رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء فلسطينيون: الخسائر الفادحة وراء إعلان إسرائيل إنهاء الاجتياح البرى لشمال غزة

الاجتياح البرى لغزة
الاجتياح البرى لغزة

أكد خبراء وسياسيون فلسطينيون أن إعلان وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلى، يوآف جالانت، عن انتهاء الاجتياح البرى لشمال غزة واقتراب انتهائه بالجنوب، جاء نتيجة خسائره الفادحة فى قطاع غزة، مع الأخذ فى الاعتبار احتمالية كون الإعلان الإسرائيلى مناورة أو خدعة.

عزيز العصا: حكومة نتنياهو لم تعد قادرة على مواجهة ضغط الشارع وشراسة المقاومة

قال عزيز العصا، الباحث والكاتب السياسى الفلسطينى، إن وزير جيش الاحتلال لم يتوقف عند هذه الأقوال، ولم يعلن توقف القتال، وإنما أكمل بالتلويح باستمرار استخدام القوة، دون أن يحدد مستوى تلك القوة ولا طبيعتها.

وأضاف أنه لا يجوز الاستعجال فى الحكم على الموقف من منطلق أنه إنهاء للقتال على الأرض، لأنه قد يكون وراء ذلك خدعة عسكرية، الهدف منها الخروج من تحت كثافة نيران المقاومة وشدتها التى أوجعتهم، لدرجة أنهم واجهوا صعوبات كبرى عند انسحابهم من هول نيران المقاومة التى لاحقتهم حتى النهاية.

وتابع «العصا»: «أخشى من إعادة تموضع قوات الاحتلال، والاستمرار فى التركيز على المدنيين، وذلك للتغطية على عجزهم عن تحقيق أى انتصار على مدى أكثر من ١٠٠ يوم». وأشار إلى أنه لا يستبعد خضوع القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية لضغط الشارع، والخضوع لشروط المقاومة بوقف إطلاق النار بشكل دائم، والتفاوض مع المقاومة وفق الواقع الذى فرضته نتائج الحرب على الأرض فى غزة، وكذلك الضفة التى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من انفجار يهدد أمن إسرائيل ويربك جميع حساباتها، ويتبع ذلك التهديد الحاصل على الحدود اللبنانية، وما يتطلبه من حشد للقوات على الحدود الشمالية، فى حين أن التهديد القادم من اليمن تكفلت أمريكا وبريطانيا بردعه.

وأوضح أن: النتيجة الأهم، حتى اللحظة، هى صمود أهل غزة، وأرض غزة، فوق سطحها وجوفها، وأزقتها، وحتى بيوتها المدمرة، جميعها قاتلت مع المقاومة، وكان لها الدور الأساسى فى الانتصار التاريخى الذى ننتظر إعلانه.

محمد سبيته: العدو يستعد لشن عمليات خاصة لاستهداف كبار قادة حماس

وقال القبطان محمد سبيته، القيادى فى حركة فتح مستشار سلطة الموانئ الفلسطينية السابق، إن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة نوع من الهزيمة النسبية المبكرة وإقرار بصعوبة المعركة مع المقاومة، وذلك بعد سحب مجموعة كبيرة من القوات من غزة وإرسالها إلى الضفة. وأضاف أن قادة الاحتلال يريدون إعادة جزء كبير من النازحين فى الجنوب خاصة فى خان يونس ورفح حتى يتفرغوا لشن عمليات خاصة، للوصول إلى المحتجزين وتصفية قادة حماس الذين يتخيلون أنهم موجودون فى خان يونس. وأوضح «سبيته» أن جيش الاحتلال الإسرائيلى يريد أن يبدأ المرحلة الثالثة من الحرب المخصصة للعمليات النوعية المحددة للقبض على قادة حماس أو تحرير الرهائن وسحب غالبية القوات من غزة.

جهاد أبولحية:الاحتلال أيقن فشله فى تنفيذ أهدافه

قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية، إن إعلان «جالانت» عن انتهاء الاجتياح البرى لشمال القطاع وسحب قوات إسرائيلية من القطاع وكانت آخرها الفرقة ٣٦، يؤكد أن إسرائيل باتت مقتنعة بأنها لن تستطيع تحقيق أى هدف من الأهداف المعلنة من إطلاق سراح المحتجزين أو القضاء على المقاومة الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين إلى خارج قطاع غزة. وأضاف: «بالتالى يعتبر وجود هذه القوات التى هى فى الأساس جزء منها مخصص لحماية الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة والجزء الآخر من الجيش الاحتياطى، لا مغزى له سوى أنه يتسبب فى استنزاف مالى لدولة الاحتلال، حيث لم تحقق كل هذه القوات العسكرية أى هدف عسكرى حقيقى، وكل ما حققته هو جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون الدولى». وأوضح أن سحب فرق عسكرية إسرائيلية من القطاع لا يعنى أنه نهاية العدوان الإسرائيلى على غزة، لأنه ما زالت هناك ٣ فرق كاملة ما زالت فى غزة، وإنما يمكن إدراجه فى سياق المصلحة الاقتصادية الإسرائيلية.

