رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة العقبة الثلاثية

العدوان الإسرائيلى المتواصل، منذ ٩٧ يومًا، على قطاع غزة والأراضى الفلسطينية إجمالًا، لا يزال على قائمة أولويات الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكان محور مناقشاته مع وفدى الكونجرس الأمريكى، اللذين استقبلهما، الأربعاء والخميس الماضيين. كما تناوله، أيضًا، مع أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الإثنين الماضى، خلال لقاء استبق به جلسة مباحثات موسعة مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس، الذى التقاه، مجددًا، أمس، فى العقبة، مع العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى.

قمة أمس هى الثالثة، التى تجمع القادة الثلاثة، خلال سنة واحدة، والخامسة منذ إطلاق صيغة التنسيق المصرية الأردنية الفلسطينية، إذ كانوا قد اجتمعوا فى ٣٠ مارس ٢٠١٧، على هامش القمة العربية، بالبحر الميت، وفى ٢ سبتمبر ٢٠٢١ و١٧ يناير ٢٠٢٣ بالقاهرة، ثم فى ١٤ أغسطس الماضى، بمدينة العلمين الجديدة. وخلال القمم الأربع، اتفقوا على استمرار التشاور والتنسيق المكثف من أجل بلورة تصور لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وإحياء عملية السلام، والعمل مع الأشقاء العرب، والشركاء الدوليين، على التوصل إلى تسوية سياسية تعيد للشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة، وفى مقدمتها حقه فى دولة مستقلة ذات سيادة، قابلة للحياة، على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. 

تناول القادة الثلاثة، أيضًا، ملف إنهاء الانقسام الفلسطينى، الذى كان الهدف الأساسى، أو العنوان العريض، لاجتماع الأمناء العامين للفصائل، فى أغسطس الماضى، بمدينة العلمين، قبيل قمتهم الرابعة، والذى جاءت رعاية مصر له، استكمالًا لدورها المحورى الداعم للقضية الفلسطينية، واستمرارًا لجهودها من أجل تحقيق المصالحة الوطنية، ولم شمل كل الفصائل، وتعزيز مكانة ودور منظمة التحرير، بصفتها الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى، تمهيدًا لإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

فى ظرف وسياق مختلفين، جاءت قمة أمس، التى تشاور خلالها القادة الثلاثة بشأن التصعيد العسكرى الإسرائيلى فى قطاع غزة، والتطورات فى الضفة الغربية المحتلة، التى تصاعدت فيها، هى الأخرى، أعمال العنف والاقتحامات العسكرية الإسرائيلية، بشكل ملحوظ، منذ ٧ أكتوبر الماضى. كما جددوا رفضهم مخططات تهجير الفلسطينيين، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وناقشوا سبل دفع وتكثيف الجهود الرامية للوقف الفورى لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وإنقاذ أهالى القطاع من المأساة الإنسانية الجارية. وفى هذا السياق، استعرض الرئيس السيسى الجهود المصرية لوقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، وقام بعرض رؤية مصر لكيفية تجنب اتساع نطاق الصراع، والتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يحقق الأمن والاستقرار المستدامين لكل شعوب المنطقة. 

سبق القمة الثلاثية، بساعات قليلة، اجتماع الرئيس الفلسطينى محمود عباس، بمقر الرئاسة الفلسطينية، فى رام الله، مع أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، الذى جرى خلاله تناول آخر مستجدات الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية، والجهود المبذولة لوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، والضفة الغربية، بما فيها القدس، قبل أن يحذّر الرئيس الفلسطينى من خطورة ما تقوم به سلطات الاحتلال من إجراءات تهدف لتهجير أبناء الشعب الفلسطينى من قطاع غزة، أو الضفة الغربية، بما فيها القدس، التى كشفتها التصريحات الصادرة عن وزراء ومسئولين إسرائيليين، والتى تدعو لطرد الشعب الفلسطينى من أرضه. ومجددًا، شدّد الرئيس الفلسطينى، على الرفض الكامل لتهجير أى مواطن فلسطينى، وأكد أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية ولا يمكن قبول فصله أو اقتطاع جزء منه.

.. وأخيرًا، ننتظر أن يتلقى وزير الخارجية الأمريكى، اليوم الخميس، درسًا جديدًا، وبعض التحذيرات، فى القاهرة، التى سيختتم بها رابع جولاته فى منطقة الشرق الأوسط، خلال ثلاثة أشهر، أو منذ بداية العدوان الإسرائيلى، والتى قيل، كما أشرنا، أمس، إن هدفها هو منع اشتعال جبهات أخرى فى منطقة الشرق الأوسط، فى حين يقول الواقع إن المنطقة تتأرجح على شفا حرب واسعة النطاق، بعد أن وسّعت إسرائيل ميادين مواجهاتها وتخطّت مرحلة تبادل قصف المواقع، مع «حزب الله»، إلى الاغتيالات، والعمليات العسكرية، التى تجاوزت جنوبى لبنان إلى سوريا ومعقل الحزب فى الضاحية الجنوبية لبيروت.