديدة، باختصار كنت حريصًا على نجاحها بشكل غير طبيعى.

والكاتب الصحفى مجدى حسنين كان يحضر بشكل أسبوعى لتغطية الندوة ويحرر صفحة ثقافية خاصة بالورشة، وكان يتم نشرها فى جريدة القدس اللندنية، وبعد ذلك جريدة البديل، عن طريق محرر الثقافة الكاتب سيد محمود.

وكل الأدباء فى هذا الوقت كانوا أصدقائى، حيث توفر لى أن أرى الكثير من الأجيال المختلفة فى حركة الإبداع والثقافة، وكنا منتظمين فى إقامة الندوات، والورشة كانت تعمل يومين فى الأسبوع.

وفى الحقيقة كان هناك تغيير فى حركة الإبداع فى مصر، فالجيل القديم فى البداية كان مكتظًا بالكثير من الأدباء والمثقفين، ولكن بعد ذلك أصبحنا نعانى قلة النقاد، بعد انتشار إقامة الندوات فى دور النشر، «كنا على باب الله وكل همنا النهوض بالأدب والثقافة».

والبعض بدأ يفضل أماكن أخرى عن ورشة الزيتون، رغم شعبيتنا، وهوجمنا بشكل كبير وبدأ تشويه المكان، ونحن فى الحقيقة كنا نناقش الأعمال فقط، ولم نكن نهتم بالمظاهر.

ونظمنا مؤتمرًا فى ورشة الزيتون عن مرور ٨٠ عامًا على ثورة ١٩١٩، وتمت مناقشة دراسة بعنوان «كيف رأى الطفل ثورة ١٩»، للكاتب سيد عويس، وفى أواخر التسعينيات بدأت الفترة الذهبية للورشة باستضافة النقاد الأكاديميين.

خلال فترة أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة بدأنا فى اكتشاف نقاد جدد من الشباب الموجودين، لأن ندوات الورشة عزف عنها بعض النقاد الكبار، لأنها كانت مجانية، ولم يكن المكان مهيئًا بشكل كامل لهم.

والنقاد الجدد أمثال نصار عبدالله، وشيرين أبوالنجا، ومنى عبدالله، كانوا يجلسون على منصة النقاد للمرة الأولى، وكانت توجد مناقشات حادة وجادة، وأقيمت ندوات لكتاب من كل الأجيال، مثل مى التلمسانى ومصطفى ذكرى وجمال الغيطانى.

■ أين ذهب جيل التسعينيات؟

- تبقى من جيل التسعينيات أفراد قلائل، وهم حمدى أبوجليل، ومنتصر القفاش، ومى التلمسانى ونورا أمين، وأرى أن جيل التسعينيات كان من المثقفين، ومثل شبه ظاهرة سياسية لما بعد سقوط الاتحاد السوفيتى والأيديولوجيات عام ١٩٨٩، وكان جيلًا «ابن ظُرف».

وجيل الستينيات كان من أقوى الأجيال فى الشعر والقصة والرواية والنقد، ومنهم يوسف القعيد وجمال الغيطانى وشعراء مثل أمل دنقل، وغيرهم.

أما جيل الثمانينيات، فجاء بين جيل قوى جدًا وجيل آخر تحركه الأيديولوجيات، وفى الألفية الجديدة ظهر كتاب أحدثوا «غاغة»، مثل مجدى حسنين، وهو جيل كون ميليشيات صغيرة، وكان أفراده يعتمدون على مبدأ «شيلنى وأشيلك وانشرلى وأنشرلك»، ولكنهم ليسوا ظاهرة ثقافية حقيقية.

■ ماذا عن مستوى الإبداع الآن؟

- شاركت فى لجنة من لجان تحكيم جائزة «نجيب محفوظ» الخاصة بالمجلس الأعلى للثقافة، ورأيت فيها مستوى آخر من الإبداع، رأيت مستويات متقدمة وإبداعًا حقيقيًا فى الشعر والقصة والرواية، ولذا أرى أن الكتابة بخير، ولكن الكُتاب لا يعرفون التسويق لأنفسهم، وأنا مُعجب جدًا بطلال فيصل، ومن الممكن أن يكون كاتبًا غير معروف، ولكن كتاباته مميزة.

فى ندوة أقيمت مؤخرًا، قال لى شخص: «لمَ لا نرى نجيب محفوظ آخر؟»، فقلت: لأن هؤلاء الكتاب تكوّنوا فى ظروف مختلفة، أما اليوم فتوجد ظروف تسحب الكاتب إلى مدارك أخرى، ربما القدامى لم يعانوا ضيق الوقت، لذا الكتابة حدثت بها طفرات، كما أن الدولة وقتها كانت مهتمة بالكتابة.

■ مجلة الثقافة الجديدة كانت تحتفل بصدور ٤٠٠ عدد لها، ولكن لم تجد العدد الأول لها إلا لديك.. ما تفاصيل ذلك؟

- تحدث معى طارق الطاهر، رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة، هاتفيًا، وأخبرنى بأن العدد الأول من المجلة غير موجود، فأخبرته أنه لدىّ.