وأكد أستاذ القانون والنظم السياسية أن الاقتصاد الإسرائيلى يعانى بشكل كبير، حيث تصل تكلفة اليوم الواحد للعدوان الإسرائيلى على غزة إلى ٢٥٧ مليون دولار، وهذه تكلفة باهظة جدًا وأثرت بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلى الذى يتدهور يومًا بعد يوم مع استمرار العدوان على غزة، حيث وصلت فاتورة هذا العدوان الإسرائيلى إلى ما يزيد على ٦٠ مليار دولار خسائر، وهو رقم ضخم جدًا فى فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الأربعة أشهر، لذلك يمكن أن يكون هذا الانسحاب للفرق والألوية العسكرية من أجل تقليل هذه الفاتورة الباهظة.

عماد عمر:المخطط التمركز على الحدود وتنفيذ عمليات اغتيال واستهداف المواطنين الفلسطينيين

قال الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، إن تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلى عن إنهاء العملية البرية فى شمال القطاع بعد انسحاب الفرقة ٣٦ من مدينة غزة والشمال، وقرب الانتهاء من الجنوب، تأتى ضمن المرحلة الثالثة للحرب التى ينفذها الاحتلال وتتضمن إنهاء العملية البرية وإعادة تمركز القوات على المناطق الحدودية، والاستمرار فى عمليات القتل والاستهداف للفلسطينيين، ولكن بطرق أخرى تتضمن عمليات اغتيال.

وأضاف «عمر» أن ذلك الانسحاب جاء بضغوط أمريكية ودولية، خوفًا من اتساع رقعة الحرب، ومن أن تمتد إلى الشمال مع حزب الله، وتصبح حربًا إقليمية، خاصة فى ظل ما ينفذه الحوثيون من قطع لطرق التجارة العالمية واستهداف السفن التجارية، وما لحقها من ضربة عسكرية أمريكية استهدفت بعض المراكز الحيوية فى اليمن.

ورأى أن انسحاب الاحتلال من المناطق الفلسطينية، سواء فى شمال القطاع أو جنوبه وإنهاء العملية العسكرية من جانب واحد، دون اتفاق يضمن عدم المساس بحياة المواطنين، خاصة قادة الفصائل الفلسطينية، وإعادة الإعمار وفتح المعابر- هو أمر خطير جدًا، ويذكرنا بانسحاب رئيس الوزراء السابق أرئيل شارون من غزة من طرف واحد، دون شروط أو أى اتفاق، وهذا يترك الفلسطينيين أمام كارثة جديدة، وهى ما طبيعة اليوم الذى يلى الحرب، وكيف سيدير الفلسطينيون أمور حياتهم، خاصة فيما يتعلق بالإعمار ورفع الحصار وتأمين حياة كريمة للمواطن الفلسطينى.

وبيّن أن إسرائيل لم تحقق أيًا من أهداف الحرب التى أعلنت عنها، والتى تتضمن العثور على المحتجزين الإسرائيليين وتحريرهم، والقضاء على قيادات المقاومة الفلسطينية، إلى جانب تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء المصرية أو دول أخرى، بل إنها تكبدت خسائر فادحة فى جيشها وعتادها واقتصادها، وخسر بنيامين نتنياهو وقادة أحزاب اليمين المتطرف- أمثال بن غفير وسموتريتش- مصداقيتهم أمام الجمهور الإسرائيلى، وتراجعت أصواتهم فى كل الاستطلاعات المعلنة فى إسرائيل. واستطرد بأن إسرائيل أثبتت أمام العالم أنها دولة فصل عنصرى، ترتكب مجازر إبادة جماعية وجرائم حرب ضد الإنسانية فى قطاع غزة، من خلال استهداف الأطفال والنساء وكبار السن، وتدمير كل مقومات الحياة واستهداف المستشفيات والطواقم الطبية ورجال الإسعاف والصحفيين، لإجبار الفلسطينيين على النزوح والهجرة، وإسكات وقتل رجال الإعلام خوفًا من فضح الاحتلال وجرائمه التى ارتُكبت بحق الأبرياء الآمنين فى بيوتهم، ولكن ها هو الاحتلال يجلى قواته، وما زال الشعب الفلسطينى صامدًا على أرضه متمسكًا بها. وشدد على أن الخيار العسكرى لم ينهِ الصراع مع الفلسطينيين، لأن لهم الحق، ولا بد من الاعتراف به، وإنهاء هذا الاحتلال كى تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار.