رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء يجيبون عن السؤال: لماذا تسببت «السوشيال ميديا» فى تزايد معدلات الطلاق والخلع فى المجتمع؟

الطلاق والخلع فى
الطلاق والخلع فى المجتمع

لعبت وسائل التواصل الاجتماعى بمختلف أنواعها، دورًا مهمًا فى تشكيل طبيعة حياتنا الاجتماعية والأسرية، وأدى الانفتاح الذى خلقته هذه الوسائل، إلى إحداث عزلة بين كل أفراد الأسرة، ما أثر بشكل كبير على استقرار البيت المصرى، وأدى لتفاقم المشاكل والخلافات فى الحياة الأسرية.

فى التقرير التالى، تتناول «الدستور» أبعاد تلك الأزمة، وكيف أدت إلى تزايد نسب الطلاق وحالات الخلع بين الأزواج داخل الأسرة المصرية.

المستشار رواد حما: تسلل المحتوى الغربى إلى بيوتنا أدى لتفاقم المشاجرات وفشل ترتيب الأولويات

قال المستشار رواد حما، رئيس محكمة الأسرة والجنح سابقًا، إن المصريين صاروا يتعاملون مع وسائل التواصل الاجتماعى بشكل هائل خلال الـ١٠ سنوات الأخيرة، خاصة بعد ما أصبحت الأجهزة والهواتف فى أيد الجميع سواء بالغين أو أطفالًا. 

وأضاف: «المشكلة الأساسية التى أصبحت تواجهنا فى الوقت الحالى، أن الاطلاع على وسائل التواصل الاجتماعى ليس مقتصرًا فقط على الأمور الداخلية بمصر، لكننا أصبحنا منفتحين على العالم وبالأخص العالم الغربى، لأن صناع السوشيال ميديا أغلبهم من المجتمع الغربى، فى ظل الفضول الذى اجتاح الأسر المصرية لمعرفة ما يحدث فى الغرب».

وتابع: «المجتمع الغربى له تقاليده وعاداته المختلفة والبعيدة كل البعد عن تقاليدنا وعاداتنا كمصريين ومسلمين بالأخص، ومع الأسف قلدنا كل ما هو موجود على السوشيال ميديا، ومحتويات الفيديوهات وبرامج التيك توك أثرت بشكل واضح وكبير على أسرنا المصرية وطباعها، فهذه الفيديوهات رسخت الكثير من المفاهيم الخاطئة التى هى بعيدة عن تقاليدنا وديننا».

وأكمل: «من هذه التقاليد ترسيخ فكرة مساواة المرأة مع الرجل فى حقها فى الميراث، إلى جانب ترتيب الأولويات فى العمل وفى منزل الزوجية، فأصبح هناك تطور للأهداف لدى المرأة لم تكن موجودة من قبل، وطباع الرجل الشرقى لا تقبل بذلك، فأدى ذلك إلى نشوب مشاكل ومشاجرات كثيرة».

وأردف: «أصبحت العلاقات مفتوحة على وسائل السوشيال ميديا، وبالأخص فى العلاقات الزوجية، وسيطرت وسائل السوشيال الميديا على أغلب الأوقات المخصصة للعائلة، ما أدى إلى إحداث تقصير كامل تجاه الأبناء، إضافة إلى عدم وجود تواصل مباشر ولا لغة حوار أو تفاهم، وأصبح التباعد والتواجد خلف الشاشات، السائد بين معظم الأسر».

وأكمل: «أدى ذلك لكثرة المشاجرات والمشاحنات، فتجد أن كلا الطرفين يرى أن الانفصال هو الحل الأسلم، وفى محاكم الأسرة نجد أن نسبة الخلع زادت ٧٠٪ على قضايا الطلاق لسهولة إجراءاته، ومعظمها بسبب مشاكل السوشيال ميديا، فمنها ما يكون السبب الرئيسى فى الخيانة، أو يكون بسبب التعارف والصداقات الكثيرة على مواقع التواصل الاجتماعى».

وقال: «نجد أن معظم الناس أصبح لديه رغبة فى نشر كل ما يخص حياته الشخصية من تنزهات أو سفر وغيره على السوشيال ميديا، فنجد هنا جزئية المقارنة مع حياة الغير، ويكون هذا سببًا رئيسيًا فى المشاكل الزوجية، بسبب رغبة الزوجة فى التنزه أو شراء شىء معين مثل صديقتها مثلًا، فى ظل أن الحالة المادية تختلف من أسرة لأسرة».

وأكمل: «لن يحق لأى زوج أو زوجة تحرير دعوى تطليق للزنا، بسبب علاقة مقامة على وسائل التواصل الاجتماعى، سواء اتصالًا أو محادثات خارجة، لكن تقام الدعوى مع وجود علاقة قائمة فى منزل الزوجية مع وجود شهود».

وقال إن الجرائم التى نواجهها على الإنترنت، سواء محتويات بذيئة أو تشهيرًا أو معلومات مغلوطة، أصبحت من اختصاص المحاكم الاقتصادية بمعايير خاصة، وبعقوبات رادعة مثل «البلوجرز» التى تم ضبطهم الفترة الماضية؛ بسبب تحريضهم على الفسق وتهديدهم القيم والأخلاق.

سعيد صادق: الثقافة الرقمية أصبحت سائدة.. وعلينا تعليم الأبناء التعامل مع الانفتاح 

أوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ الاجتماع السياسى بجامعة مصر اليابان، أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت هى الإعلام الشعبى السائد فى العالم حاليًا، بعدما أصبح الجميع يكتسب معلوماته من «السوشيال ميديا» والمواقع بأنواعها، التى حلت فى المركز الأول فى تداول المعلومات والأخبار لدى الأجيال الجديدة، ما يختلف عن الأجيال السابقة، التى كانت تتلقى معلوماتها من الراديو أو التليفزيون.

وقال: «حاليًا نجد الطلاب فى الجامعات مرتبطين بـ(السوشيال ميديا) وعدد اللايكات ونشر الفيديوهات، لأنها أصبحت إدمانًا يعانى منه الصغار والكبار، ما تسبب فى تشتت ملحوظ فى العلاقات العائلية، فالأجيال السابقة ترغب فى التعامل على أساس العلاقات المباشرة والمقابلات الفعلية والتواصل الهاتفى، بعكس الجيل الجديد، الذى يفضل التعاملات من خلف شاشات الإنترنت، حتى فى أبسط الأشياء، مثل الاطمئنان على المقربين، والقيام بواجبات التهنئة والعزاء، وغيرها».

وأضاف «الثقافة الرقمية أصبحت السائدة والأسهل والأسرع لدى الجيل الجديد، وهذا أسس نوعًا جديدًا من العلاقات، هو (العلاقات الرقمية)، ونحن لن نستطيع حماية أبنائنا وبيوتنا من البرامج والمواقع و(السوشيال ميديا)، لأننا فى عصر يتاح به كل شىء، فبرنامج مثل «التيك توك» موجود بالعالم كله برغم عيوبه، ورغم نشره معلومات خاطئة وأشياء غير مألوفة أحيانًا، لكنه أيضًا أتاح لكثير من الشباب استعراض مواهبهم دون وساطة، وأتاح لكل موهوب فرصة لإظهار موهبته».

وناشد الجهات المختصة التراخى أحيانًا عن محاسبة الشباب والفتيات الذين يظهرون على وسائل التواصل الاجتماعى وهم يرقصون مثلًا، مع عدم التعامل معهم بما يدمر مستقبلهم، مثل الحبس أو الفصل من الدراسة أو غير ذلك، داعيًا المدارس إلى تدريس كيفية التعامل مع الإعلام، لتعليم الأبناء التعامل مع الانفتاح الحالى بشكل صحيح، وعدم الانصياع خلف المعلومات الخاطئة، مع توضيح أهمية ومخاطر «السوشيال ميديا»، ومزاياها وعيوبها.

وأكد أن مواقع التواصل الاجتماعى بريئة من تزايد الخلافات الزوجية، لأن العلاقات القوية بين الزوجين يجب أن تكون أساس الزواج، معتبرًا أن بعض الأزواج والزوجات يتخذون من «السوشيال ميديا» شماعة لتعليق أخطائهم عليها، خاصة أن التعارف والصداقات المتاحة بشكل أكبر على الإنترنت لا تختلف عن مثيلتها التى تحدث فى أى ناد أو كافيه أو أى مكان عام. 

وتابع «إذا كانت العلاقة بين الزوجين قوية ومبنية على الحب والاحترام، فلن تحدث أى خيانات أو علاقات خارجة، سواء فى الحقيقة أو على السوشيال ميديا، لكن إذا كان بالعلاقات شرخ من البداية، فإن هذا هو ما يفتح الباب للخيانات، سواء عبر السوشيال ميديا أو غيرها».

خبيرة علاقات أسرية: إفشاء الحياة الزوجية عبر البث المباشر بحثًا عن «اللايك»

قالت نيفين السيد، خبيرة اجتماعية بشئون الأسرة، إن إدمان مواقع التواصل الاجتماعى وانشغال كل فرد من أفراد الأسرة بهاتفه تسببا فى حالة من العجز وعدم التفاعل بالطريقة الصحيحة، مؤكدة أن «السوشيال ميديا» كانت السبب الرئيسى فى وجود مشاحنات بين الأزواج.

وأضافت: «أحد الطرفين يتعرض لمضمون معين على مواقع التواصل الاجتماعى، ويبدأ فى تطبيق ذلك على شريكه والتقليل منه وما إلى ذلك من العبارات والأفعال، التى تكون نتيجتها فى النهاية الانفصال».

وأوضحت أن واحدة من المشكلات التى يواجهها الكثيرون، هى استخدام البث المباشر وإفشاء أسرار الحياة الزوجية أمام الجميع رغبة فى تجميع أكبر عدد من المشاهدين، مضيفة: «لن تقف المشكلة عند هذا الحد فقط، بل أصبحت الأزمة الأكبر فى الجيل الأصغر الذى يقلد كل ما يراه فى وسائل التواصل الاجتماعى، فضلًا عن عدم شعور الأبناء باهتمام كافٍ من عائلتهم بالأخص فى فترات المراهقة، التى من السهل استغلالهم فيها بشكل كبير على هذه المواقع».

وأشارت إلى أن سهولة التواصل مع الأشخاص عبر «السوشيال ميديا»، أسهمت أيضًا فى زيادة معدل الطلاق، مضيفة: «بعض الأشخاص يبحثون عن الحب القديم هروبًا من المشاكل الزوجية، ما تسبب فى زيادة نسب الطلاق والخلع».

وتابعت: «هناك أيضًا مشكلة أخرى يعانى منها الكثير من الأشخاص بعد مشاركة حياته وأسراره عبر السوشيال ميديا، وهى الابتزاز الخارجى الذى يصبح الشخص معرضًا له فى كل وقت».