نحن لدينا مشكلة فى الأرشيف، وهى مشكلة مريبة جدًا، سواء كانت فى الصحف أم المجلات أم الكتب، والصحفى لو أراد كتابة رسالة ماجستير عن خيرى شلبى، وعن أول مرة نشر فيها، فلن يجد أرشيفه.

الدول الكبرى تؤسس متاحف لكُتابها، ومنها تركيا التى تنشئ متاحف لشعرائها، وفى مصر لا تستطيع الوصول إلى أول قصة، أو رواية، أو حوار صحفى لكاتب معين، ولهذا جاهدت مع دار الكتب، لإقامة مشروع للأرشفة.

وأذكر أنه فى عام ٢٠١٤ و٢٠١٥، كان الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة حينها، يتابع مقالاتى اليومية، وكان يتحدث معى فيها، وأخبرنى بأنه «تعب من الحديث عن الأرشيف»، وأنه يريد إنشاء مثل مركز ثقافى كبير، ويكون تحت إدارتى، فأخبرته بأننى لا أريد ذلك، وكان وقتها الدكتور حلمى النمنم رئيسًا لدار الكتب، وكان لدينا محمد كامل أيوبى، هو يمتلك أرشيفًا للسينما والأدب لجيل الستينيات، وكان يحتفظ بمخطوطاته.

وفوجئت بالدكتور جابر عصفور يتحدث مع حلمى النمنم و«الأيوبى»، ثم أحضر مستشارًا قانونيًا وماليًا ليبدأ فى تنفيذ المشروع، وكان يدرس كل الجوانب القانونية، وكنت حينها أطالب بإنشاء وحدة للأرشيف فى دار الكتب. 

وتم تنظيم اجتماع، ووقتها «الأيوبى» جمع أرشيف الكاتب عبدالفتاح الجمل، وكان مكونًا من ١٠ مجلدات، وكانت له رواية اسمها «محب»، ومجموعة قصصية، وفى هذا السياق أذكر أن «الجمل» كان له شقيق سلفى رفض التوقيع على تفويض طباعة أعمال أخيه بعد وفاته، ومرت الأيام، وتوفى هذا الأخ، وجاء نجله ووقع تفويضًا بالنشر، وأذكر أنه فى يومها تم تعيين عبدالواحد نبوى وزيرًا للثقافة، وتوقف مشروع الأرشيف مع خروج الدكتور جابر عصفور من الوزارة.

والكاتب الصحفى يوسف الشريف قال إنه عند نقل دار الكتب من باب الخلق إلى كورنيش النيل، كانوا ينقلون الكتب على «عربات كارو»، وكانت الكتب تسقط أرضًا، وهو ما أفقدنا الكثير منها.

وأذكر أنه لا يوجد كتاب واحد لحافظ نجيب، فى دار الكتب، وهو من كتبت قصة ومسلسل «فارس بلا جواد» عن حياته، وتوجد أشياء كثيرة غير موجودة فى أرشيف دار الكتب، وعندما تسأل عنها، يقولون: إما تخضع للترميم، وإما مفقودة.

■ ماذا حدث لمشروع الأرشيف المصرى الصادر عن وزارة الثقافة؟

- يجب التأكيد أن إجراء الأبحاث حاليًا فى مصر يعتمد على الجهود الشخصية، كما أن معظم دراساتنا غير مكتمل، بسبب غياب الأرشيف، ولم يعد هناك أى اهتمام به، وعلى سبيل المثال حين تتوجه إلى مؤسسة الأهرام، للحصول على ملف عن شخصية ما، مثل أحمد عبدالمعطى حجازى، ستتفاجأ أن الملف صغير للغاية.

هناك أزمة أخرى، وهى أن تصوير الصفحة الواحدة من الأرشيف يتكلف نحو ٦٠ جنيهًا، سواء فى دار الهلال أم الأهرام، بينما تم إنشاء مشروع شخصى باسم «أرشيف المجلات الثقافية»، عمل على تجميع العديد من الملفات، ووفرها بشكل إلكترونى، وهذا المشروع نفذه محمد الشارخ، وهو شخص مثقف، ومتأثر بمصر للغاية.

حين تذهب إلى جريدة «الوادى» للحصول على ملف ما، ستجد العدد الأول، ثم العدد الثالث، ثم العدد السابع، وليست هناك أشياء متصلة ببعضها، والباحث بشكل عام يفضل دائمًا أن يرى: إلى أين وصلت القضية؟ وكل التفاصيل دون أى فجوات، لكن نحن الآن نملك أرشيفًا مليئًا بالفجوات.

كانت لدينا فى الماضى مجلة فنية اسمها «الصباح»، وكان يصدر معها كتاب، يتم وضعه فى دار الكتب، وصدرت عنها مذكرات نجيب الريحانى، وحين ذهبت بنفسى إلى دار الكتب، للحصول على رواية شهدى عطية «حارة أم الحسينى»، أبلغونى بأنها فى الترميم، وغير متوافرة، ولكن من خلال علاقاتى الشخصية، تم فتح بوابة الدار لى على مصراعيها، وحصلت على الرواية.

■ كيف أثر غياب الأرشيف فى المؤسسات الصحفية على عمل الباحثين؟

- يعانى الأرشيف مشكلة كبيرة للغاية، ويحتاج إلى اهتمام بالغ لاستعادة الأمور التى انهارت، وأتذكر ما كتبه الدكتور نصار عبدالله، أستاذ الفلسفة الكبير، عن فرع دار الكتب الموجود فى طهطا، وكان يحتوى على ٨٥٠ مخطوطة، وأذكر أن مديرى هذا الفرع كانوا متخوفين من حدوث سرقات، وكانوا يعقدون الأمور أمام الباحثين دائمًا، وهذا ما كان يحدث أيضًا فى مكتبة البلدية فى الإسكندرية.

بعد خوضى هذه التجارب الصعبة مع الأرشيف المصرى، قررت شراء أرشيف جريدة المساء بالكامل، وبما فيه روايات شهدى عطية؛ لأن جريدة المساء التى صدرت فى ٦ أكتوبر ١٩٥٦ لا تقل أهمية فى الفترة الأولى الخاصة بها عن مجلة «صباح الخير»، وكان يعمل بها أشخاص كبار مثل طاهر عبدالحكيم.

والمؤسسات الصحفية فى مصر تعانى غياب الأرشيف حاليًا، وهذه مشكلة يشعر بها الباحثون بشكل أساسى، حين يبحثون عن معلومة ما ويرغبون فى توثيقها بأكثر من طرف؛ فاليوم نحن نختلف على معلومة نعيش تفاصيلها فى الوقت الحالى، فما بالك إذا كانت من الماضى؟

■ كيف تقيم دور دار الكتب بشأن الأرشيف المصرى؟

- حين ذهبت إلى أحد المشرفين على دار الكتب فى الآونة الأخيرة لسؤاله عن أوضاع الأرشيف الصحفى فى مصر، أبلغنى بأن اهتمامهم الأكبر حاليًا بالترميم فقط، وذلك يعتبر بالنسبة لهم أهم من تدشين مركز بيبلوجرافى لتجميع نواقص الأرشيف، وذلك رغم التعرض للعديد من السرقات أو الحوادث الطارئة مثل غرق المخازن، وهو ما تسبب فى ضياع مجلدات صحف بأعداد رهيبة.

أتذكر أيضًا كتاب «الأم» للإمام الشافعى، والذى دارت حوله أزمة، حين اكتشفوا أن هناك مجموعة تأخذ ممتلكات من دار الكتب وتطبعها فى الخارج بأموال طائلة للغاية؛ ومصر هى الدولة الوحيدة التى تمتلك أرشيفًا صحفيًا.

هناك باحثة مصرية كانت تعد كتابًا مهمًا للغاية، ولكنها لم تستطع الحصول على المعلومات التى تريدها باللغة العربية، فلجأت إلى مصادر أجنبية، وهنا تكمن الأزمة فى أن النص الأجنبى دائمًا ما يكون مغرضًا فى تحليلاته، خاصة فى الأغانى والموشحات، وذلك يتطلب إطلاق نداء جماعى حول أهمية تجميع وإعادة إنتاج الأرشيف المصرى مرة أخرى. الأرشيف هو ذاكرة الأمة وتاريخها والثروة المهمة للدولة بأكملها، فمن الضرورى الاهتمام بفكرة الأرشيف المصرى، وهذا من اختصاص دار الكتب المسئولة الأولى والأخيرة عن هذا الملف.

■ ما الحلول الممكنة لاستعادة مكانة الأرشيف فى دار الكتب؟

- نحتاج فى الوقت الحالى إلى تدشين مركز بيبلوجرافى داخل دار الكتب، بمعنى أننا سنأخذ الكتب الموجودة فى الجامعة الأمريكية ونوفرها للباحثين، وهذه مهمة الموظفين داخل الدار، الذين يعتبرون عاطلين عن العمل بشكل كبير، رغم تميزهم، ولكن المادة المتوافرة لا تساعدهم على مواكبة التطور.

فى الماضى أيضًا، كان الجمهور المصرى يعتاد على تقطيع الورق والصور من الجرائد والمجلات، ولكن هذا لم يعد يحدث، وتسبب فى ضياع كثير من الأرشيف المصرى، ومن المفترض أن يعمل هذا المركز البيبلوجرافى على تجميع النواقص من الأماكن التى تحتوى على الأرشيف.

يجب أيضًا على الكتاب والقراء الذين يمتلكون أى أرشيف صحفى من الماضى، أن يتقدموا به لهذا المركز، حتى يتم تصويره وإعادة إنتاجه من جديد؛ لأنه بسبب ما يحدث، ضاع العديد من الروايات التى تحولت لأفلام، مثل فيلم «الوردة البيضاء»، الذى لا يعلم أحد أنه مأخوذ من رواية أعدها محمد متولى، ثم تم إنتاجها فى فيلم سينمائى، وحدث خلاف كبير حينها، حين لم يكتب اسمه «متولى» على التتر ورفع قضية على صناعه.